كشفت منظمة أوكسفام في المغرب من خلال دراسة جديدة انجزت بشراكة مع معهد الدراسات الاجتماعية بالرباط حول "العنف ضد المرأة في المغرب: بين الهيمنة الذكورية والمحدودية المؤسساتية" أن العنف
ضد النساء والفتيات لا يزال جز ءا لا يتجزأ من حياة الشباب المغربي والذي يعتبره أمر ا "عادي ا ".
ويعد العنف القائم على النوع الاجتماعي أحد أكثر أشكال التعبير عن الفوارق بين الجنسين. إذا كان المغرب من بين الدول العربية المتقدمة من ناحية القوانين المتعلقة بحقوق النساء، تبقى هناك تحديات يجب
تجاوزها، من ضمنها استمرار الأحكام النمطية الجنسية والسلوكيات والمواقف التي تحول دون التمتع
الكامل بالحقوق، حيث يعتبر التمييز بين الجنسين والهيمنة الذكورية أمر ا مستباحا ويحظى بالتأييد، والذي
تتجلى مظاهره في الموسيقى والأدب والأفلام والعلاقات الأسرية والصداقات والعلاقات الزوجية.
في المغرب، خمسة من أصل عشرة رجال تتراوح أعمارهم بين 18 و 35 عا ما ممن قابلتهم أوكسفام ومعهد الدراسات الاجتماعية بالرباط ) RSSI ( يعتقدون أن للرجال الحق في السيطرة على لباس الزوجة ويعتبره مسؤولية الزوج تجاه زوجته. كما أن ثلاث نساء من بين كل عشرة تربط تدخلها في حالة كانت معاينة لحالة تحرش في الفضاء العام، فقط عندما يكون لباس الضحية يحترم معاييرها.
وحسب منية السملالي، مسؤولة برنامج عدالة النوع الإجتماعي بأوكسفام في المغرب: "وف قا لدراستنا معمعهد الدراسات الاجتماعية بالرباط، المعنونة" العنف ضد المرأة في المغرب: بين الهيمنة الذكورية
والمحدودية المؤسساتية "، تسود الأنماط الذكورية على مستوى تصور العلاقات الاجتماعية بين الشباب.
إن انتشار هذه الأنماط عامل يشجع على العنف ضد النساء والفتيات. " وتتابع: "إن جز ءا كبي را من الشباب والشابات الذين تم استجوابهم في سياق هذه الدراسة يتذرعون بأنماط
الهيمنة الذكورية في" تطبيعهم " مع العنف الذي يُتعرض له في إطار زوجي أو في الفضاء العام. ويشمل ذلك، على سبيل المثال، السيطرة وفرض طريقة معينة في اللباس على النساء، وعلى النساء أن تخضعن لأفراد أسرهن من الذكور في جميع جوانب حياتهن، وأن الرجل لديه الحق في الإطلاع على مضمون هاتفها المحمول أو على كلمات السر لحساباتها الشخصية، إلخ. ".
ويستمد العنف القائم على النوع الإجتماعي جذوره من الثقافة الذكورية المهيمنة التي تعيد إنتاج وشرعنة
بعض التصورات والأنماط الإجتماعية وتضفي عليها مزيد ا من الشرعية، وتشكل هاته الأنماط الاجتماعية عامل مهما وليس حصري ا في هذا العنف. إذ تساهم الأنماط المؤسساتية أي ضا في الترويج لها، كما تؤكدالبيانات التالية:
• تشير هذه الدراسة إلى أن 53 ٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الفساد
والرشوة من بين الممارسات الشائعة في المجتمع ويتعامل معها على أنها وسيلة فعالة للولوج
إلى الحقوق أو تقييد الوصول إلى العدالة
• أشار المجيبون/ات على استطلاعنا الى عدم ثقتهم في العدالة.
ويوضح هذا التقرير أنه على الرغم من المجهودات المبذولة لتحديث المجتمع، فإن الأدوار الاجتماعية للمرأة المغربية تتأثر بشدة بالقوالب النمطية الجندرية المستمرة. ولهذا فإنه من الضروري سن وتطبيق القوانين التي تمكن من التمتع الكامل للنساء بالحقوق، ومن خلال المساهمة في بناء تصورات بديلة وأنماط
اجتماعية إيجابية.
وتتطلب محاربة العنف ضد النساء والفتيات اتخاذ تدابير ملموسة ومتظافرة الجهود بين الوزارات المختلفة. إذ تلعب الدولة دورا مهما ليس فقط من خلال سن قوانين يمكنها حماية حقوق المرأة بشكل أفضل، ولكن أي ضا من خلال جعلها أكثر قابلية للتنفيذ. وبنا ء على توصيات هذه الدراسة، دعت منظمة أوكسفام المغرب المؤسسات الحكومية وتعبئة المواطنات والمواطنين للعب دور فعال، من أجل المساهمة في بناء تصورات وقواعد اجتماعية بديلة وإيجابية من خلال:
1 . التعليم، هو النقطة الرئيسية والتي يجب إصلاحها بشكل فوري. إذ يجب أن يكون تكوين المواطنين
والمواطنات على مبدأ المساواة محوري ا في السياسات التعليمية وهد فا شاملا في جميع
التخصصات. كما يجب دمج التربية على المواطنة في مختلف مستويات ومناهج المدارس في
النظام التعليمي. إن غرس قيم المساواة والحرية واحترام الاختلافات سيسهم في تفكيك الأنماط
الاجتماعية التي تكرس الأدوار الاجتماعية للجنسين.
2 . يجب تعبئة الحقل الديني لغرس قيم المساواة بين الجنسين وإدانة جميع أشكال العنف ضد النساء
والفتيات كما يجب على الخطاب الديني حول حقوق المرأة ومكانتها ودورها في المجالين الخاص
والعام أن يكون منسجما مع قيم المساواة والحرية كما هي في الإسلام.
3 . يجب أن يمر بالضرورة تطور القيم المتعلقة بالنوع الإجتماعي عبر تطور الأنماط المؤسساتية وكذا
إصلاح الإطار القانوني لتحقيق قدر أكبر من المساواة وإدماج النوع الاجتماعي في جميع النصوص
القانونية.
4 . وأخيرا، ترتبط مكافحة العنف ضد المرأة ارتباطا وثيقا بتبني الدولة لهذه المشكلة