سجلت " الدينامية الجمعوية بخصوص وضع حقوق النساء بالمغرب " على هامش الدورة 65 للجنة وضع المرأة للأمم المتحدة المكونة من عدد من الجمعيات على الصعيد الوطني في فعاليات هذه الدورة، من موقع المساءلة لالتزامات المغرب بخصوص هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة والتتبع للسياسات العمومية وعرض انشغالاتها، أنه لم يتم إشراك الجمعيات النسائية في مسلسل إعداد التقرير الوطني المعد من طرف وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة بمناسبة الدورة 65 للجنة وضع المرأة.
و رغم التوصيات المقدمة إلى الحكومات بخصوص ذلك، كما ورد في الملحق الرابع للتقرير الوطني، بل تم الاقتصار على دعوة البعض منها للقاء افتراضي نظم مع الجمعيات النسائية يوم 03 مارس 2021، اقتصرت فيه الوزارة المعنية على عرض تصميم التقرير وبعض العناوين الأساسية للمحاور التي تضمنها، بالإضافة إلى بعض الإحصائيات الخاصة ب"المشاركة الاقتصادية للنساء" ومشاركتهن في الحياة العامة والسياسية، وفي القطاعين العام والخاص ومناصب المسؤولية واتخاذ القرار، وكذا بعض الإجراءات الخاصة بمناهضة العنف ضد النساء.
واوضحت الدينامية في ندوة صحفية بالرباط إلى كون العرض المقدم لم يتم تقاسمه مع الجمعيات لا قبليا ولا بعديا، مما حال دون التفاعل مع مضامينه بالدقة المطلوبة والتتبع الناجع. كما ان الدينامية الجمعوية المواكبة لأشغال الدورة 65 لجنة وضع المرأة لم تتكمن من الإطلاع على التقرير الوطني إلا نهاية الأسبوع الماضي بعد نشره على الموقع الإلكتروني للوزارة أي بعد انطلاق أشغال الدورة، وتسجل الطابع الإنشائي للتقرير الذي يخوض في العموميات وسرد العديد من البرامج والخطط إلى جانب الإجراءات والتدابير التي اعتبرت كمنجزات بطريقة وصفية لا تمكن من تبيان أثرها وكيف حققت أو ستحقق المنتظر منها، مما يتنافى والإرشادات التي ينبغي اعتمادها بشأن مضمون الاستعراض الوطني.
وبخصوص موقفها من واقع النساء اليومي بالمغرب بخصوص نفاذهن إلى حقوقهن و التمتع بها على مستوى الالتزامات الدولية للمغرب، تسجل الدينامية الجمعوية أنه رغم اعتماد المغرب في يوليوز 2011 مشروع القانون 125.12 المتعلق بالمصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، ومشروع القانون رقم 126.12 المتعلق بالمصادقة على البروتوكول الاختياري للعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، إلا أنه لم يتم لحد الآن إيداع صكوك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة، كما أنه لم يتم سحب الإعلانات التفسيرية المتعلقة بالفصل الثاني وبالفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، مما يعرقل الوفاء بالتزامات المغرب الدولية ويعرقل مطلب الملاءمة الذي تسعى إليه الجمعيات؛
اما على مستوى السياسات العمومية، فرغم الاستراتيجيات والبرامج الموضوعة حيز التنفيذ، لم يتم بعد تحقيق الالتقائية والإدماج العرضاني لحقوق النساء والمساواة بين الجنسين في السياسات القطاعية كما في التنسيق بين القطاعي. ويسجل أنها لا تحيل إلى الولوج المتساوي إلى الموارد الاقتصادية وإلى الخدمات المالية والميراث والموارد الطبيعية، وإلى اعتماد وتقوية السياسات والمقتضيات التشريعية المطبقة لصالح المساواة بين الجنسين وتمكين النساء. ناهيك عن التفاوتات بين الجهات وبين النساء أنفسهن ما جعل فئات عديدة منهن يعانين أكثر من غيرهن من الفقر والهشاشة (النساء والفتيات القرويات وذوات الاحتياجات الخاصة والنساء المسنات والأمهات العازبات... ) وتبقى بعيدة عن تحقيق التحول المجتمعي المنشود الذي يتطلب القطع مع الصور النمطية التمييزية ضد النساء والفتيات وبشكل مستمر، مما سيزيد من تأنيث الفقر والهشاشة ويحول بشكل قطعي دون تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، إذا لم تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية للتدخل بشكل حاسم ومستعجل للمعالجة الفعلية والمركبة لأسباب ضعف التمكين الاقتصادي للنساء؛
وبخصوص مستوى القوانين الكفيلة بحماية النساء من العنف والتمييز، فرغم توفر البعض منها، تظل التشريعات الحالية عاجزة عن المعالجة الناجعة والفعلية لظاهرة العنف والتمييز ضد النساء والفتيات في الفضاء العام والخاص، وتظل إجراءات الوقاية والحماية وجبر الضرر والعقاب ، خصوصا إزاء العنف الزوجي والنفسي، جد عاجزة عن ضمان الحماية الكاملة للنساء الضحايا وأطفالهن، وتغييب معايير «العناية الواجبة»، بالرغم من الدراسات التشخيصية العديدة التي تظهر استشراء هذه الظاهرة واستمرار الإفلات من العقاب وارتفاع التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لها، وتحولها إلى ظاهرة مقبولة اجتماعيا بل إلى مشكل بنيوي لن يتأتى معه تحقيق أي تمكين للنساء والفتيات وما يعنيه ذلك من أثر على التنمية الاقتصادية للبلد ككل؛
وعلى مستوى الآليات المؤسساتية للنهوض بحقوق النساء وحمايتها فلم يتم بعد وضعها، رغم صدور القوانين الخاصة بها رغم نقائصها، مما يعطل تفعيل المبدأ الدستوري المتعلق بالمساواة وحظر التمييز ومبدأ المناصفة ويحول دون ملاءمة الترسانة القانونية مع النص الدستوري ومع الإلتزامات الدولية للمغرب.
وأخيرا، دعت الدينامية الجمعوية الهيئات والمنابر الإعلامية، انطلاقا من دورها المحوري في التوعية وإحداث التحولات المجتمعية، مواكبة أشغال لجنة وضع المرأة للأمم المتحدة، سواء منها ما يتعلق بعمل المؤسسات الرسمية والهيئات الأممية أو بأشغال الجمعيات النسائية لما لذلك من دور بيداغوجي هام لاشك أنه سيسهم في رفع الوعي بقضايا النساء والفتيات، باعتبارها قضايا تنموية وديمقراطية بالدرجة الأولى.