طالبت "الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة" المجلس الأعلى للحسابات بـتقصي الحقائق حول صرف قروض البنك الدولي والاتحاد الأوربي والبنك الإفريقي للتنمية الضخمة المخصصة لقطاع الصحة قبل صرف القرض الجديد.
و طالبت الشبكة بتقصي الحقائق حول الميزانية السنوية المخصصة لنظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود – الراميد - في إطار صندوق التماسك الاجتماعي والتي بلغت 12 مليار درهم كديون على المستشفيات لم يصل منها إلا الفتات ، و كذا اللتحقيق في الأسعار الحقيقة للأدوية بالمغرب بناءا على معطيات الواقع وبعيدا عن ضغط لوبيات صناعة الأدوية والمتورطين من الإدارة في حرق أطنان من الوثائق بمديرية الأدوية بوزارة الصحة سنة 2014 من اجل إخفاء حقائق الفساد بها، خاصة بعد صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2012 حول مديرية الأدوية
كما طالبت الشبكة الحكومة بإعادة النظر في تحويلات المالية لفائدة صندوق الإيداع والتدبير من طرف صناديق التامين من اجل باستثمار 20 مليار درهم في التنمية الصحية ببلادنا وتشييد مدن صحية بالجهات الكبرى 12 عوض استثمارها في بناء الفنادق السياحية والعقار الخاص.
نص التقرير كاملا
قروض وفوائد بنكية عالمية ضخمة وطويلة الأمد ومستشفيات مفلسة وغارقة الهشاشة
مرة اخرى يمنح البنك الدولي للمغرب قرضا بقيمة 100 مليون دولار لتمويل برنامج تحسين الصحة العمومية بالمناطق القروية في إطار دعم الإستراتيجية القطاعية للصحة وذلك بهدف زيادة فرص الحصول على الرعاية الصحية الأولية في المناطق النائية، ويأتي هذا القرض بعد سلسلة من القروض الضخمة سواء من البنك الدولي أو الاتحاد الأوربي أو البنك الإفريقي للتنمية ناهيك عن المساعدات المالية المهمة و التي صرفت كلها على اصلاح المستشفيات العمومية منها قرض من البنك الدولي ب 80.700.000 مليون درهم بدأ تنفيذه سنة 2003 وقرض اخر توصلت وزارة الصحة في إطار برنامج ميدا الأوربي يبلغ 20 مليون درهم بالنسبة للشطر الأول من اصلاح المستشفيات ثم قروض بالنسبة للشطر الثاني تم تمويله من طرف البنك الأوروبي للاستثمار بقرض يعادل 113.700.000 مليون درهم لإصلاح وتحديث المستشفيات الوطنية مابين 2003 و2012 كما انفقت خزينة الدولة خارج الفوائد المترتبة عن هذه القروض ما مجموعه 22 مليار سنتيم كمساعدة تقنية من البنك الدولي و من الاتحاد الأوربي تصرفت فيها مديرية المستشفيات دون معرفة مصيرها الحقيقي، واليوم تستمر وزارة الصحة في انفاق وصرف قروض ومساعدات من الاتحاد الأوربي دون ان تكون لذلك انعكاسات إيجابية على السكان والمؤسسات الاستشفائية العمومية. كما قدم الصندوق العالمي لمكافحة الايدز والسل والملاريا سنة 2014 دعما ماليا مهما لوزارة الصحة لتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة السيدا وداء السل ميزانية إجمالية جديدة تقدر ب37.4 مليون دولار للفترة 2014-2016. كما وارتفعت الميزانية الجديدة بنسبة 74٪ مقارنة مع تلك التي خصصت للفترة 2011-2013. رصدت وزارة الصحة للحد من انتشار هذا المرض اعتمادات مالية سنوية تقدر بثلاثين مليون درهم إضافة إلى دعم مالي للصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والملاريا في حدود 85 مليون درهم تغطي الفترة بين 2012 و 2016. ; ومساهمات منظمة الصحة العالمية ماليا في عدة مشاريع صحية وبرامج العلاجات الأولية اخرها دعم مالي بلغ 2.9 مليون دولار لسنتي 2014 و2015 بزيادة 30 في المائة مقارنة مع الفترة السابقة . كل هذه المساعدات المالية والقروض تدبر من فوق مركزيا حتى الصفقات والخيارات وشراء الأدوية والتجهيزات تتم في مكاتب وزارة الصحة دون اشراك المسؤولين المحللين تعلق الأمر ببرامج الوقاية والعلاجات الأولية او بتأهيل المستشفيات او الاستثمارات الكبرى في الجهات والعمالات وفي غالب الأحيان يتوصل المسؤلون المحليون بأدوية وتجهيزات طبية لم يسبق لهم ان طالبوا بها ولا تدخل ضمن الحاجيات الأساسية لمنطقتهم وللمؤشرات الوبائية والمرضية في الجهة مما يزيد في ظاهرة الهذر والضياع وأطنان من الأدوية منتهية الصلاحية وتجهيزات اكلها الصدئ دون ان يتم استعمالها.. فالأخطر ما في الأمر هو ارتفاع مستوى المؤشرات السلبية بخصوص السيدا وداء السل بارتفاع عدد الحالات المصابة بفيروس السيدا الى ما يقارب 30 ألف مغربي و27 الف حالة جديدة كل سنة بالنسبة لداء السل علاوة على ارتفاع نسبة داء السل المقاوم للأدوية. كما يتم سنويا تسجيل 83 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة بالمغرب. علما أن داء السل يصيب الساكنة الشابة التي تتراوح عمرها ما بين 15 و 45 منهم 58 في المائة رجال.
ميزانية وزارة الصحة تصل 13 مليار درهم سنويا منها 2.2 مليار لشراء الأدوية وقروض طويلة الأمد بفوائد مرتفعة تدبر بطريقة ضعيفة ان لم نقل سيئة والنتائج مخجلة والحصيلة سلبية .
