بعد نجاح العملية الثانية قام الجاني وأفراد تنظيمه الإجرامي الذين اكتسبوا الثقة في النفس، بعد تخطيط دقيق، سرقة سيارة لنقل الأموال، حيث أعدوا العدة لعمليتهم الأولى من هذا النوع، وقاموا بتجميع جميع المعطيات، ليشرعوا في مرحلة التنفيذ، مستعملين سيارة تم تغيير لوحاتها الترقيمية، تابعة لشركة يملكها زعيم العصابة، حيث ترصدوا سيارة نقل الأموال لحظة وقوفها أمام وكالة بنكية.
وتقدم الجاني بعد ركن سيارته على بعد 10 أمتار صوب سائق سيارة نقل الأموال التي دقّ في نافذتها، في الوقت الذي قام فيه الضحية بفتح باب سيارة معتقدا أن مرافقه عاد بعد توجهه صوب الوكالة البنكية، ليفاجأ بمسدس مصوّب نحوه، ما جعله يضرب زعيم العصابة بصندوق أزرق، ليقوم الأخير بإطلاق رصاصات عليه، ويقوم بإخراجه من السيارة، ليتكلف هو ومرافقه بنقل الأموال إلى السيارة، وذلك أمام أعين موظفي الوكالة وبعض المواطنين.
العملية مكنت الجناة من التحصل على 470 مليون سنتيم، و50 ألف أورو، و400 دولارـ ليفروا صوب وجهة مجهولة، موردا أن تجمع المواطنين حول السائق المصاب صعب من العثور على أدلة ميدانية تساعد على البحث، إضافة لاستعمال الفاعلين لأقنعة وقفازات، موردا أنهم قاموا بعد ذلك بإحراق جميع الملابس وكسر المسدسين المستعملين في عملية السطو ورميهم في مجاري المياه العادمة، حسب اعترافاتهم خلال التحقيقات.
عملية أخيرة فاشلة
وبخصوص العملية الأخيرة التي حاول من خلالها الجناة في الـ13 من غشت المنصرم، السطو على سيارة لنقل الأموال، جاءت بعد سنة ونصف من آخر عملية، حيث قام الفاعل الرئيسي ومرافقه برصد سيارة نقل الأموال، وعند توقفها أمام باب وكالة بنكية ونزول مرافق السائق لوحده، توجه زعيم التنظيم الإجرامي صوب السائق حاملا لقنبلة دخانية.
غير أن الجاني وجد الأبواب مغلقة ليقوم برميها صوب الوكالة البنكية للتشويش على كاميرات التصوير وإخافة الموظفين، قبل أن يقوم مرافقة بحمل آلة لقطع الحديد، ليصطدم بوجود الأبواب في وضعية إغلاق، ما أجبر الفاعل الرئيسي على إطلاق أزيد من عشرين رصاصة على سائق العربة دون أن ينال منه، بحكم أن الزجاج مضاد للرصاص، حيث أقدم السائق على تشغيل محرك السيارة والفرار، ما جعل الفاعلين يعودان بخفي حنين من عملية لم يكونا على علم أنها ستكون الأخيرة في مسارهما الإجرامي.
مسار إجرامي حافل ببلجيكا
و فيما يخص الاسلحة المستعملة علم أن زعيم الشبكة المفككة التقى عنصر متخصص في تهريب السلاح بالسجن سنة 2003 حيث كانا يقضيان عقوبة حبسية من أجل السطو المسلح ببيلجيكا ، قبل أن يخرج ملتزما دينيا. اما جميع المحجوزات التي وجد 80% منها بضيعة زعيم العصابة الذي كان يستعد لزراعة القنب الهندي و الماريخوانا. حيث عثر المحققون على منبت بأحد المنازل تتم فيه زراعة وتصنيع مخدر الماريخوانا باستعمال أساليب تقنية متطورة، حيث أورد الفريق العلمي التابع للشرطة القضائية، أن أفراد الشبكة كانوا يقومون بزراعة النبتة وتوفير الظروف الملائمة لنموها.
وهكذا تم حجز مسخنات لضمان حرارة مرتفعة بالمنبت، ومروحيات هوائية لتجديد الهواء، وصهاريج بلاستيكية، وأغطية عاكسة للضوء وأسمدة وأليات كهربائية أخرى، وكميات جاهزة للاستهلاك، حيث أكد رئيس المكتب المركزي أن زعيم العصابة كان مدمنا عليها ويزرعها للاستعمال الشخصي، مؤكدا أن ذلك لا يمنع من نشاطهم في الاتجار الدولي للمخدرات.
أما أخطر الأسلحة التي تم حجزها لدى العصابة ، فتتكون من رشاش حربي من نوع كلاشنكوف تستطيع خزاناته حمل 190 رصاصة، وبندقيتين تحملان على الأكتاف، وخزانات للرصاص وخراطيش من أنواع مختلفة، وقنابل باعثة لدخان رمادي قادر على حجب الرؤيا للمتواجدين بالمحيط والتشويش على كاميرات المراقبة.
