واصلت فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم مسيرة تألقها هذه السنة بتتويجها بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للمسرح الحساني بأكادير، والذي اختتمت فعالياته ليلة السبت 17 ماي 2014، كما حصدت الفرقة جائزة أحسن تشخيص ذكور والتي تقلدها الممثل مصطفى اكادر فيما ذهبت جائزتي الأمل لكل من الممثلين الشابين أيوب بوشان ويوسف الرزامة. وبعدما حظيت بثقة لجنة الدعم المسرحي لوزارة الثقافة هذه السنة، تواصل مسرحية "الريح" لفرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم تقديم عروض جديدة إذ من المنتظر أن تشهد القاعة المتعددة الاختصاصات الاثنين 19 ماي 2014 على الساعة الثامنة والنصف ليلا تقديم عرض مسرحية "الريح" ضمن افتتاح فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان كلميم لمسرح الجنوب والذي تتواصل فعالياته حتى 24 من هذا الشهر. وستحط الفرقة الرحال بمدينة خنيفرة للمشاركة في فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان خنيفرة للمسرح التجريبي {ينظم من 27 الى 31 ماي} ويلتقي جمهور خنيفرة مع مسرحية "الريح" يوم الجمعة 30 بقاعة القرب على الساعة الثامنة ليلا.
تتويج عرض مسرحية "الريح" بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للمسرح الحساني الذي نظمه محترف وفاء أكادير بشراكة مع مركز الدراسات الصحراوية وبدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان الدورة الثانية للمهرجان الوطني للمسرح الحساني وذلك خلال الفترة الممتدة من 14 إلى 18 ماي 2014، كان منتظرا بعد الأصداء التي خلفها تقديم العرض ضمن فعاليات المهرجان. ويسعى المهرجان الوطني للمسرح الحساني الذي ينظمه محترف وفاء أكادير للمسرح، حسب إسماعيل العنطرة، مدير المهرجان، إلى تطوير التجربة المسرحية بالصحراء المغربية والمساهمة في لفت الانتباه إلى ضرورة إيلاء مزيد من العناية والاهتمام بهذا المسرح وتشجيع المبدعين والفنانين العاملين في هذا المجال، معتبرا أن تنظيم هذه التظاهرة خارج الجهات الثلاث للصحراء يمثل تجسيدا لإرادة المهرجان في الانفتاح "لأن المسرح لغة تحتضن اللسان". وتنظيم هذا الحدث الفني نابع من الإيمان الراسخ بعمق وغنى الثقافة الحسانية وأحقية المسرح الحساني في الإشعاع و التعريف به، لكونه "لم يولد ليبقى رهين رقعة جغرافية معينة بل حق له أن ينفتح على جمهور واسع مادام أنه لا يواجه أية مشكلة في التواصل مع المتلقي غير الناطق بالحسانية".
وشهدت الدورة الثانية تقديم عروض مسرحية من مدن أكادير وكلميم و السمارة والعيون وفرقة موسيقية من طانطان، فضلا عن أمسية للشعر الحساني أحايها الشاعر محمد سالم بابا الري من الداخلة ومجموعة من الورشات التكوينية والأنشطة الثقافية بحضور ثلة من الأدباء والمبدعين والمهتمين بالثقافة الحسانية عامة والمسرح الحساني على وجه الخصوص. ومن جانبه، شدد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار على أن انخراط المجلس في دعم هذا المهرجان يعتبر من صميم اهتماماته في النهوض بالحقوق الثقافية كرافد من روافد حقوق الإنسان ويأتي في إطار تفعيل مقتضيات دستور 2011 التي تنص على تعزيز الحقوق الثقافية والاعتراف بتنوع مكونات روافد الهوية الثقافية الوطنية والتي تعتبر الحسانية أحد مكوناتها، مبرزا أن حضور المجلس في هذا المهرجان يعد استمرارا لما تقوم به هذه الهيئة ولجانها الجهوية الثلاث بالأقاليم الجنوبية في النهوض بوضعية حقوق الإنسان بشكل عام بهذه الأقاليم و بالحقوق الثقافية بشكل خاص .
