بودرا بلجنة الداخلية بمجلس النواب:
المغرب تتقاسمه شرعيتان: الملكية والجهات
تقرير إخباري
تقدم النائب محمد بودرا أمس الأربعاء (بلجنة الداخلية بمجلس النواب وبحضور وزير الداخلية محند العنصر) بمداخلة في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون رقم 12-131 المتعلق بمبادئ تحديد الدوائر الترابية للجماعات الترابية، أبرز من خلالها أن هذا المشروع الذي وضعته وزارة الداخلية كان من الذكاء بمكان لأنه جاء عاما في أفكاره، متعمدا عدم الدخول في التفاصيل التي من شأنها أن تكون مثار خلاف بين نواب الأمة وبين الفرقاء السياسيين، الشيء الذي لا ترغب فيه وزارة الداخلية التي تفضل التوافق والإجماع.
ومن جهة أخرى، لا حظ بودرا بأن البعد التاريخي في مقاربة هذا الموضوع/المشروع تم تغييبه بشكل مطلق وكأن المغرب لا تاريخ له، أوكأن المغرب لم تكن فيه جهات تاريخية أيضا، من قبيل جهة النكور (أول إمارة إسلامية بالمغرب) وتامسنا وسجلماسة وسوس والصحراء والشاوية ودكالة ...الخ.
وفي رده على ما جاء في مداخلة عبد الله بوانو رئيس فريق العدالة والتنمية الذي تحدث عن حرب "داحس والغبراء" قال بودرا إنه لم يسبق له أن سمع أو تعرف على زمان ومكان هذه المعركة، إلى أن أفهمه أحدهم بأن الأمر يتعلق بحرب دارت رحاها بالسعودية وفي مرحلة الجاهلية/قبل الإسلام، مسترسلا في قوله: "للحقيقة فأنا جاهل تماما بتاريخ السعودية والجزيرة العربية، لكن أعرف جيدا أن هناك معركة اسمها "بوكيدارن" التي دارت رحاها بالنكور، إقليم الحسيمة حاليا، وكانت حاسمة لدحض جيش المتمرد "الروكي بوحمارة" الذي كان يهدف إلى تزوير نسبه الشريف ومن ثم تزوير تاريخ المغرب".
وبخصوص تناول بعض المتدخلين لموضوع الشرعية، أبرز بودرا أن المغرب تتقاسمه شرعيتان اثنتان: شرعية الملكية وشرعية الجهاد، وهاتان الشرعيتان هما اللتان صنعتا تاريخ المغرب، وهذا الأمر يتأكد اليوم من خلال جهة الصحراء وجهات أخرى كان من الممكن أن تفقد أو تقتطع من ربوع الوطن لولا نباهة التدخلات الملكية التي يبدو أنها ملمة بهذا البعد التاريخي أكثر من الجميع.
تبعا لذلك، وفيما يتصل بمسألة التقطيع، أوضح بودرا، أنه صحيح يجب اعتماد معيار التنمية، ولكن الديمقراطية مهمة أيضا في هذا الإطار، لأن سكان أي جهة بالمغرب ينبغي إشعارهم بالانتماء لجهتهم، وأنهم المسؤولون عن تسيير شؤونهم بأنفسهم، وهذا الشعور بالانتماء حيوي جدا لأنه يحث على التنافسية المشروعة في تقديره. داعيا في هذا السياق إلى ضرورة اعتماد البعدين: التاريخي والسوسيوثقافي ضمن مبادئ ومعايير التقطيع الترابي، في حالة ما إذا كنا بالفعل نرغب في استقرار واستمرار الدولة المغربية، وذلك ضد أطماع الشرق والغرب والشمال والجنوب. فالهوية المغربية، في نظره، ذات مناعة قوية بسبب غنى وتنوع روافدها: الأمازيغية والعربية والأندلسية والحسانية والعبرية والإفريقية.
مختتما مداخلته بأن هناك ترددا واضحا في تنزيل وإعمال الجهوية المتقدمة، لأن ثمة مقاومة من قبل المركز، خاصة وأن هذا الأخير ألف واستطاب التحكم في 95 بالمائة من ميزانية الدولة، في الوقت الذي لا تتحكم فيه الأطراف/الجهات إلا في 5 بالمائة أو أقل، علما أنه لا جهوية حقيقية بدون ميزانية، وهؤلاء ـ يؤكد بودرا ـ هم جيوب المقاومة الحقيقيين الذين لا ينظرون بعين الرضا لمغرب الجهات ما دام أن في هذا الأمر فقدان لامتيازاتهم الكبيرة.