اكتشف كل من حضر الندوة الصحافية التي نظمتها الجماعة للإعلان عن خليفة مؤسسها ، حقيقة الجماعة و حقيقة الرجل الذي أريد له أن يمثل الجماعة و ينوم آلاف الأتباع على طريقة "المرشد العام" ، اللقب الأبدي الذي ابتدعه المتنفدون الجدد في الجماعة.
و الحقيقة أن محمد العبادي الرجل البسيط و المتواضع فكريا ، كان قد أعلن قبل اختياره أنه لا يملك مؤهلات القيادة، ليعود يوما بعد ذلك فيستأسد على بعض المبتدئين من الصحافيين بخرجاته التي أقل ما يقال عنها أنها تنم عن استبلاد للرأي العام و للأعلام في المغرب. فالعبادي الرجل المتلعتم في الكلام، يرى أن أدنى ملتح في جماعته يمكن أن يسير دولة أخدا برأي المودودي الذي عاش في القرن التاسع عشر في الهند.
محمد العبادي الرجل المتلعتم الذي ألبس بالرغم منه لباس الزعامة ، ليس إلا واجهة للضغمة المتحكمة في جماعة العدل و الإحسان مند أمد قريب، لدرجة إقصاء أقرب المقربين من مرشدهم العام.
و تبين من هروب عبد الكريم العلمي رئيس ما يسمى بمجلس الشورى من الجواب عن هياكل هذا الجهاز، أن ما بين الجماعة و الشورى إلا الخير و الإحسان. فالضغمة المتنفدة في الجماعة و في رقاب الأتباع المخدوعين بعبادة رجل قد مات، اختارت محمد العبادي في جنح الظلام و قدمته للأتباع عبر ما سمي بالندوة الصحافية بسلا، لتتحول الجماعة من سلطة الولاية لسلطة الوصاية و الحجرعلى عقول الناس.
محمد العبادي الذي حول بيته في وجدة إلى ما يشبه الزاوية و مقرا للاجتماعات السياسية و الدعوية، لا يعترف بأي قانون و لا بالدولة ، و يعتر أدنى عنصر في جماعته كفيلا بتسيير أمور الناس لأن أمور التدبير مكتسبة أما الإيمان و الصدق فلا.
و اختيار ألعبادي من طرف ثلاثي الجماعة المتوكل أرسلان و العلمي جاء لسبب بسيط هو أن ألعبادي ينتمي للجهة الشرقية التي تعد من الناحية المالية وازنة في جبي الأموال من الأتباع. فتعيين العبادي ليس إلا لتطييب خاطر المخدوعين من أبناء الناضور و وجدة الذين سيتهافتون لمبايعة رجل في منزلة بين المنزلتين ، فلا هو بالمرشد لأن ياسين قد ختم اللقب إلى أبد الآبدين و لا هو بالرئيس الفعلي.
و ستشتري الجماعة قريبا بيتا للعبادي في السويسي من أموال الأتباع و ستقام له الطقوس لاستمرار المسرحية التي طالت أكثر من اللازم بفضل تزلف المتقربين و المتملقين من كل الأطياف السياسية ، الذين يتكالبون لإعطاء شرعية لجماعة لا يعرف أحد صدق الطوية التي تتكتم عليها. و المهم في الأمر أن مفهوم الدولة عند الجماعة بسيط و تافه و لا يساوي إلا أدنى الناس مرتبة و لا يتطلب أي مجهود و لا حتى أي تكوين و دراية.