بعد خروج سعد الدين العثماني، أمس الأحد بالدار البيضاء، بتعليق حول التعديل الحكومي المرتقب وتأكيده أنه لا وجود ل"بلوكاج" وأن اختيار الكفاءات سيكون داخل الأحزاب وليس من خارجها كما اعتقد البعض، اعتبر عتيق السعيد، المحلل السياسي والباحث الجامعي، في حوار مع موقع القناة الثانية أنن اختيار كفاءات من داخل الأحزاب السياسية "سيجعلنا ندور في نفس الدوامة وسيفضي إلى نفس العوائق السابقة"..
وبالنظر إلى أهمية ما جاء من مضامين في ذات الحوار، فإننا ننشره كاملا حتى تعم الفائدة:
أشار رئيس الحكومة في خروجه الإعلامي الأخير أن المرحلة الأولى الخاصة بإعداد هيكلة جديدة للحكومة والتي يراعى فيها تقليص عدد أعضاء الحكومة قد انتهت، تبعا لهذا التوجه كيف تنظرون الى تشكيلة الحكومة المقبلة لاسيما و ما تعرفه المرحلة من متغيرات اصلاحية عديدة ؟
بالنظر الى مجريات الأحداث الوطنية وما صاحبها من توصيات الرؤية المتبصرة لجلالة الملك حول تجويد مخرجات الحكومة و العمل على تلقيحها بالكفاءات الوطنية بغية تقويم الاختلالات ومعالجة الأعطاب والفوارق الاجتماعية، وكذا احداث اللجنة الاستشارية للنمودج التنموي في صيغته الجديدة.
يمكن القول ان المرحلة المقبلة ستعرف تغييرات جدرية تمس في الجوهر ٱليات تدبير الحكومة للقطاعات و تقليص عدد وزراءها، زد إلى ذلك الى ما أصبحت تطرحه تشكيلة بعض الوزارات المنتدبة من تحديات التفعيل و التنسيق و تعارض الاختصاصات بين باقي الوزارات الوصية، كما أصبح يشكل عددها نصف عدد اعضاء الحكومة وهو ما يدفع الى التساؤل حول مدى فعاليتها و نجاعتها في تدبير الملفات المعروضة امام الوزارات، كما انها تستنزف موارد مالية لابد من تقليصها، سيرا على توجه مبادئ الحكامة المالية التي صادق المغرب عليها منذ سنوات، بغية عقلنة التدبير المالي و ترشيد النفقات، و بالتالي مسألة تقليص عدد اعضاء الحكومة اصبحت حتمية فرضها الواقع.
هناك توجه قد يكتفى ربما من خلاله اقتراح الكفاءات من داخل الاحزاب السياسة دون الانفتاح على باقي المكونات الاخرى. ما تعليكم حول هذا التوجه ؟
بالرجوع لخطاب العرش المجيد لهذه السنة نجد ان جلالة الملك تحدث عن الكفاءات المؤهلة والشروط اللازمة لإنجاز المشاريع المبرمجة كما أوصى نصره الله ان تكون كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، هنا يجب ان نفهم حكمة جلالته في جعل الٱفاق مفتوحة لكل الكفاءات على الصعيد الوطني القادرة بحس المسؤولية و التجرد و علو الفكر و الممارسة تفعيل المشاريع بنجاعة عالية.
وبالتالي فالحديث عن كفاءات من داخل الاحزاب السياسية سيسقط هذا الطموح الاصلاحي الى هاوية نفس المعيقات التدبيرية، و سيفتح الباب امام نقاشات و صراعات سياسوية ضيقة على حساب ما تنتظره المرحلة من تفعيل دقيق و سريع للمشاريع بغية ردع الفوارق المجالية والاجتماعية، كما انه لا يستقيم الاصلاح من خلال الاعتماد فقط على كفاءات الاحزاب السياسية، علما ان هذه الاخيرة تعرف نسب ضعيفة جدا من الكفاءات الشابة لا تتعدى نسبة فردية.
وبالتالي ستكون امام اشكالية ترقيع الهيئات دون التركيز على مخرجاتها التدبيرية، كما ان جلالة الملك في العديد من الخطابات السامية، اكد على تمكين الشباب من العمل السياسي، وحث الحكومة على العمل وفق مقاربة تشاركية هادفة .
أقول أن مبدأ التشارك يجب ان يكون حاضرا في مقترحات الكفاءات الوطنية سواء من خلال الجامعات التي تزخر بموارد بشرية مهمة، او من خلال كفاءات الجاليات التي تستفيد من تجاربها الدول المستقبلة لها، و ايضا كفاءات من مختلف المجالات سواء تعلق الامر بالمجتمع المدني، و القطاع الخاص. على اساس ان يشكل اقتراح الكفاءات فسيفساء وطنية من الخبرات المختلفة التي لا تقتصر على الاحزاب السياسية التي ابانت التجربة على مر الأزمنة محدودية و قصور عدد منها في تدبير مجموعة من المشاريع التي كانت حاسمة في تفاقم هاته الفوارق التي طفت للسطح.
صدر مؤخرا تقرير المجلس الاعلى للحسابات يشمل مجموعة من الاعطاب و الخروقات المالية ما مدى تاثيره على المرحلة المقبلة ؟
تقارير المؤسسات الدستورية تعتبر نقلة نوعية في مسار الاصلاح الدستوري بالمغرب، كما تعتبر من ابرز ما تمخض عن الدستور بل اكثر من ذلك تشكل ٱلية تقويمية للقطاعات الحيوية و هي بذلك تقوم بوظيفيتي الرقابة و التقييم و الضبظ، كما تقدم مجموعة من التوصيات الكفيلة بتجويد التدبير الحكومي و الاداري.
وقد شكلت تقارير المجلس الاعلى للحسابات كشف لستار الواقع التدبيري للميزانية، و بالتالي يستلزم الاخذ بتوصياتها بشكل جاد و ٱني، على اعتبار ان عملية الافتحاص المالي الذي تباشره المجالس الجهوية للحسابات يقدم رؤية واقعية لمدى نجاعة و عقلنة التدبير المالي و ايضا فعالية الاجراءات و النفقات العمومية تقارير المؤسسات الدستورية بصفة عامة و المجلس الاعلى للحسابات بصفة خاصة سيكون لها تأثير قوي على مستوى مراجعة المسؤوليات و تفعيل مبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة التي اقرها الدستور.