قدم المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الانسان ، الثلاثاء 24 ماي، مذكرة استعجالية بخصوص مشروع القانون رقم 12-19 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين تدعو بقوة المشرع إلى ضرورة الالتزام بسن 18 سنة كحد أدنى بالنسبة لهذا القانون . و عللت المنظمة مذكرنها بسبب ما أثار مشروع قانون العمال المنزليين من نقاشات واسعة ارتكزت بالأساس حول سن التشغيل، والذي حدد ه المشروع في 16 سنة كحد أدنى.
وقالت المنظمة في مذكرنها أنها تابعت الموضوع بالمناقشة والمرافعة ضمن الائتلاف الجمعوي من أجل حظر تشغيل القاصرات في العمل المنزلي؛ وإذ تسجل ايجابية وضع قانون خاص بهذه الفئة التي تشمل العاملات والعاملين في البيوت من جهة، ومن جهة ثانية تحديد المهام المنوطة بها وساعات العمل... فإن المنظمة المغربية لحقوق الانسان تتشبث كلية بمفهوم الطفل انطلاقا من:
أولا: اتفاقية حقوق الطفل :
التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 نوفمبر 1989 ، تاريخ بدء النفاذ: 2 سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49 ؛
تنص المادة الاولى منها على أن الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك، بموجب القانون المنطبق عليه؛
وتنص المادة 32 على:
تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا، أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
تتخذ الدول الأطراف التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة. ولهذا الغرض، ومع مراعاة أحكام الصكوك الدولية الأخرى ذات الصلة، تقوم الدول الأطراف بوجه خاص بما يلي:
أ- تحديد عمر أدنى أو أعمار دنيا للالتحاق بعمل،
ب- وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه،
ج - فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة لضمان بغية إنفاذ هذه المادة بفعالية.
وقد صادق المغرب على هذه الاتفاقية بظهير رقم 4-93-4 الصادر في 14 يونيو 1993 ودخلت حيز النفاذ وطنيا في 21 يوليوز 1993 وصدرت بالجريدة الرسمية عدد 4440 بتاريخ 19 دجنبر 1996.
ثانيا: المعايير الدولية لتشغيل الأطفال:
اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182/(1999) بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها (صادق عليها المغرب في 26/01/2001). والتي تنص على:
المادة الأولى : تتخذ كل دولة تصدق على هذه الاتفاقية بسرعة ودون إبطاء، تدابير فورية وفعالة تكفل بموجبها حظر أسوأ أشكال عمل الاطفال والقضاء عليها؛
المادة الثانية : يطبق تعبير " الطفل " في مفهوم هذه الاتفاقية، على جميع الاشخاص دون سن الثامنة عشر؛
المادة الثالثة: يشمل أسوأ أشكال عمل الاطفال في مفهوم هذه الاتفاقية ما يلي:
الفقرة (د): الأعمال التي يرجح أن تؤدي بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي يزاول فيها إلى الإضرار بصحة الأطفال وسلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.
اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 (1973) بشأن الحد الأدنى لسن التشغيل ( صادق عليها المغرب في 6/1/2000 ) والتي تنص على:
المادة الاولى : تتعهد كل دولة عضو تكون هذه الاتفاقية نافذة بالنسبة لها باتباع سياسية وطنية ترمي إلى القضاء فعليا على عمل الأطفال وإلى رفع الحد الأدنى لسن الاستخدام أو العمل بصورة تدريجية الى مستوى يتفق مع النمو البدني والذهني للأحداث؛
المادة الثالثة : لا يجوز أن يقل الحد الأدنى للسن عن 18 سنة للقبول في أي نوع من أنواع الاستخدام أو العمل التي يحتمل أن يعرض للخطر صحة وسلامة أو أخلاق الأحداث بسبب طبيعته أو الظروف التي يؤدى فيها.
سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية
للتذكير فإن شروط إعمال مبدأ سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية متوفرة في هذا المشروع والتي تتحدد في:
المصادقة؛
احترام الدستور؛
النشر في الجريدة الرسمية.
وضعية تشغيل القاصرات في العمل المنزلي بالمغرب
ومن المؤكد أن ظاهرة تشغيل الأطفال القاصرين في المغرب قد أثارت نقاشا واسعا وأحيانا جادا ومحرجا بالنسبة للسلطات خاصة بعد نشر تقرير من طرف الجمعية البريطانية لمحاربة الاسترقاق والدفاع على حقوق الانسان.
وقد اضطرت السلطات المغربية الى الانخراط في الجهود الدولية وخاصة منظمة العمل الدولية لمعالجة هذه الظاهرة وخاصة في إطار برنامج هذه المنظمة (IPIC).
ضرورة التذكير بالملاحظات الختامية بشأن التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الثالث والرابع للمغرب المقدمين للجنة حقوق الطفل و المؤرخ ب 14 اكتوبر 2014 والذي نص على:
65- تحض اللجنة الدولة الطرف على ما يلي:
(أ) اتخاذ تدابير فورية وحازمة لانتشال الفتيات العاملات خادمات منازل من ظروف العمل الظالمة، وتوفير التعليم لهن، بما فيه التدريب المهني، وإمداد اللجنة في تقريرها الدوري المقبل بمعلومات وافية عن تلك التدابير وما تمخضت عنه من نتائج؛
(ب) السهر على إنفاذ فعال للقوانين التي تحظر تشغيل الأطفال دون سن 15 وأشكال عمل الأطفال دون سن 18 المحفوفة بالمخاطر، بما في ذلك الخدمة المنزلية، ومعاقبة من يستغلون الأطفال وفق القانون.