ميزانية وزارة الصحة تقارب كل سنة 13 مليار درهم ،حصل منها المستشفيات العمومية على حصة الأسد أي ما يقارب 50 في المائة وتخصص 30 في المائة منها فقط للعلاجات الأولية و برامج الوقاية .اضافة الى تمويل برامجها واستثماراتها من قروض وإعانات المؤسسات المالية الدولية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة كالمنظمة العالمية للصحة واليونيسيف.... التي تقدم دعما تقنيا بملايين الدراهم. . لكن النتائج والحصيلة اليوم جد سلبية وتثير أكثر من علامة استفهام حول مصير كل هذه الأموال والنفقات ؟. فأغلب المستشفيات العمومية متآكلة ومرافقها الطبية والجراحية والتشخيصية متهالكة تتميز بتردي فظيع لبيئة العمل في غياب الصيانة مليئة بالأوساخ وتبعت منها رواح كريهة الشئ الذي يبعث اليأس في نفوس الزائرين قبل المرضى وهو ما يؤكد الغياب التام لعمليات النظافة بالمستشفيات وتراجع شركات المناولة عن أداء مهمتها بسب الديون المتراكمة على المستشفىات أما المعدات الطبية التي تستخدم في غرفة العمليات فهي إما غير معقمة بسب غياب وسائل التعقيم، وإما كونها منتهية الصلاحية ،مما يتسبب في ارتفاع كبير لنسبة انتقال عدوى المستشفيات و الأمراض المعدية الى المرضى المقيمين وتعتبر هده الحالة الأعلى في المنطقة العربية حيث أكدت الإحصائيات أن معدل حدوث عدوى المستشفيات في بالمغرب تتراوح ما بين 5 و13 في المائة من كافة حالات الدخول إلى المستشفيات والمؤسسات الصحية، وترتفع هذه النسبة إلى ازيد من 20 ازيد من في المائة في بعض المصالح كالإنعاش الطبي وأقسام جراحة العظام . وان أكثر أنواع العدوى الجرثومية التي تصيب المرضى أثناء وجودهم بالمستشفيات المغربية هي عدوى الجهاز البولي والجهاز التنفسي وتسمم الدم وعدوى جروح العمليات كما يمكن ان تنقل عدوى فيروس الكبد والسل والسيدا والإصابة بجرثومة المينانجيت أو مرض التهاب السحايا، و أن أكثر من ثلث هذه الحالات يمكن الوقاية منها بإتباع القواعد الصحية والالتزام بإرشادات الوقاية من العدوى. لكن ظروف وبيئة العمل بالمستشفيات العمومية بالمغرب وقلة الموارد البشرية وندرة التجهيزات والوسائل الطبية الجديدة جعلت الظاهرة تأخذ أبعادا خطيرة ولا تساعد على الوقاية ومواجهة هذه العدوى القاتلة.و في بعض الحالات يتم التستر عليها لما تخلفه وتسببه من أمراض معدية ووفيات . وبالتالي أضحت نوعية وجودة الخدمات الطبية المقدمة للمرضى بالمستشفيات العمومية تحظى بقدر كبير من التذمر وعدم رضى المواطنين ورغم دلك يطالبون بأداء رسوم إضافية مهما كانت وضعيتهم الاجتماعية .
مستشفيات المغرب تنتقل من المجانية المطلقة الى المجانية المقنعة
فإذا كانت المستشفيات العمومية المغربية إلى وقت قريب توفر كل المستلزمات الطبية والأدوية للمرضى المعوزين دون شروط مسبقة ، وتقدم خدمات مجانا وتساعد المرضى على تشخيص حالتهم دون عراقيل إدارية أو شروط مالية ،فان أغلبها اليوم نتيجة ضعف والإمكانيات تدفع بنسبة كبيرة من المرضى المعوزين لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية وحتى منها الأدوية العادية التي كانت متوفرة بكثرة و أصبحت نادرة بسبب الاختلالات التي عرفتها صفقات الأدوية التي تم تجميدها السنتين ألأخيرتين 2014 و2015 لاعتبارات غير معروفة.مما زاد من حدة المشاكل المتعلق بولوج الأدوية .
فبالإضافة الى ضعف المداخيل وهزال التمويل العمومي وعدم أداء مستحقات المستشفيات من الغلاف المالي المخصص لتغطية نفقات علاج المستفيدين من نظام الراميد، أصبحت جميع المستشفيات العمومية بما فيها المستشفيات الجامعية تفتقر الى أبسط الخدمات الطبية والعلاجية المجانية للفقراء يكشف لك عنها بجلاء الأطباء والممرضون والممرضات العاملون وحتى المسؤولون عن ادارتها عن ضعف وهشاشة الخدمات المقدمة للمرضى ، فضلا عن ما يسمى بالمستعجلات التي تجد بها جرحى راقدين في الأرض والممرات في حالة يرثى لها ، ومرافقيهم يقومون بشراء كافة احتياجاتهم الطبية والجراحية وأدوية من خارج المستشفى. رغم وجود قانون يلزم جميع المستعجلات الطبية والجراحية بضرورة توفير كل المستلزمات الطبية وأدوية المستعجلات الضرورية لانقاد حياة المرضى وإسعافهم او التخفيف من ألامهم ، وتقديمها مجانا في حينه دون شروط أو أداء. لأن علاج حالة الطوارئ وانقاد حياة المرضى بالمستعجلات بالسرعة والدقة والجودة المطلوبة ،مجانا ودون شروط مسبقة، تعتبر قاعدة عالمية طبية وإنسانية .
وفي نفس سياق تردي المستشفيات وتدهور الخدمات بها تقوم الفرق الطبية أحيان وفي عدة مدن بإجراء عمليات جراحية تحت أضواء هواتفهم النقالة بسبب انقطاع الكهرباء وعدم وجود المولد الكهربائي أو تعطله ونجد هذه الحالة حتى في المستشفيات التي استفادت من قروض البنك الدولي والاتحاد الأوربي . وقد سبق وا تابع الراي العام ما تم عرضه من طرف أطباء وممرضون عبر وسائل التواصل ألاجتماعي من صور فظيعة تعكس حقيقة الأوضاع الكارثية لمستشفياتنا العمومية. وتضمنت بعض هذه الصور مرافق و مصالح استشفائية متقادمة ومتسخة، وتجهيزات طبية متهالكة وأسرة متهرئة، وركام من القمامة والقاذورات في كل ألأماكن، تساهم في انتشار الحشرات والحيوانات داخل المستشفيات . . هذا فضلا عن سلسلة من التحقيقات والتقارير التي انجزتها الصحافة الوطنية ، التي تتناول يوميا حالة تردى أوضاع المستشفيات ومعانات المواطنين بما فيها ظاهرة الأخطاء المهنية الناجمة عن عوامل مؤثرة لهدا الوضع المتردي.
فلم تعد تخلو جريدة ورقية أو اليكترونية اليوم ولا حتى أخبار إذاعة او قناة تلفزية من مواضيع الاختلالات والمشاكل الصحية فضلا عن مظاهر الفساد والتبذير والهذر والضعف التي يشكو منها النظام الصحي الوطني. لم تتوقف هذه الصحف عن الحديث عن سوء وضعف الخدمات الصحية والعلاجية المقدمة للمرضى و عن معانات وشكايات المواطنين والعراقيل التي توضع أمامهم لولوج العلاج وحقهم في الرعاية الصحية كحق من حقوق الإنسان والمواطنة.
المستشفى العمومي =مستشفى الفقراء
فمستشفيات المغرب وصلت الى حالة من التردي لم يسبق لها مثيل اغلبها يفتقر لأدنى مقومات الرعاية الصحية ومعظمها دون أطباء اختصاصيين و مردوديتها ضعيفة جدا ، لا تضمن جودة الخدمات و سلامة الممارسات الطبية والتمريضية لكونها تعاني من نقص حاد في السيولة والتمويل وفي الموارد البشرية الكافية لانجاز رسالتها الإنسانية والاجتماعية والطبية النبيلة في ظروف وشروط حسنة وبيئة سليمة ، نقص في الموارد المالية والبشرية ,نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية والجراحية ,تدني العرض ألاستشفائي وتدني ظروف الاستقبال والتكفل بالمرضى وضمان سلامتهم . هذا ناهيك عن مستشفيات الأمراض العقلية بالمغرب ، التي هي عبارة عن سجون ووضعيتها كارثية لا توفر ادني الشروط الإنسانية والطبية العلاجية لنزلائها ، كما جاء في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وضعية جعلت 90 في المائة من المنخرطين في صناديق التامين الاجباري عن المرض يغيرون وجهتهم الى المصحات الخاصة التي توفرعلى الأقل شروطا إنسانية للاستشفاء والعلاج. وبالتالي أصبحت المستشفيات العمومية ملجأ المرضى الفقراء بعد أن كانت تمثل أفضل الخدمات الصحية وتحظى بثقة جميع الفئات الاجتماعية وتستقطب كل الفئات بما فيها اعيان وأغنياء المغرب .اقد اصبح المستشفى العمومي مستشفى الفقراء والمعوزين فما يقارب 90 في المائة من المرضى المقيمين بالمستشفيات العمومية هم من فئة الفقراء ودوي الدخل المحدود و حاملي بطاقة الراميد.
الفساد والهذر والتبذير : ضرورة اغلاق المستشفيات الغير منتجة للخدمات الصحية والقيام بعملية تجميع الموارد
ومن جانب اخر تعاني عدد كبير من المستشفيات من ضعف الحكامة وغياب الشفافية في التدبير وعقلنة الموارد ،حيث عشش فيها الفساد والتبذير وتناسلت بها فضائح الصفقات المشبوهة ،وعدم المسائلة عن مال ومصير الأموال الضخمة التي مصدرها قروض البنك الدولي والاتحاد الأوربيو البنك الإفريقي للتنمية. قروض لتحسين وضعية المستشفيات وتأهيلها تم تحويل جزء كبير منها الى تعويضات في اطار ما يسمى بالتكوين المستمر والتاطير الفني علاوة على السفريات للخارج . مما أدى الى ضياع وهدر ملايين الدراهم في أنشطة لاعلاقة لها بدفتر التحملات وأهداف القروض .
وفي هدا السياق نسوق أمثلة عن عدة مشاريع استثمارية لمستشفيات عمومية تم الشروع في بنائها مند مدة فاقت 10 سنوات ولم تكتمل بعد الى اليوم وهي أضحوكة وزارة الصحة التي لم تستطع بناء مستشفى من طاقة ايوائية متوسطة لا تتعدى ل100 سرير ، بسب التلاعب والفساد وهدر المال العام ومثال مستشفى مدينة سلا ومستشفى مدينة تمارة شاهد للعيان . ويستمر الحديث في عدد من جهات المملكة عن مركزة الصفقات العمومية في برمجة مشاريع مستشفيات جديدة خارج المديريات الجهوية والمندوبيات الإقليمية في اطار ثقافة المركزية المفرطة وتوجيه صفقات المشاريع الجديدة الى جهات بعينها . الى درجة الحديث عن أسماء محظوظين ومقربين سيحصدون صفقات بناء مستشفيات جديدة تدبر عملياتها في الصالونات المغلقة. وهي الوضعية التي أضحت تثير حفيظة وقلق وتدمر عدد من المقاولات والشركات في غياب الشفافية واحترام قانون الصفقات بها و عودة التحكم والتوجيه من طرف الإدارة المركزية لوزارة الصحة .أمام عدم المسائلة من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات والمراقبة المالية لطريقة تدبير هذه الأموال الضخمة ونتائج الأهداف المسطرة.
