اختارت منظمة العفو الدولية مناسبة تقديم تقريرها السنوي الخاص بأحكام الإعدام لسنة 2015، لرفع مطلب جديد للمغرب يتمحور حول مراجعة قانون العدل العسكري في محاولة على ما يبدو لنسف أحد المبررات التي يتكأ عليها وزير العدل والحريات ، حيث يتحجج به للإبقاء على الإعدام ،على اعتبار أن البرلمانيين كانوا قد صوتوا على هذا النص بالإجماع بالرغم من كونه يتضمن خمس حالات يقضي فيها القضاء بالإعدام.
وأكد محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية ، فرع المغرب، في ندوة صحفية نظمتها صباح أمس الأربعاء بالرباط، وخصصت لتقديم التقرير الذي دأبت أمنستي الدولية على إصداره سنويا حول عقوبة الإعدام في العالم،على دور شبكة شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام في الدفع بهذا المطلب أمام المؤسسة التشريعية، موجها عتابا ضمنيا لها ، حينما تساءل عن دور الشبكة من أجل إلغاء الإعدام.
وجددت أمنستي دعوتها خلال هذه الندوة للمغرب بإلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم وفي جميع الظروف ، بل والعمل على حذف جميع الإشارات إلى تنفيذ الإعدام الموجودة في قانون المسطرة الجنائية، فضلا عن التصويت الإيجابي على التوصية الأممية الخاصة بالوقف الاختياري لتنفيذ الإعدام في أفق إلغائها.
وقال محمد السكتاوي "إن المنظمة وجهت للحكومة المغربية من جديد مجموعة من التوصيات من أجل إلغاء الإعدام من التشريع الجنائي ، فضلا عن تجديد مطالبتها من أجل الإسراع في الانضمام إلى مصاف الدول التي ألغت عقوبة الإعدام بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي ينص على إلغاء عقوبة الإعدام".
وفيما يعتبر تقييما لمسار وضع عقوبة الإعدام بالمغرب، صنف السكتاوي الوضع بالمتراوح بين اتجاه إيجابي يسعى المغرب عبره إلى إلغاء الإعدام ،ممثلا في وقف تنفيذ هذه العقوبة منذ 1993، ثم تقليص إصدار المحاكم أحكام بالإعدام، واتجاه يتعارض مع المنحى الذي اختارته المملكة باعتماد دستور 2011 الذي ينص في الفصل 20 منه على "الحق في الحياة" بل و يتناقض أيضا مع مضامين الرسالة التي وجهها الملك للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان والتي هي بمثابة أرضية عامة تؤطر لنقاش حقوق الإنسان ومساراته الكبرى في المغرب حينما دعا الملك نشطاء حقوق الإنسان إلى فتح نقاش واسع حول عقوبة الإعدام .
كما لفت المدير العام لفرع أمنسي بالمغرب، إلى وجه التناقض الذي تمثله مسودة مشروع القانون الجنائي الذي أبقى على الإعدام ، حيث بالرغم من تخفيض عدد المواد التي تنص على الإعدام فيه ، بان أصبحت 14 عوض 35 نصا، إلا أنه تم الإبقاء عليها كعقوبة في 275 حالة،خاصة في جرائم الإرهاب والقتل العمد، وجرائم المس بأمن الدولة الداخلي والخارجي ، ذلك أن 5 منه الحالات ترتبط بقضايا سياسية ، علما أن بعض الجرائم ،يشير المتحدث، كان يمكن أن تعتبر جنحة والاقتصار بتحديد العقوبة فيها ببضع سنوات.
وشدد على أن الحكومة باتت مطالبة بالانضباط لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، بالمصادقة على اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية، وإلغاء الإعدام من مجموع المنظومة التشريعية الوطنية وإنقاذ حياة 122 محكوما بالإعدام بالمغرب البالغ عددهم لحد الآن 122شخصا من بينهم ثلاث نساء.
وفي تقريرها السنوي حول عقوبة الإعدام سنة 2015، أبدت منظمة العفو الدولية قلقها البالغ، حيث وصفت الوضع بتسجيل "طفرة مرعبة في عمليات الإعدام المسجلة منذ 25 سنة"، وتأتي على رأس لائحة الدول التي تنفذ أحكام الإعدام، كل من إيران وباكستان والسعودية، حيث أن 90 في المائة من جميع أحكام الإعدام بالعالم سجلت بهذه البلدان.
وأفادت المنظمة أن نحو 1634 شخاص أعدموا سنة 2015 بزيادة تقارب 50 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، وهو أعلى رقم سجلته أمنستي منذ 1989 ، مشيرة أن هذا الرقم لايشمل العدد الإجمالي من الأشخاص الذين أعدموا بالصين، حيث يرجح أن تكون آلاف إضافية ممن ينتظرون الإعدام قد أعدموا ، حيث تعتبر المعطيات المرتبطة بعقوبة الإعدام من اسرار الدولة.
وأوردت المنظمة تصريحا للأمين العام لمنظمة أمنستي الدولية عبر فيه عن انعاج المنظمة حيال وضعية الإعدام في العالم خلال سنة 2015، حيث قال"إن الارتفاع في الإعدامات في السنة الماضية "2015" يثير انزعاجنا العميق ، فعلى مدار السنوات الخمس والعشرين الماضية، لم يصل عدد من حكمت الدولة عليهم بالموت في العالم بأسره إلى ما نشهده اليوم، مضيفا"إن الحكومات واصلت في 2015 حرمان الناس من الحياة بلا هوادة ، متذرعة بالحجة الواهية التي تفيد إن عقوبة الإعدام تجعلنا أكثر أمنا".
واعتبرت أمنستي 2015 سنة المتناقضات، إذ "بالرغم من الإخفاقات التي شهدتها هذه السنة، إلا أن العالم ما برح يسارع الخطو نحو إلغاء عقوبة الإعدام ، حيث أنعشت بعض التطورات التي شهدتها السنة الماضية الآمال وأظهرت أن الدول التي مازالت تتمسك بعقوبة الإعدام باتت تنتمي إلى أقلية معزولة"، يشير التقرير.