كشف استقرار عملاق الطيران المدني بوينغ بالمغرب مرة اخرى الثقة في جاذبية المملكة، ونضج اقتصادها وكفاءة مواردها البشرية . وهي مؤهلات حاسمة جاءت ثمرة استراتيجية متعددة الأبعاد يتم تفعيلها من خلال رؤية ملكية بعيدة المدى لتحديث الاقتصاد المغربي ، وبفضل استقرار مشهود به والذي يحفز بشكل مستدام الاستثمار والتنمية.
ومن شأن مشروع “بوينغ” الضخم بالمغرب، احداث طفرة نوعية على مستويات عدة، خصوصا فيما يتعلق بإنعاش سوق الشغل وتعزيزها، وتوفير مكاسب كبيرة لليد العاملة المغربية. وفي هذا الصدد تشير المعطيات المتوفرة، إلى أن المشروع سيوفر ما لا يقل عن 8000 فرصة شغل، إضافة إلى رقم معاملات سنوي، يعادل مليار دولار، وهو ما شأنه أن ينعكس بآثار إيجابية على الاقتصاد الوطني والتنمية البشرية.
إستمرارية المؤسسات
وتزامن إطلاق هذا المشروع الضخم في الظروف الحالية الخاصة، وهي الانتخابات التشريعية بالمغرب، مما يؤشر على رسائل متعددة ، ومنها الثقة الكبيرة التي تحظى بها المملكة المغربية، عند الشركاء الاقتصاديين العالميين، ومنهم شركة “بوينغ” بطبيعة الحال.
ومن أسباب هذه الثقة الكبيرة في المملكة، السيرورة العادية للحياة السياسية بالبلاد رغم ظرف الانتخابات و هو ما تجسده المؤسسة الملكية الضامنة لاستقرار و استمرار المؤسسات، كما تؤشر على متانة المؤسسات الوطنية المتحدة حول الخيارات الاستراتيجية تحت قيادة رئيس الدولة الذي يملك رؤية بعيدة المدى للتطوير و التنمية . كما أن المغرب يعتبر منذ سنوات عديدة، بمثابة فاعل اقتصادي مؤهل بالنسبة إلى جميع المجموعات الاقتصادية الدولية، بالإضافة إلى أن تطلعه على الدوام نحو المستقبل، ويبذل كافة الجهود الممكنة لتحقيق ذلك.
كفاءات مغربية عالية ورأس مال بشري لا يقدر بثمن
وتبقى إحدى المميزات الأكثر أهمية في هذه المعادلة، وهي خصوصية المغرب، الذي ورغم تواجده بمنطقة جيوسياسية تعيش أزمات متتالية، فإن ذلك لا يمنع المستثمرين الأجانب من التوجه إلى المغرب والاستثمار به، نظرا لكل المزايا المتوفرة، خاصة ما يتعلق بالاستقرار الذي يعيشه المغرب. و يعتبر الانفتاح المغربي على السوق الاقتصادية العالمية، من خلال الاتفاقيات التجارية العديدة التي وقعها المغرب مع دول أجنبية عديدة، وكذا مناطق اقتصادية حرة هنا و هناك، وكذا الاختيار الملكي الحاسم في تنويع الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية، في تفاعل تام مع تمظهرات العولمة التي اجتاحت العالم بأسره ومحت كل الحدود.
و تعتبر هذه النظرة الاستباقية المستقبلية للاقتصاد المغربي، وبالا على اعداء المغرب الذين يصابون بالذهول جراء نجاخ المغرب الاقتصادي في ظرفية عالمية صعبة و متأزمة.
و تبقى مسألة التكوين وأهمية رأس المال البشري في هذه المعادلة هي قطب الرحى ، فبالنظر إلى السياسة التي ينهجها المغرب في مجال التكوين، يكون مشروع “بوينغ” قد أبدى الكثير من الاهتمام بالموارد البشرية المغربية، على غرار باقي الفاعلين الاقتصاديين في العالم، و هو ما سيمكن رأس المال البشري المغربي من الانفتاح على مهن أخرى أكثر تطورا وأكثر مردودية و في مرتية متقدمة فيما يخص فائض القيمة التقنية.