وقد أدت هذه الممارسات الى تدهور المنظومة الاستشفائية ببلادنا بسبب التسيب والفساد الاداري وعدم وجود رقابة حقيقية على تدبير المستشفيات العمومية من اجل محاربة الفساد المستشري ببعض المستشفيات العمومية تكون لها سلبيات لا حد لها على صحة وحياة المرضى . ومن جانب اخر يظل التبذير هو السمات البارزة في عدد من المدن المغربية التي تتوفر على أكثر من مستشفى عمومي تظل خدماتها سيئة للغاية كان على وزير الصحة اغلاقها وتحويل نفقاتها المالية والبشرية الى المستشفى النموذجي بالمدينة من اجل توسيع ودعم امكانياتها المالية والبشرية وتحسين مردوديته وتستفيد منه ساكنة الإقليم بدل عدة مستشفيات في إقليم واحد كلها دون مردودية وخدمات سيئة ونخص بالذكر هنا مستشفيات بمدن البيضاء والرباط ومكناس وفاس مثال مستشفى مولاي يوسف بالرباط الذي لاقيمة مضافة له بالشبكة الاستشفائية بالعاصمة خدماته الصحية والعلاجية ضعيفة جدا ويحصد ميزانية سنوية كبيرة تفوق 14 مليون درهم وهو لا يوفر خدمات إلا لأقل من 12 مريض في اليوم ،رغم توفره على اكثر من 100 سرير كطاقة ايوائية ويشغل أزيد من 100 طبيب و120 ممرضا بعضهم مردوديته صفر كالأطباء المختصين العلاج الكميائي في الأنكولوجيا .... ونستغرب كيف لم يتساءل قضاة المجلس الأعلى عند زيارتهم الأخيرة لهدا المستشفى عن دور هذه المؤسسة الاستشفائية وطرق صرف أموالها ولمن وأين ؟ كما نسوق هنا مستشفى الولادة الليمون بالعاصمة الذي يفتقد لقاعة للإنعاش ولا يتوفر على الحاضنات الزجاجية في حين نجد أن المستشفى الجامعي للولادة السويسي به 3 طوابق فارغة بالكامل كان على وزير الصحة القيام بجمع كل اقسام الولادة في هدا المستشفى وتجميع الموارد المالية والبشرية في مستشفى واحد للتخفيف من المشاكل والصعوبات والحد من الهذر .كان بالأحرى على الوزير اغلاق هذين المستشفيين وتحويلهما الى مشاريع أخرى اكثر مردودية وإفادة لصحة المواطنين وللقطاع وهناك امثلة متعددة لمستشفيات بالمدن الكبرى وجب اغلاقها وتجميع الموارد المالية والبشرية كما هو عليه الحال في اروبا حينما يكون المستشفى دون مردودية ومصدرا لهدر الأموال العمومية يتم اغلاقه وتحويل ذلك الى جهات أخرى من المملكة هي في امس الحاجة الى الخدمات الاستشفائية
ضعف الشفافية وآليات المحاسبة بالقطاع الصحي
لقد تعددت مظاهر الفساد في القطاع الصحي العمومي في السنوات الأخيرة كشفت عن بعضها تقارير المجلس الأعلى للحسابات وتقارير وزارة المالية في مناسبات عدة . من نهب المال العام والتلاعب في الصفقات وفي موارد الدولة والتصرف فيها بغير وجه حق تحت مسميات ومبررات مختلفة ومختلقة وقد جرى تنميطها والتستر عليها ودفن العديد من ملفات الفساد عوامل وممارسات إدارية تشجع على تكريس في مجموعة من السلوكيات يقوم بها بعض المسؤولين المركزيين وبعض المشرفين على تدبير المستشفيات العمومية مما يساعد على تكريس سلوكيات المحسوبة والمحاباة والرشوة والوساطة والتدخلات للتعيين في مناصب المسؤولية دون الالتزام بالكفاءة اللازمة واصول العمل وخاصة ثقافة تعيين أشخاص في منصب مدير مستشفى او مندوب او مدير جهوي لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبي رغم عدم توفر معايير الاستحقاق والكفاءة المطلوبة تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبي رغم كونه غير كفؤ أو مستحق . اما القطاع الخاص فيعتبر مجال خارج المنظومة الصحية ممركز جدا في المدن الكبرى ضعيف الاستثمار على المستوى المجالي يظل بعيد كل البعد عن المراقبة و يفرض أسعار قانون السوق اضعاف التعريفة المرجعية المحددة من طرف الوكالة الوطنية للتامين الصحي و بعضه يعرف فسادا كبيرا وتزوير في المعطيات لمؤسسات التامين قصد الحصول على أموال دون وجه حق .
أغلب المستشفيات العمومية مثقلة بالديون و مهددة بالإفلاس التام وفقدان ثقة المواطنين بها.
وقد أدت هذه الوضعية المتردية والخطيرة التي تعرفها المستشفيات العمومية بالمغرب سواء على مستوى انتاج الخدمات او على مستوى الجودة والسلامة الى فقدان ثقة المواطنين بها ، وهو ما يفيد انخفاض معدل إشغال السرير الذي يصل أحيانا الى أقل من 35 % ، بسبب قلة الموارد وضعف الخدمات وتراجع المداخيل .... وهي اليوم تعيش وضعية افلاس تام و عاجزة كلية عن أداء ديونها اتجاه عدد كبير من المؤسسات والشركات وصلت الى 4 مليار لفائدة اتصالات المغرب و3 مليار لشركات الماء والكهرباء علاوة على الديون المتربة عن تغذية المرضى والحراسة فضلا عن الديون اتجاه شركات الصيانة إما الجانب الاستثمار فقد علق مند أربع سنوات إلا في ما ندر.مما دفع بعدد من المسؤولين الى تقديم استقالتهم أو المطالبة بإعفائهم . قد تم إغراق كل المستشفيات بالديون لأن العملية الصحية عملية تتعلق بحياة المواطن لا يمكن أن تتوقف. أغلب المستشفيات العمومية تواجه ا أضحت توجه ضغوط وتهديدات شركات التموين والصيانة والحراسة والنظافة والتغذية بتوقيف تزويدها بالمستلزمات الطبية والدوائية والغداء وغاز الأكسيجين. فديون المركز الاستشفائية الجامعية الخمسة فاقت 10 مليار. والمستشفيات المدبرة بطريقة مستقلة - سيكما -ومؤسسات صحية أخرى أصبحت ترفض التعامل بطاقة الراميد في انجاز الخدمات كالتحليلات الطبية والتشخيص المغناطيسي والسكانير .
