شهدت قاعة عبدالرحمن الشرقاوى «شخصية المعرض» يوم 6 فيراير ندوة بعنوان «رموز مصرية.. السيد ياسين»، ضمن فعاليات الدورة 49 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب.
وقال الدكتور عبدالعليم محمد الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إن الكاتب والمفكر الراحل السيد ياسين لم يكن يؤمن بالتخصص الضيق، وإنما كان يسعى بمثابرته أن يكون مفكرا اجتماعيا وسياسيا وباحثا فى علم المعرفة، وكان يتبنى منهج التكامل وعدم التخصص العلمي.
وأضاف ، أنه كان يحرص دائما ويهدف إلى تخريج أجيال من الصحفيين والباحثين العلميين، فكان صاحب منهج علمى فى ملاحظة الظواهر، خصوصا ما يخص إسرائيل والصهيونية، فكان يبطل العديد من الأفكار الخاطئة وفقا لدراسة منهجية علمية، وإن مفهوم العقل عند المفكر يعنى أنه يعلم ويتعلم، فقد كان أقرب المفكرين العرب لهذا الفكر، وكان يشيد بأى فكرة حتى ولو صدرت من باحث صغير.
من جانبه قال نبيل عبدالفتاح، الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام: تجربة الكاتب «السيد ياسين» واحدة من أهم التجارب الثرية فى الفكر المصرى العربى الحديث والمعاصر، وكان عقلا متفتحًا على عالمه وإقليمه وعلى مجتمعه المصري، وكل هذه الأبعاد المختلفة فى طريقة تفكيره هى تعبير عن تعدد مصادره الفكرية، فهو لم يقتصر فقط على الدراسات القانونية سوسيولوجيا القانون والدراسات فى علم الاجتماع الأدب، إنما انتقل إلى الدراسات الاستراتيجية عندما كان مديرا لمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام.
وأضاف عبدالفتاح، أن ياسين كان شغوفا بالمعرفة وبالاطلاع المستمر والدؤوب إلى أى نظريات وأفكار جديدة فى الفكر العالمي، كما رفضت بنية أفكاره وعقله الكبير المفتوح بمجموعة من الأدوات التى سمحت له أن يكون واحدا من أكثر المثقفين والمفكرين المصريين والعرب اطلاعا على تيارات الفكر والعمل فى عالمنا، ثم تمثل هذا الاطلاع العميق والنقدى للتطورات الفكرية فى مجموعة كبيرة من الدراسات والكتب أثرى بها المكتبة المصرية والعربية.
"سيد" التحليل السياسي الاجتماعي
السيد ياسين.. واحدا من أهم المفكرين والكتاب في مصر والوطن العربي، أثرى بأفكاره و كتاباته وأبحاثه والعديد من الدراسات السياسية والاجتماعية، الكثيرون خلال مسيرته التي تمتد خلال ما يزيد عن خمسون عاما، قبل أن تتوفاه المنية في الساعات الأولى من شهر مارس 2017 بعد معاناة مع المرض، بمستشفى الشيخ زايد التخصصي، عن عمر يناهز الـ80 عاما.
ولدّ السيد ياسين في 30 أكتوبر سنة 1931 بمحافظة الإسكندرية، وتخرَّج في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، ثم حصل على الماجستير من جامعة القاهرة فى علم الاجتماع والعلوم السياسية، ولكن نهمه الشديد للعلم والمعرفة والتفكير النقدي، وبراعته في مجال الدراسات الإنسانية والمستقبلية، دفعه إلى استكمال دراساته خارج البلاد فدرس القانون والعلوم الاجتماعية فى جامعة ديجون بفرنسا بين عامى 1964، و1966 وفى جامعة باريس عام 1966، وخلال تلك الفترة اهتم بعلم الاجتماع الأدبي الذي كان لايزال ناشئا وقتها عام1964، وكذلك علم الاجتماع السياسي.
وبعد عودته إلى البلاد، انضم إلى مركز الدراسات الفلسطينية والصهيونية بالأهرام عام 1968، وخلال ذلك الوقت تأثر بشدة بالكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل الذي فتح أمامه آفاق البحوث الاستراتيجية حين قرر تحويل المعهد إلى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية الذي شارك في تأسيسه، ما دفعه إلى التعمق في دراسة مناهج ونظريات البحوث الاستراتيجية، ثم تولى رئاسته عامي 1975 و1994، أسس خلالها وحدة الدراسات الإجتماعية، كما شغل منصب الأمين العام لمنتدى الفكر العربي في الأردن بين عامي 1990 و1997، وعمل مساعدا بوزارة الخارجية المصرية، ومديرا بوزارة البحث العلمى، وأستاذ علم الاجتماع السياسى فى المركز الوطنى للابحاث الاجتماعية والعلوم الجنائية، ورئيس لجنة رصد المتغيرات الوطنية، وأحد أعضاء المجلس الأعلى للثقافة.
له مؤلفات كثيرة، واهتم بتوضيح فكرة العولمة وله دراسات خاصة فى الاقتصاد الحر، منها كتاب "أسس البحث الاجتماعي، دراسات في السلوك الإجرامي، الشخصية العربية بين تصور الذات ومفهوم الآخر، مصر بين الأزمة والنهضة، تحليل مفهوم الفكر القومي، السياسة الجنائية المعاصرة دراسة نقدية للدفاع الاجتماعي، الوعي التاريخي والثورة الكويتية".
كما حصل الكاتب والمفكر الراحل على عدة جوائز، من بينها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1996، ووسام العلوم والفنون والآداب عام 1995، ووسام الاستحقاق الأردني من الطبقة الأولي عام 1992، بالإضافة لجائزة أفضل كتاب في مجال الفكر عن كتاب "الوعي التاريخي والثورة الكويتية" من معرض القاهرة الدولي للكتاب 1995.
لقبته وسائل الإعلام بـ"الكاتب والمفكر"، وأطلق عليه الباحثون والمقربين "سيد التحليل السياسى الاجتماعى"، لكتاباته وإسهاماته وأبحاثه الفكرية التي أثرت وغيرت في الكثيرون وستظل مرجعا حيا للباحثين والكتاب رغم وفاته.