اشعلت معارك الشوارع التي احتدمت في هامبورغ اثناء قمة مجموعة العشرين خلافا سياسيا حول اسباب تحوّل هذه المدينة الالمانية الى ساحة للغوغاء، ولماذا اختارت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل هذه المدينة التي تعتبر معقلا للتشدد اليساري لعقد هذه القمة.
ودانت صحيفة بيلد الواسعة الانتشار بشدة اعمال العنف التي قام بها يساريون ومتشددون فوضويون، حيث اضرموا النار في السيارات، ونهبوا محلات تجارية، والقوا الحجارة والزجاجات على شرطة مكافحة الشغب.
وقالت الصحيفة السبت "رغم انه يجب على المرء ان يستخدم عبارة +فشل الدولة+ بحذر، إلا ان هذا الوصف ينطبق على هامبورغ"، واصفة القمة بأنها "كارثية".
وأضافت "بالطبع الشرطة بذلت كل ما في وسعها. ولكن الغوغاء سيطروا على الشارع. وخلال الساعات ال48 الماضية اختفى من شوارع هامبورغ شعور الامن الذي يجب أن تضمنه الدولة".
وجاءت هذه الانتقادات القاسية فيما يستعد 20 ألف شرطي في المدينة التي ولدت فيها ميركل، لمواجهة يوم ثالث من الاحتجاجات على القمة التي يشارك فيها الرئيس الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين وغيره من قادة العالم.
وخلف موقع القمة الذي احيط باجراءات أمنية مشددة، ظهرت حواجز الطرق المحترقة والمحلات المنهوبة والحجارة والانقاض والزجاج المكسور لتكون شاهدا على الليلة التي عمتها الفوضى واعتقلت خلالها الشرطة المسلحة برشاشات، المحتجين الذين رشقوهم بالحجارة من اسطح المنازل.
وقالت الصحيفة "الرسالة الرهيبة التي بعثت بها هامبورغ هي: عندما تريد الغوغاء ان تحكم فإنها تحكم".
"دمار في جميع أنحاء المدينة"
وألقت إحدى نقابات الشرطة باللوم على ميركل وكذلك على رئيس بلدية هامبورغ اولاف شولتز لسماحهما بحدوث هذه الفوضى التي ادت الى اصابة أكثر من 200 رجل شرطة وعدد غير معروف من المحتجين، وانتقدت اختيارهما لهذه المدينة لعقد القمة.
وصرح جان راينيك رئيس نقابة الشرطة لمجلة "دير شبيغل" الاسبوعية ان "السياسيين يتحملون المسؤولية الكاملة عن اصابة هذا العدد من رجال الشرطة وعن الدمار في أنحاء المدينة".
وجاءت الانتقادات كذلك من معسكر ميركل المحافظ حيث قال السياسي في حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي هانز بيتر اوهل ان "قمة مجموعة العشرين كان يجب أن لا تعقد مطلقا في مدينة يسكنها الملايين مثل هامبورغ مما يجعل من الصعب ضبط الامن".
ودافعت حكومة ميركل لفترة طويلة عن اختيارها لهذه المدينة التي تطلق على نفسها "بوابة المانيا الى العالم"، لانها تمثل قيم مجموعة العشرين الجوهرية من التجارة المفتوحة الى النظرة العالمية.
وقالت أنه بدلا من اختيار موقع ريفي ناء لعقد هذه القمة، كما دأبت العادة منذ سنوات، فإن قادة مجموعة العشرين سيثبتون أنهم ليسوا نخبة وتبتعد عن اعين الناس.
كما رأى البعض في قمة مجموعة العشرين، التي استغرق التخطيط لها سنوات، اختبارا لمساعي هامبورغ لاستضافة الالعاب الاولمبية 2024، وهي المساعي التي قوضها استفتاء جرى في هامبورغ.
كما أوضح مسؤولون انه من الناحية اللوجستية فإنه لا يوجد منتجع أو جزيرة أو سفينة كبيرة بما يكفي لاستضافة هذا الحدث الضخم الذي يشارك فيه أكثر من 10 الاف شخص.
"أسوأ المخاوف تحققت"
ظهرت مؤشرات على حدوث مشاكل اواخر العام الماضي، حيث علقت ملصقات على الجدران توعدت ب "تحطيم قمة العشرين" وكتب على بعضها "اهلا بكم في الجحيم" وهو نفس عنوان اول احتجاج جرى الخميس الماضي وتحول بسرعة إلى اشتباكات في الشوارع.
وتدل هذه الاحداث على هوية هامبورغ المزدوجة كمدينة ثرية وفي الوقت ذاته تعتبر معقلا للنشاط اليساري منذ عقود والمدينة الاشهر للأشخاص الذين يستولون على المنازل غير المأهولة.
وجرى نحو 30 احتجاجا منفصلا معارضا لقمة مجموعة العشرين شملت مسيرات سلمية وحفلات على وقع موسيقى التكنو، وحواجز طرق غير عنيفة.
وقال تحالف "امنعوا مجموعة العشرين" الذي يحمل قادة المجموعة مسؤولية مآسي العالم من حروب وفقر وتغير مناخي، ان الاحتجاجات مثلت "انتصارا" حيث أنها عطلت الوفود واحتجزت السيدة الاميركية الاولى ميلانيا ترامب في مسكن على شاطئ احدى البحيرات لمدة ساعات.
كما اتهم التحالف الشرطة باستخدام العنف المفرط حيث قال المتحدث باسم تحالف "كريستيان بلانك" ان "الشرطة ضربتنا وهاجمتنا ببخاخات الفلفل وخراطيم المياه ولكن رغم عنف الدولة، لم نستسلم".
وقالت مجلة دير شبيغل ان على ميركل، التي تواجه انتخابات في 24 ايلول/سبتمبر "ان تدرك ان ما سيتذكره الناس من قمة مجموعة العشرين هو صور السيارات المحترقة والمتشددين الذين يرتدون الالبسة السوداء".
واضافت "كثيرون حذروا من استضافة مثل هذا الحدث الكبير في مدينة كبيرة هي مسرح للمتشددين اليساريين. والان تحققت اسوأ المخاوف قبل فترة قصيرة من الانتخابات العامة"
وكالات