ليست مسألة لغة
ثار نقاش عجيب و غريب مؤخرا في الساحة المغربية وشكل مادة داسمة في الإعلام المغربي حول قضية استعمال الدارجة في التعليم . تعمدت عدم الخوض في هذا النقاش ورفضت الإجابة عن أسئلة طرحها علي بعض الصحافيين في هذا الصدد لعدة أسباب من بينها : أن أي اقتراح في مجال التربية والتكوين إما أن يناقش في بعده التربوي البيداغوجي وهذا الاقتراح لا يحتمل النقاش البيداغوجي التربوي حوله وإما أنه يناقش من خلفيته السياسية و ما ارتبط منها بالصراع الدائر بين مكونات المشهد السياسي واللوبيات والأشخاص المرتبطين عضويا بالمشروع الفرنكفوني أو التيارات المتأثرة بالاتجاه العروبي أو الآمازيغي أو أن يناقش في في أبعاده الثقافية والحضارية و ما أثير من نقاش وجدال ومراء - وأستثني البعض وعلى رأسهم الدكتور العروي- لا يمث لا إلى الثقافة ولا إلى الحضارة ولا إلى مرتكزات الهوية بصلة .
أكاد أجزم أن مشكلة التعليم عندنا أكبر من أن تكون مشكلة لغة التدريس . مشكلة التعليم عندنا تعود بالأساس إلى غياب مشروع مجتمعي واستراتيجية وطنية واضحة المعالم ، هي مشكلة مرتبطة بالنظرة التي ننظر من خلالها إلى التعليم والتكوين والدور الذي نريد أن تتكفل به المدرسة . مشكلة تعليمنا وأرددها للمرة الألف منذ أن قلتها لأول مرة للمرحوم مزيان بلفقيه ، أثناء عرض أسباب تحفضنا في البديل الحضاري على تفعيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، تكمن في أن تعليمنا ومدرستنا لا قضية لهما . حينما تختزل وظيفة المدرسة في محو الأمية ورفع نسبة التمدرس وخفظ نسبة الهدر المدرسي فعلى التعليم السلام وحينما يعتبر التعليم قطاعا غير منتج فعلى التعليم السلام وحينما يصبح التعليم وسيلة لتأسيس المجتمع الطبقي فعلى التعليم السلام.
أهمس في أذن من يريد اقناعنا بأن المشكل في اللغة العربية أن الصفر وأرقام الحساب المستعملة اليوم في العالم أرقام عربية والخوارزمي وضع أسس اللوغاريثم بالعربية والكندي وابن سينا وابن رشد وابن خلدون والفارابي وجابر ابن حيان وابن المقفع وابن ميمون ،ووو ، أي كل هؤلاء المبدعين المخترعين في كل مجالات العلوم الحقة والإنسانية : في علم الكمياء والرياضيات والفلسفة والصيدلة والبستنة والاجتماع والحساب والفلك والفيزياء والميكانيكا، الخ .. هؤولاء الذين أسسوا لقواعد العلم الحديث منذ القرون الوسطى حينما لم تكن أمريكا قد اكتشفت بعد وكانت فرنسا وبريطانيا تعيش عصر الظلمات، أبدعوا ما أبدعوه بالعربية . نعم أزمة تعليمنا ليست أزمة لغة بل أزمة ناتجة عن غياب قرار وطني ومشروع مجتمعي حقيقي.
المصطفى المعتصم