طالب النائب محمد المهدي الكنسوسي باسم فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها, بتوضيح العلاقة بين الأبناك التشاركية وبين بنك المغرب الذي يتعامل مع جميع الأبناك بما فيها الأبناك التشاركية بالفوائد؛

و اعتبر النائب أن المشروع  يتوخى تطعيم النظام المالي الوطني بالأبناك التشاركية وإدماج خدماتها وعروضها ومنتوجاتها، في السوق المالي المغربي. كما يهدف  إلى إرساء  عدد من الإجراءات التي يُتَوَخَّى منها تحقيق الاستقرار المالي، وتجنيب نظامنا المالي الانزلاقات والمخاطر الشمولية وفرض الانضباط اللازم للتحكم في القطاع، عبر تشديد الرقابة على مختلف مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، وإلزامها باتباع القواعد الاحترازية بشكل صارم.

مضيفا "لكننا، في فرق المعارضة، ننطلق في تعاملنا مع مثل هذه النصوص المهمة من منطلق مسؤوليتنا التشريعية، المتمثلة في الحرص على التنبيه إلى الثغرات والنقائص التي تعتري النص التشريعي من وجهة نظرنا كمعارضة، وإعطاء الاقتراحات البديلة التي من شأنها إحكام مقتضيات النص وتجويده من أجل إخراجه بأكمل صورة ممكنة، وهو ما قمنا به بخصوص هذا المشروع حيث قدمنا بشأنه أكثر من 71 تعديلا همت مختلف جوانب النص الأساسية، إلا أن تجاوب الحكومة لم يكن في مستوى أهمية هذه الملاحظات التي تقدمنا بها، والتي همت على الخصوص الأمور التالية":

1-            نبهنا الحكومة الى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خطورة التنصيص على التمييز بين الأبناك التقليدية التي تتعامل بالفائدة وبين الأبناك التشاركية التي تقدم خدماتها طبقا للشريعة الإسلامية، تفاديا لاتهام البرلمان بالتشريع لما هو غير شرعي أو حرام، وتوضيح العلاقة بين الأبناك التشاركية وبين بنك المغرب الذي يتعامل مع جميع الأبناك بما فيها الأبناك التشاركية بالفوائد؛

2-            إغفال التنصيص على هدف البنوك التشاركية المتمثل في تحصيل هامش الربح عند مزاولتها للخدمات التشاركية المنصوص عليها في المشروع وكذا الحد الأدنى والأقصى لهذا الهامش؛

3-            مبالغة المشروع في هاجس الضمانات والشروط الاحترازية من شأنه حرمان جزء مهم من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين من الولوج إلى التمويل المطلوب، وهو ما يعني حصر القروض والخدمات المالية في دائرة محدودة؛

4-            إخضاع جمعيات السلفات الصغرى لمراقبة بنك المغرب وتشديد القواعد المحاسبية والاحترازية وغيرها من الإجراءات من شأنها إفراغ هذه الجمعيات من دورها الاجتماعي؛

5-            تكريس إعفاء الأبناك من أي دور في تحقيق العدالة الجهوية في التمويلات، وإطلاق العنان لقانون السوق الخاضع للعرض والطلب و الربح، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى تعميق الفوارق بين الجهات وتشجيع النزيف المالي في الجهات الفقيرة لفائدة الجهات الغنية؛

6-            وفي سياق دعم الجهوية كذلك، اقترحنا إتاحة الإمكانية  لإحداث بنوك جهوية بشروط معنية؛

7-            تكريس المشروع لفوضى أسعار الخدمات والأتاوات البنكية وتكاليف مسك وتدبير الحسابات البنكية الموضوعة رهن إشارة زبناء الأبناك، وذلك بسبب وجود نوع من الاتفاق الضمني بين الابناك حول هذا الموضوع، مما لا يترك مجالا للزبناء للاستفادة من التنافس الحقيقي  بين الابناك؛

8-            غياب أي إشارة لمساهمة الأبناك في حل إشكالية السيولة لدى المقاولات الصغرى والمتوسطة عبر تخصيص نسبة معينة من تمويلاتها لهذه المقاولات في حال وجود حد أدنى من الضمانات لديها؛

9-            تجاهل خطورة التطبيق الآلي للقواعد الاحترازية الدولية، التي قد تنتج عنها آثارا سلبية على الاقتصاد الوطني، إذ من شأنها الحد من سياسة تشجيع الاستثمار بتخفيض سقف القروض، ولذلك اقترحنا ضرورة ملاءمة هذه القواعد الدولية لخصوصية الاقتصاد الوطني؛

10-      عدم التنصيص في صلب المشروع، على أهم القواعد الاحترازية التي من المفروض أن يتم تطبيقها من طرف المؤسسات الائتمانية، والتي ستمكن القطاع البنكي من الانخراط في الإصلاحات التي اعتمدتها لجنة "بازل ثلاثة" وخاصة المتعلقة بتحسين جودة قاعدة رأس المال، وتكوين الاحتياطات اللازمة لمواجهة الأزمات المالية، وكذا ضبط السيولة....؛

11-      واقترحنا أيضا آلية من أجل تعميم، أو على الأقل الرفع من نسبة الاستبناك، وتوفير الحد الأدنى من الخدنات البنكية لجميع المواطنين، وخاصة القاطنين بهوامش المدن والعالم القروي؛

12-      نتساءل عن النتائج التي سيؤدي إليها هذا القانون المعتمد على مراسيم تنظيمية ومنشورات بنك المغرب، لتحديد النظم الفعلية التي سينبني عليها النظام البنكي في شموليته، حيث أن المشرع لا يتحكم في التوجه الذي سيأخذه هذا النظام، وإنما يقتصر على تحديد المعالم الكبرى للقانون؛

13-      عزل البنوك التشاركية في نظام خاص بدل إدماجها داخل المنظومة البنكية، مما سيؤدي لا محال إلى نتائج زهيدة خلافا لكل ما يمكن تصوره، لأن منتوج البنوك التشاركية لن يختلف في جوهره عن المنتوجات البديلة المحدثة سنة 2007.

و اعتبر الكنسوسي هذه الملاحظات نقاطا جوهرية وأساسية في إخراج نص متكامل تتوفر فيه ضمانات التوازن والنجاح، إلا أن موقف الحكومة وتقديرها كان خلاف ذلك، فلهذا، ورغم الموقف المبدئي بإيجابية هذا القانون، فإن فريق البام سيمتنع عن التصويت لصالحه.