سجل حقوقيون و إعلاميون التراجعات الخطيرة التي جاء بها مشروع قانون الحق في المعلومة الذي يتضمن تراجعا خطيرا عن المضامين الحقيقية لقانون الحق في الحصول على المعلومات؛ و ذلك ما يصح فيه عبارة " تمخض الجبل فولد فأرا".
و دعت بالمناسبة منظمة حرية الاعلام و التعبير "حاتم" الحكومة الى مراجعة شاملة و جذرية للمسودة التي بين يديها بهدف تصحيحها و تجاوز التراجعات الخطيرة و العيوب الكبيرة التي تعتريها . كما دعت كافة القوى و الفعاليات المجتمعية المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بقضية الحق في المعلومة ، في مقدمتها "الشبكة المغربية من أجل الحق في الوصول الى المعلومة " ، الى مواجهة هذا المشروع و ما يحمله من تراجعات. معتبرة المشروع جاء لمعاقبة طالب المعلومة عوض حمايته و تحصين حقوقه ، نستنتج أن هذا المشروع يسعى الى قلب قانون الحق في الحصول على المعلومات إلى قانون لضرب ذلك الحق و شرعنة انتهاكه .
و سجلت "حاتم" ملاحظات سلبية على جل مواد المشروع من ضمنها الملاحظات التالية :
1- إلغاء مشروع القانون لهيئة الإشراف على ضمان الحق في الحصول على المعلومات و تطوير ممارسته و الاستفادة منه كما هو معمول به في الدول الأخرى،كانت قد سميت في الصيغ السابقة باللجنة الوطنية ؛على عكس مطالبتنا بتوسيع تركيبة هذه اللجنة و صلاحياتها .
2- التقليص من عدد الهيئات و مؤسسات الدولة المعنية بالقانون .
3- ضرب مجانية الحصول على المعلومات.
4- التضييق على استعمال المعلومات بحصرها بشروط جديدة من ضمنها التصريح بالغرض و عدم تعددية استعمالها و اضافة استثناءات أخرى .
5- تمكين السلطات الإدارية و هيئات الدولة من التهرب من واجب تقديم المعلومات عبر إتاحة الفرص لتأويل سلبي للقانون وعدم النص على الإجبارية .
6- إلغاء الجزاءات و العقوبات عن حاجب المعلومات و عن المؤسسات و الهيئات التي لم تتخذ التدابير الضرورية لتطبيق القانون.
7- التخلي عن إرساء البنيات الإدارية الخاصة بمتابعة التطبيق السليم للقانون ، و الجهة المخاطبة في الموضوع داخل كل إدارة .
8- تكريس عرف " واجب كتمان السر المهني " ضمن المشروع عوض إلغائه من نصوص قانونية أخرى .
9- تطويل مدة الاستجابة لطلبات الحصول على المعلومات و تمطيط مساطر الطعن و الاستئناف بما في ذلك الحالات المستعجلة التي ألغيت منها ما يهم حرية الشخص و حمايته .
10- شرعنة إقصاء أنماط من المعلومات يمكن الحصول عليها و خارج حتى الاستثناءات المبالغ فيها و التي زيد فيها و المشار إليها في النص نفسه .
11-إحالته على قوانين أخرى بما فيها عدة فصول من القانون الجنائي تصل عقوبة بعضها الى 10 سنوات سجنا لمعاقبة طالب المعلومة
و كانت الحكومة قد اضطرت الى تنظيم مناظرة حول الحق في الحصول على المعلومات من خلال وزارة الوظيفة العمومية و تحديث الادارة لتصحيح الصيغة الاولى لمشروع القانون التي قدمت قبل حوالي سنتين، و ذلك نتيجة ضغوط و انتقادات منظمات المجتمع المغربي و ضمنها منظمة " حاتم" و منظمات و هيئات اجنبية . و شهد افتتاح هذه المناظرة مواجهة سياسية بين رئيس الحكومة و رئيس مجلس النواب في الموضوع ، و اتسمت المناظرة بالتعويم و عـــدم اعطاء الفعاليات المجتمعية الادوار المطلوبة منها ، كما فتح المجال للأجانب لتقديم دروس مخجلة لسامعيها لم يكن المغرب بحاجة لها لأن مضامينها سبق لأصوات المجتمع أن عبرت عنها طيلة عشر سنوات . و مع ذلك استطاعت الفعاليات المجتمعية ان تنتزع عدة توصيات كفيلة بإصلاح مسار مشروع القانون و ما ينبغي أن يصاحبه من قرارات و إجراءات. بيد أنها بقيت مع الأسف حبرا على ورق ، ذلك أن الصيغة الجديدة من مسودة القانون لم تدخل منها إلا بضعة تعديلات .