تحليل إخباري
محمد الحمراوي-زووم بريس
خلف تنامي المد الجهادي بعد موجة الربيع العربي شعورا بالقلق و توجسا مما تخبئه الأيام القادمة لدى العديد من الدوائر الرسمية في الغرب. و شكل انهيار نظام ألقذافي خطا فاصلا، حيث تدفقت الأسلحة و المعدات الحربية على دول جنوب الصحراء كمالي و النيجر و التشاد و مخيمات البوليساريو.
و قد رصدت عدد من أجهزة الاستخبارات الغربية تلك العملية إبان اندلاع الحرب في ليبيا و حذرت حكوماتها عبر مذكرات سرية. كما أن تشبع المتشددين الإسلاميين بالفكر الجهادي يجعلهم دائما في طليعة المتطوعين للقتال في بلدان المواجهة كليبا و سوريا. حيث يعمدون لتشكيل كتائب جهادية تعرف بأسمائها . و استغل العديد من الجهاديين خبرتهم السابقة في الجماعة المقاتلة الليبية، لتشكيل خلايا و مجالس عسكرية بليبيا.
و قد ظهرت العديد من التجهيزات العسكرية الليبية في منطقة الساحل مند الشهور الأولى لاندلاع المواجهات بليبيا. و الأكثر من ذلك أن عددا من المرتزقة الأفارقة الذين تقطعت بهم السبل بعد انهيار نظام القذافي، فروا بتجهيزاتهم العسكرية و انظموا لمجموعان إجرامية –جهادية تحترف خطف الأجانب و قطع الطريق في منطقة الصحراء الكبرى.
و قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «إن الثورات العربية قلبت ميزان القوى في المنطقة برمتها.. وانعدام الاستقرار في مالي أوجد ملاذاً لارهابيين يسعون إلى بسط نفوذهم وتنفيذ المزيد من الهجمات». وذهبت موسكو أبعد من ذلك مشيرة منذ أشهر إلى الخطأ الكبير الذي شكله التدخل الغربي في ليبيا.
و اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «إن أعمال الإرهاب شبه يوميّة، والأسلحة تنتشر دون أي رقابة وتسلل المقاتلين (الأجانب) أمر جار. لدينا الانطباع بأن (الوضع في) مالي هو نتيجة لليبيا واحتجاز الرهائن في الجزائر إشارة إنذار أخرى مقلقة جداً».
المعضلة الجهادية أصبحت تهدد دولا تغير فيها النظام و وصلها الإخوان عبر صناديق الاقتراع، لكن الطيف السلفي لم يهدأ من المناوشات و الضغط عبر جميع الوسائل بما فيها العنف و هو ما ظهر جليا في تونس و ليبيا ز مؤخرا بمصر مع مجموعة " المسلمون" التي تهدد بالجهاد في الأقباط.
لقد شكل الربيع العربي حالة من الفلتان الأمني و الانهيار في جميع المنظومات الأمنية التي كانت مؤهلة لحفض الأمن و ضبط خارطة التنظيمات العنيفة و المهددة لأمن الدولة والمجتمع .
لقد خلق التسيير المتخاذل و المتحزب للمنظومة الأمنية خللا في مصر و ليبيا،و تبين من خلال انهيار جهاز الشرطة و عجزه عن أداء مهامه. بل وصل الأمر لدرجة انتفاضة ضباط الأمن على وزير الداخلية المصري بمناسبة حضوره مراسيم عزاء أفراد شرطة قتلوا في السويس، و هو ما يندر بالأسوأ في المقبل من الأيام ليس في مصر فحسب بل في كل بلدان الربيع العربي.
و أولى نتائج هذه السياسة المتخاذلة، ظهرت في مصر بعد إعلان الرئيس مرسي حالة الطوارئ في السويس و الإسماعيلية و بورسعيد، حيث خرج الآلاف منددين بالقرار.
الخطير في الأمر أن التنظيمات الجهادية تكيفت مع الوضع الجديد و أصبح بإمكانها التمدد من موريتانيا إلى الصومال و نحو الجنوب عبر جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا.