أجمع المتدخلون في ندوة "التعليم العالي بالمغرب.. الواقع والآفاق" التي نظمت الثلاثاء27 نونبر 2012م في رحاب كلية الحقوق أكدال ، بمشاركة عدد من المهتمين والمعنيين والفاعليين في المحيط الاجتماعي للجامعة المغربية على أن التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب يعرف أزمة حقيقية مردها تعثر مسلسل الإصلاح وغياب الوسائل القمينة بتنفيذه، حيث أكدوا أن التعليم العالي، لايحتاج لمخطط استعجالي فارغ من محتواه، ولا يتوفر على إمكانية النجاح، بقدر ما يحتاج إلى وقفة وطن بكامله، وبكل مكوناته كونه أحد المؤشرات الأساسية التي تقيس مدى تطور المجتمعات ونجاعة السياسات المتبعة التي تؤثر سلبا أوإيجابا على كل مناحي الحياة العامة الأخرى وتحدد تجلياتها
فلا يمكن الحديث عن التحول الديمقراطي الحقيقي، أو الرقي بالذوق العام، أو إشاعة ثقافة حقوق الإنسان، أو بناء نظام اقتصادي متمكن وقادر على المنافسة، أو خلق الثروة، أو ضمان إشعاع البلد في محيطه الإقليمي والدولي… دون التأكد من أن المواطن يتمتع بتعليم جيد، والدولة تهتم وتدعم هذا التعليم، انطلاقا من سياسة عمومية متوازنة وخلاقة وفق استراتيجية مبدعة تمكن من تأهيل الموارد البشرية، التي يشكل التعليم والمعرفة والبحث العلمي أهم مداخلها
كما انتقد المتدخلون ما اعتبروه هيمنة "النموذج الفرنسي" على كل التجارب الإصلاحية التي عرفها المغرب وعدم الأخذ بالتجارب الأخرى الشبيهة والناجحة في هذا المجال خصوصا في الدول الآسيوية ك"الصين والهند وكوريا الجنوبية" التي قطع فيها البحث العلمي أشواطا وتقدم بشكل تصاعدي مهم في فترة وجيزة
كما طالبت الندوة "بدمقرطة الجامعة المغربية" إن على مستوى تحديد معايير جديدة للمقاربة التشاركية التي بدونها يتم تكريس تهميش الأطراف الأساسية المعنية بالقطاع من التفكير في مساره ومصيره خاصة التهميش الذي يطال "الأستاذ والطالب وحتى الإداري" من المساهمة في رسم السياسات العمومية في هذا المجال
وخلص المشاركون إلى أن أزمة التعليم العالي مركبة ومأزومة، يفتقد أمامها صناع القرار إلى الإرادة الحقيقية في تجاوزها نحو "منظومة تعليمية" تحفظ الكرامة الإنسانية للمعنيين بها، وتؤهل المؤسسات المنتجة للمعرفة كمصدر أساسي لإنتاج النخب، وتقوية الاقتصاد وتأهيل مجالات التكوين التي تشكل حاجة للسوق وللإدارة وللفكر
وهو ما لايمكن تحقيقه أمام إشكالات تترجم التخلف الكبير والارتباك الواضح للسياسة التعليمية بالبلاد، كغياب الوسائل الضرورية للبحث العلمي والفقر الكبير في تجديد الموارد البشرية والاكتظاظ المهول التي تعرفه الجامعات الواعدة كجامعة "ابن زهر على سبيل المثال، بالإضافة إلى توجيه الاستثمار في مجالات ثانوية وغير ضرورية على حساب الأولويات بل والضروريات كإنشاء المكتبات وفضاءات تتمتع بشروط إنسانية تسمح بتوفير ظروف أحسن للتحصيل
وخلص المشاركون إلى أن "المسألة التعليمية" بالمغرب كموضوع جدير بالاهتمام في هذه الظرفية التي تمر منها البلاد، هو موضوع مستفز باستمرار نحو إيجاد بدائل تتجاوز وضعيته الراهنة
كما قارب المشاركون عدد من القضايا تهم المحاور التالية
الجامعة المغربية ومؤشر الترتيب "الأزمة" على المستوى الدولي والإقليمي؛
الموارد البشرية والبنية التحتية "إشكالية الوسائل"؛
البحث العلمي في ظل الإصلاح "معادلة التوازن" بين المطلوب والممكن؛
"الطالب المغربي" الحاجة في الانتقال من وضعية "المستهلك" إلى حق "الشريك" في بناء السياسات.
ولعل أسباب هذا الواقع حسب خلاصات الندوة والمتتبعين للموضوع عديدة من بينها يمكن الحديث عن :
محاولات الإصلاح التي قامت بها الحكومات المتعاقبة كانت فوقية بدلا من أن تكون ثمرة نقاش الفاعلين داخل الحقل التعليمي؛ غياب الانسجام بين نوع التكوين و آفاق سوق الشغل؛ قلة الدعم المادي لمشاريع الإصلاح ؛ انعكاس الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي بشكل مباشر على جودة التعليم؛ تدني المستوى التعليمي للطالب ك"ضحية" نتيجة عدم توافق الاصلاح ك"نظرية" مع شروط جودة التعليم في الممارسة.
و ترأس أشغال الندوة الدكتور عبد الفتاح البلعمشي وشارك فيها:
الدكتور ادريس فرج نائب عميد كلية الحقوق أكدال
الدكتور احمد بوجداد: استاذ التعليم العالي في الحقوق-أكدال، و"رئيس شعبة القانون العام"
الأساتذة خديجة الرياضي: رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان
الدكتور موسى كرزازي: أستاذ التعليم العالي في الآداب "فاعل نقابي" النقابة الوطنية للتعليم العالي
الأستاذ عماد خاتر: نائب رئيس منتدى "كفاءات من أجل المغرب"
الأستاذ أمين السعيد: ممثل الطلبة بكلية الحقوق أكدال، عضو مجلس الكلية وعضو مجلس الجامعة