أبرز التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة لسنة 2017، أن وتيرة الارتقاء بالشأن الإداري لم تبلغ بعد المأمول، رغم ما أعربت عنه الإدارة من إرادة الانتقال بممارساتها إلى المشروع من تطلعات المرتفقين، الذين من حقهم انكبابها على قضاياهم في حرص وسهر على تلبية حاجياتهم، التي أضحت ملحة أمام ما يلاحظ من تعثر أو تقصير أو أخطاء بعض العاملين في عدد من الإدارات.
مضامين التقرير، نًشر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، كشفت أن الرصد المنتظم لما يجري في الإدارة المغربية، "يسجل أن المعيش اليومي لم يبرهن بالملموس عن إقلاع بعض الإداريين عن ممارسات منبوذة، ليس لأنها بالأخطاء مشوبة أو بعدم التفهم موصوفة، ولكن لأنها توحي بسطوة السلطة واستمرار استعلاء بعض القيمين عليها، واشتغالهم بمزاجية متجاوزة، وفق بيروقراطية لم تعد مقبولة، ونمطية مفتقرة لكل مبرر".
وجاء في ذات التقرير، أن الشكايات باتت معروفة ومتعددة، وتم التطرق إليها وصدرت بشأنها توصيات ومناشير ودوريات، ومع ذلك، " لم تتمكن الإدارة من القضاء كلية على إحداها، إذ ما زالت تطفو على الساحة من حين إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى"، مؤكدا أن "ردهات إدارتنا ما زالت تعج بالاختلالات، ولا نرضى أن يصبح الأمر رتابة معها الإدارة وكأن لا حول للمسؤولين لتطويقها".
ودعا تقرير وسيط المملكة، إلى إيقاظ الضمير اللامبالي لمن يتناسى أحيانا ما يحتمه، وما تفتضيه أمانة الشأن الإداري، مؤكدا أن قطاعات إدارية تفرض إجراءات وتتمسك بنفس المساطر والمطالبة بوثائق عديدة، بالرغم من أنه لا مرجعية قانونية أو تنظيمية لها، بل أحيانا ليست ضرورية وتكون هناك من الوثائق ما يغني عنها.
ولفت نفس التقرير، إلى أن الإدارة المغربية تعمل بدون معايير وشروط موحدة بين مختلف قطاعاتها وحسب أهواء القائمين عليها من غير أن تقتديهم الضوابط بآجال معقولة.
وكشف ذات التقرير الحصيلة الإجمالية للشكايات والتظلمات المسجلة في سنة 2017، وقال أن هناك تزايدا ملحوظا في الشكايات وتظلمات المغاربة بارتفاع قدر نسبته بـ 10 بالمائة، مقارنة مع العام الماضي ليبلغ إلى 9378 شكاية.
وفقا لما جاء في مضامين التقرير، فإن الشكايات ذات الطبيعة الإدارية تصدرت قائمة القضايا بعدد يقدر بـ1683 شكاية، بنسبة مثلث نسبة 62 في المائة، أي بزيادة 22.9 في المائة مقارنة مع السنة الماضية التي كانت محدودة في 1369 شكاية وبنسبة 59 في المائة.
وتوزعت القضايا بين تظلمات من قرارات إدارية أضرت بالمعنيين بها، وبلغت 572 شكاية، أي بنسبة 21.11 في المائة، وطلبات تسوية الوضعيات المدنية والعسكرية، بما مجموعه 357 شكاية، وطلبات تسوية الوضعية الإدارية والمالية للموظفين بما مجموعه 202 شكاية، وتظلمات من استعمال الشطط في استعمال السلطة بما مجموعه 33 شكاية.
وسجل التقرير الذي وجه إلى جلالة الملك، أن إشكالية عدم تنفيذ الدولة للأحكام، مؤكداً أن هذه الإشكالية القديمة الجديدة ما زالت تطرح على الوسيط، إذ هناك حالات يتعثر فيها التنفيذ كثيرا، ويصل إلى حد امتناع غير مبرر، علما أن الملموس هو انخفاض عدد القضايا المرفوعة إلى المؤسسة.
أما فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بحقوق الإنسان، يقول ذات التقرير، إنه انخفض عددها بنسبة 15.6 في المائة، أي من 32 شكاية في السنة الماضية إلى 27 شكاية في هذه السنة، وهو ما يمثل 1 في المائة. ويشمل هذا النوع من القضايا الحقوقية مطالب ذات الصلة بالتعويض عن الاختفاء أو الاعتقال التعسفي أو وضعيات نزلاء السجون أو انتهاكات صادرة عن هيئات عمومية.
وأظهر نفس التقرير، أن قطاع الداخلية والجماعات الترابية، يصنف على رأس قائمة القطاعات المشتكى بها لدى مؤسسة الوسيط، بعدد شكايات بلغ 1056 شكاية، مقابل 839 في السنة الفارطة.
وحل في المرتبة الثانية، قطاع الاقتصاد والمالية بمجموع 439 شكاية، يليه قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالمي والبحث العلمي بـ300 شكاية، وقطاع الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بـ151 شكاية، وسجل قطاع الشغل والإدماج المهني ارتفاعا بـ136 شكاية، وقطاع الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة بـ 119 شكاية، وقطاع التجهيز والنقل واللوجيسيك بـ109 شكايات، وإدارة الدفاع الوطني بـ73 شكاية، وقطاع إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بـ58 شكاية.
أما فيما يخص تتصنيف الشكايات والتظلمات حسب الجهات الترابية، فقد لفت تقرير الوسيك، إلى أنه الملاحظ أن جهة فاس مكناس تصدرت ترتيب الجهات الأكثر تقديما للشكايات والتظلمات بعدما كانت تحتل المرتبة الثالثة، وهو ارتفاع ملموس بنسبة 43.2 في المائة، إذ انتقل عدد الشكايات المسجلة بخصوصها من 310 شكايات إلى 444 شكاية، وقد تلتها كل من جهة الدار البيضاء سطات، ثم جهة الرباط سلا القنيطرة، فجهة طنجة تطوان الحسيمة، وبعدها جهة الشرق، مع احتفاظ باقي الجهات بالترتيب ذاته.