(ج) تدعيم تفتيش العمل وتخويل المفتشين، قانوناً، دخول المنازل الخاصة، وترتيب تدخلاتهم حسب الأولوية لإنقاذ الأطفال من الاستغلال الاقتصادي؛
(د) النظر في التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين؛
(ه) التماس المساعدة التقنية في هذا الصدد من البرنامج الدولي لمنظمة العمل الدولية للقضاء على عمل الأطفال.
خلاصات وتوصيات
انطلاقا من كون الاتفاقيات الدولية الثلاث تتفق على:
مفهوم الطفل ؛
أشكال الاستغلال الاقتصادي والمساس بصحة الاطفال وسلامتهم ونموهم جسديا وعقليا وروحيا ومعنويا واجتماعيا.
عدم تعريض الأحداث للمخاطر وحمايتهم منها ,
فإنه لايمكن نفي صبغة الخطورة هاته على الخدمة المنزلية إذ أن جميع الدراسات التي أنجزتها منظمة العمل الدولية حول العمال المنزليين، تؤكد على المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء وخاصة الطفلات القاصرات والأطفال القاصرين بسبب ظروف العمل.
ولذلك، فإنها تعتبر العمل المنزلي من الأشكال القاسية والخطيرة للعمل الذي يجب حظر أدائه من طرف الأطفال القاصرين (دون سن 18 سنة) تبعا للاتفاقية 182 السابقة الذكر.
وقد عددت أهم مظاهر ذلك في طول ساعات العمل واستعمال المواد الكيماوية السامة، حمل الأثقال، استعمال أدوات حادة، السكن في ظروف غير ملائمة. المعاملة القاسية والمهنية للكرامة البشرية. التعرض لكل أشكال العنف اللفظي والجسدي، التحرش الجنسي.
وتزداد حدة هذه المخاطر، عندما يكون القاصر أو القاصرة مقيمة بالبيت الذي تشتغل فيه وهذا هو الغالب (من مقال لمنظمة العمل الدولية، منشور بصفحته الرسمية الإلكترونية بعنوان " تشغيل الأطفال والعمل المنزلي")...؛
توضيحا لضرورة الاشارة إلى التمييز بين العمل في إطار المقاولة أو محل للعمل ، فلاحي، صناعي، تجاري وبين العمل في إطار المنزل؛
استحضارا للإتفاقيات الدولية ذات الصلة والتي أشرنا إليها سابقا، فإن تحديد السن الأدنى للشغل من طرف القانون الوطني، لابد أن يراعي هذا التمييز ليس فقط اعتبارا لخطورة الأشغال المسندة في إطار العمل المنزلي أو على القلق من قساوتها وتقلها. بل أيضا باعتبار صعوبة اخضاع المنزل للرقابة والتفتيش من طرف الجهاز الموكول له مراقبة تطبيق قانون الشغل؛
تذكيرا بمواقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمنظمات الحقوقية وتنظيمات المجتمع المدني، التي عبرت عن ضرورة رفع سن التشغيل في الخدمة المنزلية إلى 18 سنة؛
تأكيدا لموقف المنظمة المغربية لحقوق الانسان الذي ما فتئت تؤكد عليه بخصوص المعالجة الشمولية لظاهرة تشغيل الأطفال والقاصرين معالجة تنطلق من تعميم التمدرس، وتفعيل قانون الإلزامية، ومعالجة الهدر المدرسي، والهشاشة الاجتماعية ، باعتبار أن ذلك يشكل الأسباب الرئيسية لظاهرة تشغيل القاصرين، وخاصة في الخدمة المنزلية مع ما ينتج عن ذلك من حالات عنف ومعاملة مهينة للكرامة البشرية، وحالات التحرش والاغتصاب الجنسي...إلخ؛
إقرارا لما يتعرض له القاصر (ة) (دون 18 سنة) من ظروف عمل قاسية، وما يتعرضون له من مخاطر في المقاولات الإنتاجية والاستغلالات الفلاحية، رغم ما تتضمنه مدونة الشغل من تدابير حمائية بالنسبة لهؤلاء فيما يخص الأشغال الشاقة والعمل الليلي....إلخ... رغم أن مدونة الشغل تحدد سن التشغيل في القطاعات المشمولة بأحكامها (المقاولات الإنتاجية) في سن أدنى لا يقل عن 15 سنة، فإن هذا ليس مبررا للدفاع عن إقرار سن التشغيل الأدنى في 16 سنة بالنسبة للخدمة المنزلية للاعتبارات التي ذكرناها سالفا، ولا قياس مع وجود الفارق، لأننا بصدد قانون خاص لا يدخل في حكم مدونة الشغل ،خاصة وأن العمل يتم في إطار مجال محصن بمبدأ الحرمة ولا تطاله رقابة جهاز تفتيش الشغل.
وتدعو المنظمة المغربية لحقوق الانسان بقوة المشرع إلى ضرورة الالتزام بسن 18 سنة كحد أدنى بالنسبة لهذا القانون.