وتميز حفل الافتتاح بتكريم عدد من الأسماء الفنية مثل محمد الجم وحسن بديدة ومصطفى التوبالي والفنانة ثريا جبران، التي عهد إليها برئاسة لجنة تحكيم هذه الدورة إلى جانب كل من ميلود بوشايد (أستاذ جامعي متخصص في المسرح الحساني) و أحمد مولود ولد دايداه الهلال (أستاذ جامعي بنواكشوط ومدير مركز الدراسات الصحراوية) وعبد اللطيف الطيبي (صحفي و فنان مسرحي) وأحمد مسعاية (كاتب مسرحي وأستاذ جامعي) و نعيمة زيطان {أستاذة بالمعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي بالرباط) ومحمد مختار الدهاه {فاعل في المسرح الحساني}.
المهرجان يسعى إلى المساهمة في تطوير الممارسة المسرحية الاحترافية بجهات الصحراء وإبراز الكفاءات المسرحية الحسانية والتعريف بها وطنيا وتقوية جسور التواصل بين الفنانين المسرحيين الحسانيين وباقي الفنانين من مختلف جهات المملكة ودعم اللهجة الحسانية في الإنتاجات الفنية الوطنية والتعريف بالثقافة الحسانية من خلال المسرح وإغناء المشهد الثقافي الجهوي والوطني، علاوة على تشجيع وتحفيز الإبداعات المسرحية ومنح المواهب الشابة فرص التألق في المسرح الحساني.
وتحكي مسرحية الريح عن "الحلم بالتغيير والثورة على السلطة الأبوية" وقد سعى المسرحي بوسرحان الزيتوني الى تجريد النص من جغرافيته الأصلية وربطه بواقعنا المغربي.. ويتحدث عن هيمنة القيم السائدة والتي أصبحت كابوسا لا يمكن التخلص منه إلا بإعادة تمثيل لعبة قتل يروح ضحيتها الأب والأم. لعبة أبطالها ثلاثة أشقاء يعانون من كبت وقهر والديهم. يدخلون في اشتباكات لغوية وفلسفية ساخرة تتجلى من خلالها الثورة علي السلطة الأبوية بشكل كبير في محاولة من الأخ الأكبرالتخلص من تسلط الأم والأب ودكتاتوريتهما وتعنيفهما المستمر. ورغم أن اللعبة ليست في واقع الامر سوى حلما وانعكاسا لحالة الحصار النفسي المضروب على الإخوة الثلاثة، فإنها كشفت عن معاني الذنب والتسلط والعنف الأسري وعن تشابك العلاقات وازدواجية الشخصيات وعن مفهوم الضحية.
مسرحية "الريح" لفرقة أدوار للمسرح الحر بالنسبة للمخرج عبداللطيف الصافي تندرج في "سياق المشروع المسرحي الطموح الذي تبنته جمعية ادوار للمسرح الحر منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات والذي يروم إعادة بناء الحركة المسرحية بكلميم" و"ما يحمله النص المسرحي شكلا ومضمونا، نص قوي وذو نفس ايقاعي.. نص يغري باللعب والإخراج. وليس من قبيل الصدفة أيضا أن يتم اختيار هذا النص الذي يعتمد تقنية المسرح داخل المسرح حيث الفضاء في عمقه هو فضاء للتسلط وليس للمصالحة. وحيث الأسئلة التي يطرحها عن أهمية الصورة التي يرانا بها الآخرون أو تلك التي نرى بها ذواتنا وعن اختياراتنا في هذه الحياة تبدو مفرطة في القسوة.."
مسرحية "الريح" بنفسها القوي من الحرية الذي تتوق اليه الشخصيات في مواجهة الضغوط الممارسة عليهم، أعد سينوغرافيتها خالد المذكوري، ويسهر على إدارة العلاقات العامة الشاعر والإعلامي عبدالحق ميفراني، ويدير الإنتاج كل من عتيقة أبو العتاد وحسن لحمادي، ويسهر على المحافظة شفيق طويلي وعبدالعزيز نافع، أما الإنارة والموسيقى فلابراهيم عجاج. المسرحية يقدمها لفيف من الممثلين الشباب هم على التوالي مصطفى اكادر، يوسف الرزامة، ايوب بوشان.
عبدالحق ميفراني