قال العلامة و الفقيه القانوني الدكتور احمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية في رد على من أفتوا بعدم جواز عيد الاضحى عند المغاربة : أكتفي بتذكير الدكاترة المفتين بأن المؤسسات الرسمية للفتوى في كل من جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية تكذب ما يزعمون، وترى اعتماد الرؤية بالنسبة لكل أهل بلد. ()
ففي مصر صدرت فتوى دار الافتاء في ربيع الثاني عام 1320 (يوليوز 1902) ومصدر الفتوى الشيخ محمد عبده ومما جاء فيها:
" المقرر شرعا أول الشهر إنما يعرف برؤية الهلال، ويثبت ذلك بالشهادة المعروفة عند أهل الشرع، لا فرق في ذلك بين رمضان وشوال وغيرهما، أما العمل بالحساب ففيه خلاف بين علماء بعض المذاهب، والمعول عليه انه لا يلتفت إلى الحساب، لأن أحكام الدين الاسلامي مبنية على الأسهل والأيسر للناس في أي قطر كانوا وأي بقعة وجدوا " (الفتوى أعاد نشرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر في سلسلة الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية ـ المجلد الرابع ص. 1553 عام 1400/1980) ونشر مهع الفتوى المبدأ الآتي:
" ثبوت رؤية الهلال في معرفة أوائل الشهور العربية إنما يكون بالشهادة شرعا ولا يعول على الحساب في ذلك ".
وفي المملكة العربية السعودية، أصدر مجمع الفقه الاسلامي التابع لرابطة العالم الاسلامي السعودية فتوى في الموضوع ورد فيها:
" لقد درس المجمع الفقهي الاسلامي مسألة اختلاف المطالع في بناء الرؤية عليها، فرأى ان الإسلام بني على أنه دين يسر وسماحة تقبله الفطرة السليمة، والعقول المستقيمة لموافقته للمصالح، ففي مسألة الأهلة، ذهب إلى إثباتها بالرؤية البصرية، لا على اعتمادها على الحساب كما تشهد به الأدلة الشرعية القاطعة، كما ذهب إلى اختلاف المطالع لما في ذلك من التخفيف على المكلفين، مع كونه هو الذي يقتضيه النظر الصحيح، فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما جاء شرعا وعقلا ... وقد قرر العلماء من كل المذاهب، ان اختلاف المطالع هو المعتبر عند كثير. فقد روى ابن عبد البر الإجماع على ألا تراعى الرؤية فيما تباعد من البلدان كخراسان من الأندلس، ولكل بلد حكم يخصه، وكثير من كتب أهل المذاهب الأربعة طافحة بذكر اعتبار اختلاف المطالع للأدلة القائمة من الشريعة بذلك، وتطالعك الكتب الفقهية بما يشفي الغليل " ثم جاء في منطوق القرار:
" قرر مجلس المجمع الفقهي الاسلامي: انه لا حاجة إلى الدعوة إلى توحيد الأهلة والأعياد في العالم الاسلامي ... "
القرار صدر عن الدورة الرابعة المنعقدة من 7 إلى 17 ربيع الثاني 1401هـ. ومنشور ضمن قرارات المجمع الصادرة بين 1397 ـ 1419هـ. ص. 63.
إذا كانت الفتوى الرسمية في جمهورية مصر العربية وفي المملكة العربية السعودية تتبنى اعتماد الرؤية المحلية.
وإذا كان الواقع الذي تسير عليه الدول والجاليات الإسلامية هو الاستقلال ـ عن طريق الرؤية أو الحساب ـ في بداية ونهاية الشهور القمرية، وبالتبعية أيام الأعياد، وذلك بصرف النظر عن آرائنا الشخصية في الموضوع.
وإذا كان المغرب في هذه السنة مثل السنوات الماضية اعتمد الرؤية المحلية، ويتوافق في ذلك مع دول إسلامية ويختلف مع أخرى.
وإذا كانت جمهورية مصر العربية طيلة عشرات السنوات الماضية، تعلن عن بداية ونهاية الشهور القمرية عن طريق مؤسساتها الرسمية، وتوافقت في ذلك مع المملكة العربية السعودية أحيانا، واختلفت معها أحيانا أخرى. وطيلة تلك السنوات لم نسمع من هؤلاء المفتين دعوة جهارا وحتى همسا، إلى الالتزام بالرؤية أو بالحساب الفلكي في المملكة العربية السعودية، وإذا ظهر السبب بطل العجب .