فمن يؤدي ثمن هذه الإختلالات ؟
أنهم المرضى الفقراء والمعوزون ودوي الأمراض المزمنة والاحتياجات الخاصة والمعوقون ، والدين يوجدون اليوم خارج اي نظام للتغطية الصحية او تامين صحي ، يمثلون 70 في المائة من افراد المجتمع . نسبة هامة منهم ليس أمامهما سوى ملاذ واحد ووحيد : هو المستشفى العمومي ، بحكم أنهم غير قادرين على مواجهة تكاليف العلاج بالمصحات الخاصة ،التي تفرض أسعارا جد مرتفعة ، ورغم دلك نجد فئة أخرى من دوي الدخل المحدود من الفئة الواسعة من غير المؤمنين والفقراء تضطر لبيع أثاثها وممتلكاتها للتوجه نحو القطاع الخاص بحكم خطورة المرض؟وأمالا في الشفاء مهما كان الثمن يفضل عدد كبير من المرضى بمن فيهم الأسر الأقل دخلا التوجه نحو القطاع الخاص الذي يوفر الحد الأدنى من الخدمات العلاجية والإنسانية رغم ارتفاع تكلفتها ..خاصة مع تأكيد فشل نظام الراميد وحرمان ملايين من المواطنين من حق العلاج المجاني. نتيجة اعطاب تمويل نظام الراميد وتهريب ما مجموعه 12 مليار درهم المخصصة له في إطار ما يسمى بصندوق التماسك الاجتماعي وتحويلها الى وجهة أخرى أو عدم صرفها أصلا رغم مصادقة البرلمان على ذلك . فضلا عن 3 مليار درهم خصصها الاتحاد الأوربي كمساعدة لمواكبة نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود وتعميمه تبخرت بدورها في مجالات لم يتم الإفصاح عنها في تقارير التقييم . ونتمنى ان يكشف عنها المجلس الأعلى للحسابات للرأي العام ويفند المغالطات التي روج لها وزراء في الحكومة الحالية بخصوص تمويل الراميد . فالميزانية السنوية المخصصة للراميد في إطار ما يسمى "صندوق التماسك الاجتماعي " . عدم تسديد نفقات المستشفيات المتعلقة بالخدمات المنجزة في اطار نظام الراميد جعل ميزانيتها تعرف تراجعات خطيرة منذ أربع سنوات وعجزا غير مسبوق . وأصبح الفقراء حاملي بطاقات الراميد مطالبين ومرغمين على المساهمة في تغطية نفقات العلاج والجراحة والدواء .فضلا عن معاناتهم من الازدواجية في التعامل بين من يؤدي مصاريف العلاج نقدا ومن هو حامل لبطاقة الراميد سواء على مستوى الحصول على موعد للاستشفاء او الجراحة او موعد للتشخيص او على مستوى احترام مسلك العلاجات، وهو ما ينفي على مدونة التغطية الصحية الأساسية مبدأ المساواة والعدالة بين المؤمنين والأغنياء وفقراء الأمة.
وبهده الممارسات والمواقف تكون الحكومة قد ارتكبت جريمة في حق فقراء المغرب الدين تحملوا طيلة 4 سنوات الأخيرة تكاليف الصحة والدواء من جيوبهم وبنسبة 20 في المائة منهم اضطرت بعضهم لبيع ممتلكاتهم من اجل توفير إمكانات العلاج بالمصحات الخاصة. وهو ما يؤكد أننا امام مشروع نظام تامين صحي للفقراء قد أصيب بالفشل نظرا لعدم الوفاء بالتزامات تمويله وهو ما يعكس غياب منظور شامل لإصلاح القطاع الصحي ويكرس مقاربة السياسة الصحية بسرعتين :صحة للأغنياء وصحة للفقراء. .
فشل نظام الراميد يعمق من أزمة المستشفيات بالمغرب
يعاني نظام التامين الصحي للفقراء ودوي الدخل المحدود – الراميد من ضعف التمويل وتسجيله المستشفيات العمومية خسائر متراكمة، وعدم قدرتها على المنافسة مع القطاع الخاص مما أدى الى عزوف عدد من المواطنين حتى على المطالبة بالحصول على بطاقتهم ،بسبب مطالبة حاملها بشراء الأدوية والمستلزمات الطبية والجراحية من خارج المستشفيات العمومية . وعدم تفعيل اهداف النظام في تقديم الخدمة الصحية المجانية الكاملة لجميع المومنين في هذا النظام – الراميد وعدم التمييز بينهم وبين المؤمنين لدى صناديق التأمين الخاص بالأجراء. وتعطيل مأسسة تقديم الخدمات الصحية لدوي الدخل المحدود مجانا و وفق معايير الجودة وعلى قاعدة المساواة والنزاهة ، من خلال تفعيل دور الوكالة الوطنية للتأمين الصحي في تاطير منظومة التأمين وفق القانون 65-00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية ومعايير تحقق العدالة الصحية والشفافية والمسائلة وخلق صندوق لتدبير نفقات النظام وطريقة أداء مستحقات المستشفيات العمومية لقاء الخدمات المقدمة لدوي الدخل المحدود . وإشراك المجتمع المدني في بلورة السياسات والمراقبة والتتبع والتقييم وتنمية ثقافة مجتمعية تحاصر الفساد وتواجهه وتحقق الشفافية والمسائلة.
فأمام غياب تام وشبه كلي للأدوية والمستلزمات الجراحية داخل العديد من المستشفيات العمومية يظل المريض الفقير يواجه المجهول بين مستشفيات حكوميّة لا يستطيع دخولها وبين طب شعبي وشعوذة غير مجدية وان قل ثمنها. فرغم استفادة حاملي بطاقة الراميد من العمليات الجراحية العادية كالزائدة والفتق....على سبيل المثال فانه يجد صعوبة كبيرة في الاستفادة المجانية من العمليات الجراحية المعقدة والمكلفة سواء في امراض القلب والشرايين او الجهاز الهضمي او جراحة الدماغ.... فهناك صعوبات تواجه المستشفيات في التكفل بها بحيث أن جراحة العظام مثلا يكون المريض مطالبا أثناءها بشراء الحديد الذي تصل تكلفته إلى 11000 درهم او في حالة جراحة القلب والشرايين قد تصل متطلبات الأسر الى ملايين الدراهم حسب حالة مريضهم وعليهم تدبر امرها .وهناك أسر معوزة لا تستطيع دفع هذا المبلغ المكلف لكون أن العمليات التي تحمل طابعا معقدا تحتاج إلى لوازم ومعدات لا تستطيع جل المستشفيات توفيرها بسبب عدم فاعلية وجدوى نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود الذي تقع مسؤولية تمويله على الحكومة والجماعات المحلية من الخزينة العامة للدولة. لنظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود منذ انطلاقته سنة 2012 وعرض المشروع أمام أنظار جلالة الملك يوم 14 مارس 2012 التزمت الحكومة ووزارة الصحة أمام جلالة الملك بتخصيص 3 مليار درهم سنويا لتمويل النظام وتغطية النفقات الصحية المستهلكة من طرف الفقراء على أساس ان تكون كل الخدمات المقدمة لهم مجانية من التشخيص والتحليلات الطبية والعلاج الطبي والجراحي وهو لم تحققه على ارض الواقع وظل النظام مجرد بطاقات يتسلمها المواطنون الفقراء وغيرهم كثير دون الاستفادة من مجانية العلاج والدواء فحامل بطاقة الراميد يؤدي من جيبه ما يقارب 70 في المائة من تكاليف العلاج كما أن مؤشر مساهمة الأسر في التكاليف الإجمالية للصحة وصلت إلى 60 في المائة.
