المغرب في باماكو، العلاقات المغربية المالية اجتازت بالزيارتين الملكيتين كل "المطبات" الدبلوماسية والعراقيل التي كانت الجزائر تضعها لإبعاد المغرب عن تطوير علاقاته بدول غرب إفريقيا وبمالي وموريتانيا بالذات ، واللتان تعتبران بوابة المغرب نحو إفريقيا جنوب الصحراء.
ذكاء ملك المغرب محمد السادس، واستفادته من ارث دبلوماسي وثقافي كبير للراحل الحسن الثاني الملك الباني، الذي أجاد الاستفادة من العلاقات الشخصية بينه وبين عدد من رؤساء الدول الإفريقية، ومن تشجيع ورعاية الطرف الصوفية، قنطرة حقيقية للحفاظ على الوجود المغربي التاريخي والسياسي والاقتصادي في إفريقيا، رغم ما أصابه من عطب بسبب الانسحاب من الاتحاد الإفريقي، اليوم يجني الملك محمد السادس ثمار تلك السياسة بذكاء كبير يضع المغرب في قلب إفريقيا، مستلهما تحركاته من قول الراحل "المغرب شجرة جذورها في أفريقيا وأغصانها في أوربا".
ملك المغرب يفتح الأفاق أمام المغاربة للاستفادة من تلك الجذور ولترسيخ وجودهم في قارة يجمع العالم أنها ستكون أكثر المناطق نموا خلال السنوات المقبلة.
لكن، المغرب بهذه الفتوحات الملكية يجب اللا ينسى بأنه لم يصل بعد صلة الرحم بامتداده الديني والثقافي والتاريخي بل والعرقي والذي تمثله مدينة تنبكتو ، والتي تعتبر نسخة طبق الاصل لمدن الجنوب الشرقي المغربي، وقبل تنبكتو وعبرها الى شنقيط واكادز وغيرها من المدن التي نشأت بفضل تواصل تجاري عظيم نهل بالفعل من التراث الاسلامي القادم من مراكش وفاس ومكناس الاسماعيلية، لا زال الي اليوم الرابط الرئيسي والفعلي الذي يربط سكانة المنطقة بعضها ببعض، وبغيرها من الشعوب بجوارها وبما فيها باماكو.
لا بد من التذكير المغاربة ، بأن جنرالات الجزائر لم يحكموا باماكو طوال العقود الماضية من باماكو نفسها، بدليل غياب اية مؤسسات اقتصادية او ثقافية لها في العاصمة المالية، وإنما كانت تأثيرهم القوي على باماكو وكذا نيامي يأتي من خلال سيطرتهم مخابراتيا وعسكريا على ازواد وإملاءهم للحلول على باماكو، وأحيانا غض الطرف عن إشعال ثورة مشتعلة أصلا منذ 1962. ألا وهي ثورة الازواديين "الطوارق".
المغرب مطالب اليوم بلعب دور المهدئ والوسيط النزيه القادر على تفهم موقف كل طرف ، فمن المستحيل ان تنجح أي وساطة او حل في مالي إذا لم يأخذ بعين الاعتبار مطالب سكان الازواد، وانحياز المغرب لباماكو في أطروحتها سيكون جرحا صعب الهضم على الازواديين "بعربهم الحسانيين وطوارقهم الامازيغ".
فتنبكتو حيث مازال يدعى لملوك المغرب في خطبة الجمعة تنتظر المغرب القاصد لها صلة للرحم و احقاقا لحق ورفعا لظلم وربطا لحاضر بماضي.
علي الانصاري
مدير مركز تنبكتو للدراسات