أصبح الشغل الشاغل لعبد الله النهاري هو الحل و الترحال بالمدن و القرى ليعيد نفس الاسطوانة المفرومة تحت يافطة الوعظ و الإرشاد. و الغريب في الأمر أن كل الدعوات التي يتلقاها تأتي من جمعيات تعتبر تلوينات لحزب العدالة و التنمية، كما أن النهاري ليس إلا منتوجا سيئا لحركة التوحيد و الإصلاح.
و الحديث عن النهاري جاء بمناسبة حلوله بالعيون الشرقية بدعوة من جمعية باهتة تابعة لحزب المصباح، لينشط ندوة يوم 25 يناير بدار الشباب في نفس المدينة تحت عنوان "دور المسلم في الإصلاحات على ضوء سيرة لرسول".
عبد الله النهاري بطبعه المندفع كالثور الهائج، خرج عن موضوع الندوة المحدد في سلوك الفرد إلى التدخل الفرنسي بمالي. و مما تفتقت به عبقرية النهاري هو أن التدخل الفرنسي نتيجة لعدم فعالية الدول العربية-الإسلامية في إيجاد حل سلمي للنزاع المالي".
و الملاحظ مؤخرا أن قضية مالي التي لا شأن للدعاة بها، أصبحت أسطوانة الموسم عند كل أصحاب اللحى الكبيرة و المتوسطة و الصغيرة و كذلك من يهذبون لحيتهم و يشذبونها لتتماشى مع روح العصر.
النهاري لم يفعل سوى السير على منوال من سبقوه في القضية المالية من شيوخ السلفية الجهادية و حركة التوحيد و الإصلاح و المغراوي و باهاشم، ليشجب التدخل الفرنسي في مالي بطريقة مبطنة و من ثمة سماح المغرب لعبور الطائرات الفرنسية.
إذا كانت السياسة الدولية تتغير حسب الظرفية و موازين القوى ، فالحركات الإسلامية بمختلف تلاوينها تبقى على ملة واحدة هي التشدد و التزمت و استعمال الدين لخدمة الأغراض السياسية و الانتخابية. أما الماليون من مسلمين و عرب و طوارق فقد استبشروا خيرا برحيل جماعات أنصار الدين، لأنهم ساقوهم أسوأ العذاب و فضلوا المستعمر القديم على من يستعبدهم باسم الدين و تطبيق الشريعة.