لقد ظلت الحكومة طيلة أربع سنوات تروج لمغالطات وأكاذيب خلال الندوة الدولية الثالثة لتقييم حصيلة تعميم نظام المساعدة الطبية لمغالطات توفير الحكومة للموارد المالية لنظام الراميد وهو ما تم تفنيده من طرف الشبكة في عدة مناسبات وتقارير كما التزم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عن قرار بتعميم نظام المساعدة الطبية "راميد"، ليشمل مغاربة المهجر المعوزين الذين لا يستفيدون من نظام التغطية الصحية ببلدان إقامتهم.ولا شيئ من هذا تحقق ووعد وزير التشغيل باستفادة اباء وأمهات المؤمنين الدين لادخل لهم من نظام التامين مع أبنائهم وفق الفصل من مدونة التغطية الصحية الأساسية وظل كلاما دون ترجمة شعاراته على ارض الواقع.
مما أدى الى مؤشرات صحية سوداء ومتخلفة وأزمة التمويل تهدد نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود والفقر يلاحق ألاف المواطنين بسبب تكاليف الرعاية الصحية؛ نحن امام مشروع نظام صحي للفقراء أصيب بالفشل نظرا لعدم الوفاء بالتزامات تمويله وهو ما يعكس غياب منظور متكامل للانتقال الى نظام صحي وطني وتغطية صحية شاملة يكرس مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف
وصفات البنك الدولي المفلسة وقروضه التي ترهن مستقبل أجيال هذا الوطن دون فائدة على ارض الواقع
وفي هذا السياق نتساءل عن جدوى استمرار الحكومة في إغراق بلدنا بديون البنك الدولي في مجالات غير واضحة رغم الحديث عن الرعاية الصحية في البوادي ونحن عاجزون عن تحقيق تامين صحي للفقراء أينما وجدوا وتقريب الخدمات الصحية منهم وسيارات الإسعاف لنقلهم في حالة الخطر والضرورة الصحية والطبية والاستعجالية وتوفير المستلزمات الطبية والجراحية والأدوية بمستشفياتها العمومية من اجل تحقيق المجانية الكاملة في علاج والرعاية الصحية للفقراء والتقليص من نفقات الأسر بالمغرب الذي لازالت مرتفعة جدا تنصل الى 56 في المائة ولم تحقق ادني رقم ايجابي في المؤشرات الصحية بما فيها تلك المتعلقة بأهداف الألفية للتنمية لسنة 2015 فقد استمر الأداء المباشر الخاص بالعلاج من طرف الأسر الفقيرة بنسبة 56 في المائة و76 في المائة بالنسبة للأدوية وبالتالي تحولت خدمات الراميد الى إعانة وإحسان من الدولة بدل ان نظام تامين صحي إجباري على الدولة لدوي الدخل المحدود في إطار التضامن والتكافل الاجتماعي بين المواطنين في حين ان التغطية الصحية للأثرياء الذين تشملهم أنظمة تأمين صحي حكومية أو خاصة أو القادرين على دفع رسوم الخدمات الصحية من أموالهم تعاظمت وتطورت بشكل كبير وملحوظ وستزداد تحسنا مع الاستثمار في القطاع الخاص في إطار تنفيذ توصيات البنك الدولي، بالتخلي التدريجي عن القطاع العام وتشجيع القطاع الخاص والخوصصة . وهو ما نعيشه اليوم من تردي القطاع العمومي وتراجع مستوى خدماته وجودتها و فشل اغلب البرامج خدمات الرعاية الصحية الأولية المقدمة لفائدة الأسر الفقيرة .وهو الفشل الذي لعب فيه البنك الدولي دوراً هاماً بتأييده لخفض نفقات الرعاية الصحية بالقطاع العام. وتشجيع القطاع الخاص ،الذي بإمكانه أن يقوم بالدور بطريقة أفضل من القطاع العام. وتوجيه الحكومة على أن تكون ميزانيات المستشفيات من الموارد الذاتيّة، وتقليص التمويل العمومي والتخلي عن العلاج المجّاني مما جعل ميزانية وزارة الصحة لا تتعدى 4.5 في المائة و1.2 من الناتج الإجمالي الوطني.وتظل ال13 مليار المخصصة للقطاع ضحية تدبير سيئ وتدبير واختلالات يستفيد منها القطاع الخاص . ان القطاع الخاص يجب ان يكون مؤطرا قانونيا وملتزم أخلاقيا بقوانين ورسالة الطب والصحة ورافدا أساسيا للقطاع العام في مجال تقديم الخدمات الطبية , إلا أن الرهان عليه بالكامل وإلغاء القطاع العام الذي تموله وتشرف عليه الدولة يظل هذا الرهان خاسرا. لأسباب واضحة في بنية القطاع الطبي الخاص من حيث منطلقاته وغاياته إذ انه يعتمد أي القطاع الطبي الخاص على مرتكزين أساسيين وهما الربح والانتقائية { اختيار نوعية المرضى} وهما نقيضين صارخين لمفهوم ودور القطاع العام/الدولة/المجتمع وهو المساواة في توفير الخدمة الطبية لكل إنسان لكونه إنسان فقط إضافة الى الفساد المالي والإداري والأخلاقي المتفشي بهذا القطاع منذ سنوات طويلة .
انطلاقا من الوضعية المزرية التي تعاني منها المستشفيات العمومية من ضعف التمويل و في غياب تغطية صحية شاملة أمام وجود 50% من المواطنين دون تغطية صحية وهي التي تتحمل عبئمصاريف العلاج كاملة دون حق استرجاع مصاريفها أو تعويض عنها. كما ان 56 في المائة من ساكنة البوادي والقرى - هم الأفقر- بلا أية غطاء تأميني صحي أو اجتماعي حقيقي . وفي عدم الإنصاف لإتاحة موارد العلاج على نفقة الدولة، وتقريبها منهم ، مادامت البوادي تفتقر الى المؤسسات الصحية وعلى المريض المشي على الأقدام ازيد من 10 كيلومترات للوصول الى اقرب وحدة صحية تجدها تفتقر الى كل شيء حتى الأدوية العادية وذات طبيعة استعجالية . ناهيك عن معانات النساء الحوامل بهده المناطق النائية اللواتي يضطررن اثناء الولادة الى البحت عن وسيلة نقل خاصة في غياب سيارة اسعاف وزارة الصحة والجماعة القروية، يتم نقلها بشروط تكلفة عالية ليست في متناول الأسرة لتحملهن الى اقرب وحدة ولادة تبعد أكثر من 30 كلم عن الدوار . وغالبا ما يلجأ افراد الأسرة الى حمل المرأة الحامل فوق نعش او دابة بسبب غياب الموارد المالية . وهنا لا يمكننا القفز عن سيارات الإسعاف الكبيرة والطائرات التي كلفت وتكلف الدولة ملايير الدراهم كان من الأجدر تحويلها الى ألاف من سيارات الاسعاف العادية تمكن من خلق فرص شغل لعشرات المسعفين والممرضين المختصين في المستعجلات وسواق من جهة و تعمل على انقاد حياة الآلاف من النساء الحوامل من الوفاة بسبب الحمل ومضعفاته . خاصة ان مؤشر وفيات الأمهات الحوامل بالبوادي والمناطق النائية بالمغرب يفوق 200 في كل 100 الف ولادة حية وهو رقم مخجل ومؤلم في نفس الأن.
