أكد المشاركون في ندوة "مستقبل المجتمع المدني" التي التأمت بالرباط أمس السبت على أهمية القراءة الجديدة لأدوار ورهانات المجتمع المدني. وأجمعت المداخلات على ضرورة الحفاظ على وظيفة المجتمع المدني الأساسية و المتمثلة في حماية الفرد من شطط السلطة. وحول دواعي تنظيم هذه الندوة، المنظمة بشراكة بين مشروع منبر الحرية ومؤسسة هانس سايدل ومكتبة الإسكندرية، قال محمد سبيلا، المدير الأكاديمي للمركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية”أن المجتمع المدني يساهم في تطعيم السلطة السياسيةغير أن التاريخ الاجتماعي وأدوار المؤسسات التعاونية في مختلف المجالات من الجوانب لم يسلط عليها الضوء بما يكفي. وتزداد أهمية العودة إلى أدوار المجتمع المدني في ضوء تحولات الحركات التي شهدتها البلدان العربية باعتبارها أحداثا مفصلية في التاريخ السياسي المعاصر.
استقلالية المجتمع المدني على المحك
ومن جهته اعتبر الباحث في العلوم السياسية حسن طارق أن التعبيرات المدنية التي بدأت في العالم العربي منذ انهيار جدار برلين ساهمت في انفجارات وتحولات وثورات 2011. وأضاف أن الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان مقولات أنتجت في ظل دينامية المجتمع المدني العربي، وساهمت في أن توصل الساحات العامة العربية إلى تبني وإلى تملك هذه المفاهيم.وحول أهميةودور المجتمع المدني قال طارق أن ما وقع سنة 2011 “ هو نتيجة حضور مدني ومواطن على وسائل التواصل الاجتماعي وتنظيمات حقوق الانسان وديناميات مدنية مثل حركة كفاية ونقابية مثل الاتحاد العام للشغاليين بتونس.
وفي السياق ذاته اعتبر المتحدث أن الحضور المدني هو أحد عوامل قوة ثورات 2011 لأنها لم تنتج بنى شمولية وايديولوجية سرعان ما تغلق لحظة ثورة وتحولها إلى دولة، تكيف المجتمع وفقا لقيمها وتصوراتها، لكن في الآن ذاته هو إحدى عوامل هشاشة هذه الثورات الديمقراطية، لأن هذه النخب المدنية لم تكن تتوفر على قوة تنظيمية تسمح لها بالتفاوض ما بعد الثورة. وذكر طارق بأن كثير ممن يتحدث اليوم باسم المجتمع المدني هو امتدادات للدولة واشتغال في مشاريع وفي برامج للدولة.
المجتمع المدني تاريخ
أما خالد عزب مدير المشاريع الثقافية بمكتبة الإسكندرية، فقد توقف عند الدوار التي لعبها الوقف، كشكل من أشكال المجتمع المدني في الحضارة الاسلامية. لقد عاش الأزهر الشريف والقرويين والزيتونة لقرون دون الحاجة إلى الدولة. ولقد كان استقلال الأزهر حافزا كي يشغل دورا في الحياة السياسية المصرية وان يقف أمام الولاة بل يصل الأمر إلى عزل بعض الولاة عن الحكم.لقد تطور المجتمع المدني من خلال الوقفيات في مصر، في العصر المملوكي، إلى أن أصبح يساهم في اتخاذ القرار.
المجتمع المدني معطوب
وذكر الباحث محمد الشيكر بالسياق الذي يطرح فيه سؤال المجتمع المدني والمتمثل في سياق الربيع العربي، إذ “طرح كمطلب بديل وكرافعة أسياسية وكرافد من رواف التغيير في المجتمع”.غير أن هذا المجتمع المدني، كما هو موجود حاليا، حسب وصف الشيكر، يبقى “معطوبا، فهو لا يعرف كيانه أو لا يؤسس مرجعياته بالشكل المطلوب. أو قد تكون لدينا جملة من الجمعيات والتنظيمات والهيئات التي ترسم لنفسها مجموعة من الأجندات في مواجهة للدولة أو في محاولة للتخلص من هيمنتها”.وتوقف الباحث في الوقت ذاته عند مآلات المجتمع المدني حيث” أصبحت الدولة هي التي تملي مجموعة من الأوراش وتفتح مجموعة من الاختيارات والبدائل. واصبحت هذه الجمعيات ذات منحى خدماتي. ولم تكن ذلك الضمير الحي الذي يدافع عن مصالح الناس وقيمهم معاييرهم وما يتوقون إليه، وهنا تصبح هذه الجمعيات أداة تنفيذ لمجموعة من الأجندات المرتبطة بمصالح الدولة”.
انهيار حائط الخوف
أما نائب مدير مبادرة الاصلاح العربي السوري سلام الكواكبي فقد توقف عند الحالة السورية من خلال استعراض تاريخ تطور المجتمع الاهلي الذي كان يلعب ادوارا طلائعية قبل أن يتم تجريفه من قبل الشمولية. وأضافذات الباحث أن المجتمع الأهلي الذي كانت تعرفه المجتمعات العربية الاسلامية هو نواة مشرقية إسلامية للمجتمع المدني بمفهومه الحديث. وذكر في الآن ذاته أن ما يعيشه العالم العربي اليوم ربيع حقيقي، لأن حائط الخوف والرهبة قد انهار معتبر أنه بالرغم من أننا لن نعيش النتائج الايجابية لما يحدث لكن “مؤكد أبنائي سيعيشون النتائج الايجابية لذلك”.