وتضمنت المحجوزات قارورات غاز تسبب حساسية مفرطة بالعين وتشل الحركة وتؤدي للوفاة بالنسبة للمصابين بمشاكل في القلب والتنفس، مخبرا أن الجاني كان يقوم بإخفائها داخل سيارة كبيرة الحجم، تفاديا لأي تفتيش محتمل لحظة توقيفه.
كما تم حجز صاعق كهربائي بتوتر يفوق الـ3500 واط، وأسلحة بيضاء عبارة عن خنجر وسيوف ونبال وعصي حديدية وخشبية، ومقلاع بكويرات مختلفة، وأصفاد، وكاشفات ضوئية يدوية، وجهاز لكشف المعادن، وأقنعة للتنكر والتخفي وقفازات وشعر مستعار، كما تم العثور على اللباس الرياضي الذي استعمله الجاني في آخر عملية سطو، والتي اعتبرت فاشلة.
ومن بين من تم العثور عليه بضيعة الجاني، آلة تستعمل لتزوير أرقام السيارات المعدنية، تعمل إلكترونيا وميكانيكيا، وألة إنذار تستعملها الشرطة، ومفاتيح سيارات فاخرة، وألة متطورة لصنع المفاتيح، وألة لقطع الإطارات الحديدية وكسر الأقفال، كما تم العثور على رسم تخطيطي لعملية سرقة وكالة بنكية.
وكشفت المحجوزات على أفراد الشبكة كانوا يقومون بتزوير الوثائق الإدارية المغربية والأوروبية، حيث عثر على ألة طباعة تستعمل لتزوير الوثائق، ومجموعة من المطبوعات الإدارية الفارغة، وأوراق للاستيراد المؤقت للسيارات ورخص سياقة وجوازات سفر وبطائق إقامة، وبطائق بنكية، ومبالغ من مالية من العملتين الوطنية والأجنبية.
وكان أيضا ضمن المحجوزات جهاز للتنصت على المكالمات، وأجهزة للرؤيا عن بعد لتحديد الأهداف، وجهز مزدوج للرؤيا مجهز بالأشعة الحمراء، وجهاز الكتروني لالتقاط المحادثات التي تتم عن بعد، وطائرة من الحجم الصغير بها كاميرا يتم التحكم فيها عن بعد ومجهزة بتلفاز صغير لتحديد الأهداف، وأجهزة لتفكيك أقنان السيارات لفتح وسرقتها، وهواتف نقالة، وهاتف لاسلكي يشتغل دون الحاجة للارتباط بشبكة للاتصالات، ويمكنه ضمان إجراء مكالمات دولية، وجهاز GPS للتتبع، وساعات يدوية مسروقة.
خاصة بأجهزة التشويش (SCANNER DE BROUILLAGE) التي استعملتها العصابة و يتعلق الأمر يتعلق بأجهزة حديثة للغاية تمكن أفراد العصابة من التشويش على الاتصالات الهاتفية القادمة من مختلف الفاعلين الهاتفيين المشتغلين في المغرب في المنطقة التي تشتغل بها العصابة والتي تمارس بها عملها الإجرامي.
تكنولوجيا للتجسس و التنصت
أما اخطر ما عثر عليه فيشمل أجهزة تشويش على الهواتف تضاف إليها أجهزة التقاط للذبذبات “VHF” التي تستعمل في راديوهات الأجهزة الأمنية وفي أجهزة الاتصال الموجودة لدى شركات نقل الأموال، وهو مامكن العصابة من أن تتبع بشكل دقيق مختلف تحركات هاته العربات الناقلة للأموال، وتتفادى التتبع الأمني لها أثناء الإعداد للعملية.
الأمر لايقف عند هذه الحدود بل يصل إلى استعمال العصابة لجهاز “ترانكر” أو “موشار” مكنها عبر لصق بطاقة ذكية صغيرة في أي هدف (سيارة أو عربة) من تتبع تحرك هاته العربة أينما ذهبت عن طريق هاتف نقال صغير، وعبر تقنية “الجيولوكاليزاسيون” أي تحديد المكان استطاعت العصابة أن تربح وقتا ثمينا مكنها من الإعداد لعمليتها التي فشلت في الختام بسبب يقظة أجهزة الأمن في المغرب.
العصابة اقتنت أيضا آلة كبرى “ترانسونوز” لقطع وتكسير الأبواب الفولاذية، وهي الآلة التي كان جاريا الإعداد لاستعمالها من أجل تكسير بوابة السيارة ناقلة الأموال التي تمت مهاجمتها يوم العملية، كما أن العصابة اعتمدت في اشتغالها على “الفيميجين” أو القنابل الدخانية أمام باب الوكالة البنكية التي هاجمت، حيث لم تستطع تسجيلات الكاميرات المثبتة في أبواب الوكالة من تسجيل أو تصوير أي شيء، لأن السياج الدخاني الذي أحدثته هاته القنابل الدخانية بين مسرح العمليات وباقي الجمهور كان كافيا لحجب الرؤية تماما عن الكاميرات.