أكد الملك محمد السادس، أن المغرب يجدد ارتباطه بالقضية الفلسطينية، دعما موصولا، ومساندة مطلقة، وتضامنا وثيقا، مشيرا جلالته إلى أن ذلك يشكل عهدا أخذه المغرب على نفسه، وهو عهد لا رجعة فيه، إلى أن يسترجع الشعب الفلسطيني كل حقوقه غير القابلة للتصرف، باعتبارها حقوقا مشروعة بقوة القانون الدولي، وحقائق الأرض، وشهادة التاريخ.
وذكر الملك محمد السادس، في رسالة موجهة إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الخامس حول القدس، الذي افتتح أشغاله اليوم الثلاثاء بالرباط، بأن المغرب كان قد اعتبر قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، وإقدامها على افتتاح هذه السفارة بشكل رسمي “بالخطوة المرفوضة التي تتعارض مع القانون الدولي، ومع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة”.
وأشار الملك محمد السادس في رسالته، إلى أنه وبصفته رئيسا للجنة القدس، استبق الإعلان عن هذا القرار بتوجيه رسالتين إلى كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، أكد فيهما الملك أن أي مساس بالوضع القانوني والسياسي والتاريخي للقدس، ستكون له تداعيات خطيرة على السلام في المنطقة، ويقوض الجهود الدولية الهادفة لخلق أجواء ملائمة لاستئناف مفاوضات السلام، قصد إيجاد تسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطيني -الإسرائيلي.
وأضاف الملك محمد السادس “كما أكدنا للرئيس محمود عباس، رفض الخطوة الأمريكية، وتضامن المغرب المطلق، والتزامه القوي ببذل كل الجهود الممكنة، لتعبئة المجتمع الدولي، من أجل نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية”.
كما ذكر الملك محمد السادس بالأحداث المأساوية التي شهدتها مسيرات العودة، ذات الطابع السلمي والرمزي عند الشريط الحدودي لقطاع غزة، والتي “ردت عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي مباشرة على المتظاهرين. مما أدى إلى استشهاد العشرات، وجرح المئات، من بين الفلسطينيين المدنيين العزل”.
وأوضح الملك محمد السادس أن المملكة المغربية “بادرت في حينه إلى التعبير عن إدانتها ورفضها لهذا السلوك الإسرائيلي الخطير والمنافي للقانون الدولي، وعن حزنها الشديد إزاء هذه الأحداث المأساوية، التي تفاقم المعاناة الإنسانية لدى أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق”، موضحا أنه وحرصا على المساعدة على تخفيف هذه المعاناة، وتجسيدا للتضامن الميداني والملموس مع الأشقاء الفلسطينيين، “فقد أقدمنا على مبادرة إنسانية، وأشرفنا شخصيا على إطلاقها، بتزامن مع شهر رمضان الفضيل. وقد همت قطاع غزة، وتم توسيعها لتشمل القدس الشريف ورام الله”.
كما ذكر الملك محمد السادس بـ”إقامة مستشفى ميداني تابع للقوات المسلحة الملكية المغربية في قطاع غزة، يتوفر على مجموعة من التخصصات الطبية، بما فيها طب الأطفال، وجراحة العظام، والجهاز الهضمي والعيون والأذن والأنف والحنجرة”.
ودعا محمد السادس بهذه المناسبة إلى حشد المزيد من الجهود الدبلوماسية، لاستصدار قرارات دولية ملزمة تحمي القدس وتحافظ على طابعها الروحي والحضاري والقانوني. كما دعا إلى “عمل ميداني يهتم بالجوانب التنموية والاجتماعية والإنسانية، التي من شأنها مساعدة أهلها الفلسطينيين على الصمود في وجه سياسات التشريد والإبعاد والتهجير، التي تمارس في حقهم”.
وخلص الملك محمد السادس إلى أن هذه المقاربة “هي التي نعتمدها، بصفتنا رئيس لجنة القدس، سواء من خلال الاتصالات المنتظمة والمكثفة مع قادة الدول المؤثرة والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة والرئيس الفلسطيني محمود عباس، أو من خلال العمل الميداني المتواصل الذي تقوم به، بتوجيهات منا وتحت إشرافنا، وكالة بيت مال القدس الشريف، التي استطاعت إنجاز العديد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الهامة في المدينة المقدسة، شملت قطاعات الإسكان والتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والعناية بالمرأة والطفولة والشباب والفئات في وضعية صعبة”.