استمرار غلاء الأدوية والتجهيزات والتحاليل الطبية وضعف التغطية الصحية يرفع من مساهمة الأسر في التكاليف الاجمالية للصحة بنسبة 56 في المائة
فقد أكد تقرير سابق التقرير للشبكة المغربية للدفاع عن لحق في الصحة = الحق في الحياة ان أكثر من 56 % من الإنفاق الكلي على الرعاية والخدمات الصحية هو إنفاق ذاتي مصدره من جيوب الأفراد والأسر المغربية أي من الإنفاق الكلي على الرعاية والخدمات الصحية هو إنفاق ذاتي وتدفع بطريقة مباشرة من قبل المواطن . وان ما يقارب 70 في المائة من المرضى يجابهون المصاريف المرتفعة للصحة والتي يمكن أن تتسبب في تفقيرهم .كما أن 20 في المائة من المواطنين الفقراء وذوي الدخل المحدود يضطرون لبيع ممتلكاتهم من أجل العلاج ولشراء الأدوية وهي عوامل تؤدي الى ارتفاع إعداد الفقراء ومعدلات الفقر . قروض البنك الدولي تعد بالملايير لفائدة قطاع الصحة العمومية بالمغرب و النظام الصحي الوطني متهالك ونفقاته بعيدة كل البعد عن الأهداف التي رسمت لها وصرفها يتم في غياب المراقبة الصارمة؛ وزارة الصحة تتخلى عن شراء الأدوية المبرمجة في ميزانية 2014 و 2015 وتقدر ب 2,2 مليار درهم عن كل سنة والمراقبة المالية غير معنية .
فإمام غياب عدالة توزيع الرعاية الصحية بالمغرب يكون دائما ضحيتها الفقراء ودوي الدخل المحدود ودوي الاحتياجات الخاصة وان غياب حق ولوج الأدوية التي قيل الكثير عن انخفاض أثمنتها فهي لا تتجاوز 10 في المائة من أزيد من 6000 دواء يتم الترويج له بالمغرب، وأن 60 في المائة من تلك الأدوية التي تم تخفيض ثمنها وأحيانا بأقل من 10 سنتيم تستعمل فقط بالمستشفيات العمومية، أما نسبة 90 في المائة من الأدوية فلم يمسها أي تخفيض ولازالت نسبة هامة منها تفوق 300 في المائة عن أسعارها في أوربا ودول المغرب العربي وبعض الشركات المروجة لها موجودة على الورق ولا تتوفر على مصانع للإنتاج الأدوية وتجدر الإشارة إلى أن الإنفاق على الصحة لم يزد في أحسن أحواله عن 5% من إجمالي النفقات الميزانية العامة للدولة العامة، ويتحمل المواطنون خاصة الفقراء منهم ثلثي أعباء وتكاليف الخدمة الصحية والعلاج بنسبة 72% من الإنفاق الكلى (أنظر الحسابات الوطنية للصحة) . كما أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات وتقارير اللجان البرلمانية أخرها المهمة الاستطلاعية لمديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة والتي قامت بها لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب ووقفت على جبل من الاختلالات والتجاوزات والغموض الذي يكتنف التعاملات كافية لاتخاذ قرارات جريئة من اجل إيقاف النزيف ومحاربة الفساد خاصة بعد أن تم حرق عدد كبير من الوثائق المتعلقة بمديرية الأدوية وفي واضحة النهار دون مسائلة بل تم التكتم عنها لأن الفساد بها كسرطان يؤدي ثمنه المرضى الدين يكتوون بنار الغلاء. ان أكثر من 56 % من الإنفاق الكلي على الرعاية والخدمات الصحية هو إنفاق ذاتي مصدره من جيوب الأفراد والأسر المغربية أي من الإنفاق الكلي على الرعاية والخدمات الصحية هو إنفاق ذاتي وتدفع بطريقة مباشرة من قبل المواطن .وجب التقليص من مساهمة الأسر الى اقل من 25 في المائة على المدى القريب والمتوسط للوصول الى تغطية كاملة 100 في المائة عبر تعميم التغطية الصحية الأساسية الاجبارية على جميع شرائح المجتمع بمن فيهم دوي الدخل المحدود كنظام للتامين الصحي المجتمعي وليس صدقة او احسان والإسراع بإلغاء كل الرسوم الإضافية و المساهمات التي يؤديها المؤمن والمحددة في 20 في المائة من تكلفة العلاج وهي مرتفعة جدا مقارنة مع أجور الموظفين والعمال والإقرار بالتغطية 100 في المائة لنفقات العلاج والتشخيص.
