في تحول كبير للرؤية الخاصة التي طالما أحاطت بمنظومة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، أكد ممثلو الحكومات العربية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وهيئات المجتمع المدني العاملة بالأخص في مجال حقوق الإنسان في ندوة احتضنتها جامعة الدول العربية، على عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة أو المقايضة، وألا تكون خصوصيات المنطقة وسيلة للتهرب أو الصدام بل للتكامل والمراعاة.
ممثلو الدول العربية التي كانت تتشبث بمبدأ الخصوصية لإبداء تحفظاتها بشأن العديد من مقتضيات الاتفاقيات الدولية ثمنوا إلى جانب مسؤولي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وممثلي أكثر من 30 منظمة عربية غير حكومية، خلال هذه الندوة التي نظمت بشكل مشترك بين جامعة الدول العربية، والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، (ثمنوا) الرؤية التي تبدت من خلال تدخلات كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى، ورئيس الدول رئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان علي المري، وأمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان علاء شلبي ونائبة مدير منظمة اليونسكو ماريا الفاريز لأسو.
هذا وأطلق المشاركون في ختام أشغال هذه الندوة الدولية حول «التنمية والديمقراطية وتطوير النظام الإقليمي العربي»مشروعا لإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان،داعين حكومات البلدان العربية إلى دعم هذا المشروع ووضع خطة عمل لبلورته وجعله موضع التنفيذ بالاستفادة من التجارب الإقليمية الأوروبية والأمريكية والإفريقية.
كما شدد المشاركون خلال هذه الندوة والتي ساهم فيها من المغرب المندوب الوزاري لحقوق الإنسان محجوب الهيبة،ومحمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فضلا عن عضو المجلس محمد بلكوش والذي هو في ذات الوقت رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية ، وأمينة بوعياش عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، نائبة رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وعدد من الفعاليات الحقوقية،على أهمية الاستفادة بأقصى حد ممكن من اللحظة السانحة للتغيير والإصلاح على مستوى الدول العربية، وعلى مستوى آليات ومؤسسات جامعة الدول العربية، باعتماد الحكم الرشيد ليكون بوصلة تهتدى بها المجتمعات العربية.
هذا ولم يفت المشاركين الذين أكدوا على الترابط غير القابل للانفصام بين التنمية والديمقراطية،إثارة الانتباه إلى عدد من التحديات الناشئة عن الحراك الاجتماعي الذي تشهده المنطقة، وما تأسس عليه من شرعيات متنافسة، بين الشرعية المستندة إلى التغيير، وتلك المستندة إلى صناديق الانتخابات، وشرعية الإنجازات،داعين في هذا الصدد إلى ضرورة الوصول إلى توافقات تكفل ضمان المشاركة وتعزيز المكتسبات.
واستنادا لنص البيان الختامي الذي تمخضت عنه أشغال الندوة ، تم الإقرار فيما يتعلق ببعد المواطنة على ضرورة توفر الإرادة السياسية لتفعيلها في الممارسة على اعتبار أن هذا البعد»المواطنة» تتجاوز المنظومة القيمية والنصوص الدستورية والقانونية، محذرين من مغبة استمرار الفجوات القائمة التي يمكن أن تقوض الاستقرار الاجتماعي والسياسي.