طالبت منظمة "هيومان رايث ووتش" المغرب بإلغاء تجريم الخيانة الزوجية، فيما قالت أنه خطوة من شأنها أن تتفق مع التزامه بحماية الحق في الخصوصية الوارد في دستوره لسنة 2011، ومع القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما أن عليه أن يضمن حق المتهمين في محاكمات عادلة بحيث لا تمنح المحاكم لروايات الشرطة للوقائع وزناً أكبر مما تمنحه لأدلة التبرئة التي يقدمها المتهمون، وهذا بحسب هيومن رايتس ووتش.
وينص القانون الجنائي المغربي في الفصل 491 على الحكم بالسجن لمدد تتراوح بين سنة واحدة واثنتين للخيانة الزوجية. كما ينص عدم جواز المتابعة للخيانة الزوجية إلا بناء على شكوى من الزوج أو الزوجة المجني عليه. وقد قام الزوج في هذه القضية بتقديم شكوى لتحريك المتابعة، ولكن فقط بعد أن أبلغته الشرطة بضبط زوجته متلبسة بالفعل.
و قالت "رايث ووتش" في بيان لها ان تجريم العلاقات الجنسية بالتراضي بين بالغين، وبصرف النظر عن حالتهم الزوجية، يعد انتهاكاً للحق في الخصوصية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدق عليه المغرب. وتنص المادة 17 من العهد على أنه "لا يجوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته". وقد ارتات لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهي هيئة الخبراء التي تفسر بنود العهد، أنه "بقدر ما يتعلق الأمر بالمادة 17 فإنه مما لا خلاف عليه أن الممارسة الجنسية التي تتم بالتراضي بين بالغين في النطاق الخاص مشمولة بمفهوم ’الخصوصية‘".
وعلاوة على هذا تقول المنظمة ، فإن القوانين التي تجرم الجنس بالتراضي تؤثر في المرأة على نحو عديم التناسب، حيث تتراجع احتمالات تقدم ضحية الاغتصاب بالشكوى طالما كان الإخفاق في استصدار الإدانة يعرضها لخطر الملاحقة بتهمة الزنا أو المشاركة فيها.
وقد قرر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالتمييز ضد المرأة في القانون والممارسة، وهو الفريق المكلف بتحديد الممارسات الفضلى بشأن إلغاء القوانين التي تميز ضد المرأة، في 2012 أن الزنا "يجب ألا يكون مخالفة جنائية، ولا تجوز المعاقبة عليه بالغرامة أو السجن أو الجلد أو الرجم حتى الموت أو الشنق"، كما لاحظ الفريق تأثيره غير المتناسب على المرأة في أحيان كثيرة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن تناول الشرطة لقضية هشام منصوري ، بما في ذلك مراقبتها طويلة الأمد لـه، يوحي بوجود دوافع بخلاف إنفاذ قانون الخيانة الزوجية قد أدت إلى توقيفه ومتابعته. وقد استندت المحكمة في حكمها إلى رواية الشرطة المدونة للوقائع، واعتراف السيدة المتنازع عليه أمام الشرطة، والذي تبرأت منه. كما قدم الدفاع أدلة وفيرة للطعن في رواية الشرطة للأحداث.
وقد حللت هيومن رايتس ووتش العديد من المحاكمات التي توصلت فيها محاكم مغربية إلى أحكام بالإدانة بدون منح المتهمين الحق في محاكمة عادلة.
إن الاعتماد على أقوال مدونة تفيد الإدانة من إعداد الشرطة، أو على لسان شهود، أو مدعين بدون إلزامهم بالشهادة في المحكمة، حيث يمكن للمتهمين أو ممثليهم الطعن فيها، ينتهك بدوره حقوق المتهمين. ويشيع حدوث هذا في القضايا التي تتضمن أحكاماً بالسجن لمدد دون الخمس سنوات. وبموجب الفصل 290 من قانون المسطرة الجنائية فإن "المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات، يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات". ولطالما دعت هيومن رايتس ووتش إلى إلغاء هذا البند الذي يحرم طرفي الدعوى من "تكافؤ وسائل الدفاع".
وقد أصدرت وزارة العدل، التي يحمل حقيبتها مصطفى الرميد من حزب العدالة والتنمية الإسلامي، في 31 مارس مسودة مشروع لتعديل القانون الجنائي بحيث يغلظ عقوبة الخيانة الزوجية بإضافة الغرامة إلى السجن. وعلى حد علم المنظمة ، لا تنشر الحكومة المغربية إحصائيات عن أعداد الملاحقين بتهمة الخيانة الزوجية.
و قالت سارة ليا ويتسن: "إن على مؤيدي تجريم الخيانة الزوجية في المغرب أن يتأملوا في ما يعنيه. هل يريد المغاربة حقاً العيش في بلد تقوم فيه الشرطة برصد هواتف الناس وتتبعهم، واقتحام منازلهم، ومصادرة متعلقاتهم وإرسالها للفحص الجنائي ـ وكل هذا باسم محاربة الخيانة الزوجية؟".