أن النظام الصحي الوطني أصبح متجاوزا بحكم تركيبته التنظيمية والتشريعية وإستراتيجية صناعة القرار والممركز جدا (مركزية مفرطة) من اجل الاستحواذ على كل المشاريع والصفقات العمومية . نظام لم يعد تواكب العصر لا من حيث المفهوم ولا من حيث الممارسة بسبب ضعف وقلة الموارد البشرية التمريضية والطبية وعدم توزيعها حسب حاجيات السكان ( 1000 طبيب يشتغلون بالإدارة المركزية لوزارة الصحة يقومن بمهام أطر إدارية وتقنية متوسطة) بل أن فشل السياسات الصحية تعود بالأساس الى ضعف تمويل المنظومة الصحية حيث لم تتجاوز النفقات الصحية بالمغرب 4،1 في المائة من نفقات الميزانية العامة . 50 في المائة منها تلتهمها المستشفيات العمومية واقل من 30 في المائة توجه للعلاجات الأولية والوقاية كما الرعاية الصحية بالمغرب تتير قلقا متزايدا على المدى البعيد، خاصة بسبب التحولات الديموغرافية والوبائية المنتظرة خلال السنوات العشرين الآتية وخصوصاً ان النمو السكاني مقروناً بتزايد أعمار المواطنين والمساهمة المتنامية للأمراض غير المعدية في مجموع أعباء المرض ستكون لها مضاعفات خطيرة على تمويل الرعاية الطبية وتدابير توفير الخدمات الصحية في البلاد. فإشكالية النظام الصحي الوطني تتمثل أساسا في نقص التمويل الكافي لتقديم خدمات مناسبة رغم ان ما هو مخصص من مال للقطاع بالرغم من انه غير كافي فان جزء كبير منه يضيع في أزقة الفساد والرشوة والسرقة وعلى حساب المرضى الذين لاحول ولاقوة لهم بسبب ضعف وسوء الإدارة الصحية وغياب آلية تشريعية تضع الشخص المناسب في المكان المناسب والتبذير والنهب والفساد مما جعل الخدمات المتوفرة حاليا لا ترتقي لمستوى خدمات عالية الجودة نتيجة لغياب الشروط الأساسية وهي التمويل الكافي والإدارة الجيدة وربط التمويل بالخدمات الملائمة المتعلّقة بالصحة هو إحدى المقاربات الواقعية الواعدة للحد من الفقر ، إلا أن حكومة لم تقم قط بهدا العمل بل تراجع نسبة تمويل النظام الصحي وسوء استخدام الموارد المتاحة وان التغطية الصحية الشاملة لم تكتمل بعد ولا تقتصر التغطية الصحية على الصحة فقط ، فاتخاذ خطوات من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة يعني اتخاذ خطوات من أجل تحقيق الإنصاف وأولويات التنمية والإدماج والتماسك الاجتماعيين لتغطية بالخدمات الصحية؛
ضرورة إعادة هيكلة وإصلاح المنظومة الصحية الحالية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب
تعتمد هيكلية وزارة الصحة الحالية على بينية تقليدية ثقيلة ومتجاوزة تحكمها الحسابات السياسية في خلق وتوزيع المناصب. إدارة تعتمد المركزية الفرطة والمطلقة ، تعاني من عدم وضوح الأدوار واتخاذ القرارات، وضعف الكوادر اللازمة في مجال التخطيط ورسم السياسات الإستراتيجيات وخاصة في مجال تدبير المستشفيات التي غالبا ما يتم تفويضها الى الأطباء دون تخصص وكفاءة في هدا المجال وعدم توفر أنظمة صحية ومعايير واضحة لتقييم الأداء وغياب اليات المسائلة في القطاع الصحي الي يعاني الضعف وينتج الارتجال يفتقر الى هيئة عليا للصحة مستقلة تضم جميع الأطراف المعنية بالمجال الصحي فرغم وجود مديريات جهوية ظلت دون صلاحيات ولا اهداف ولابرامج ولا تمويل حقيقي .كل المشاريع والبرامج تدار من فوق دون تنسيق بين 7 مديريات تعوزها الفعالية والجدوى.
ثم ان فتمويل النظام الصحي الوطني يظل أهم تحدي يواجه توفير خدمات طبية لائقة وذات جد نظرا للكلفة العالية الضرورية وأحيانا غير المتوقعة. و الولوج للخدمة في الوقت والمكان المناسب من قبل المحتاجين لها دون شروط ومجانا و بغض النظر عن أي معايير أخرى حتى لا تصبح الصحة حكرا على من لهم القدرة على الدفع،فالرعاية الصحية حقا أساسيا من حقوق ألإنسان على الدولة والحكومة المغربية أن تحترمه وتحميه وتعمل على تنفيذه وفقا لمعايير أخلافية محترمة من التضامن والإنصاف والعدالة والكرامة الإنسانية وبالتالي وجب إعادة هيكلة وإصلاح المنظومة الصحية الحالية ، يهدف تحقيق التغطية الصحية الشاملة لكل مواطن دون تمييز وإلى تأسيس أداة تمويلية تأمينية تتسم بالكفاءة والاستدامة في استخدام الموارد المتاحة. واحترام حقوق المرضى وتوفير مناخ سليم داخل المستشفيات للحفاظ على كرامتهم ورضاهم عن ما يقدم لهم من خدمات رعاية صحية.
إن الإصلاح يعني إحداث تغيير شامل وعميقا للنظام الصحي الحالي يعتمد على التغيير المجتمعي الديمقراطي والدولة المدنية الحديثة. وان الرعاية الصحية حق وليست مجرد سلعة وهو حق معياري يقاس بمؤشرات التوافر والإتاحة المالية والجغرافية والجودة وعدم التمييز. وإن هذا الحق يجب أن يمثل الإطار الأخلاقي للنظام الصحي ولذا يجب أن يحترم ويحمى وينفذ وفقاً للعهود والقوانين الدولية وفي إطار خطة للتنمية البشرية الشاملة والعادلة تستند إلى تطوير المحددات الاجتماعية للصحة ووضع السياسات والتشريعات الصحية التي تخدم الهدف وإعادة الهيكلة التي تحقق ذلك وينبغي أن يعتمد النظام الصحي المراد تطبيقه على قيم التضامن الإنساني الذي يوجب مراعاة كرامة الإنسان وقدراته المالية ومسؤولية المجتمع وهو جوهر فكرة التأمين الصحي لأنه يوفر مجالات للمشاركة المالية في تحميل مخاطر المرض وأعبائه وتحمل المجتمع والدولة مسؤولية الرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين ودوي الاحتياجات الخاصة من نساء وأطفال ومعوقين ومسنين وعجزة ومهاجرين في وضعية هشاشة . وإلغاء الرسوم الاضافية المحددة في 20 في المائة في العلاجات الطبية والجراحية والتحليلات والتشخيص واسترجاع 100 في المائة من مصاريف الأدوية الجنسية و80 في المائة من مصاريف الدواء الأصلي . إعادة بناء مؤسسات التأمين الصحي والعلاج في الخارج، التي تكلفها ملايين الدراهم وتشجيع الاستثمار العمومي والخاص في المجال الصحي وتعزيز روح الشفافية والمحاسبة فيها. كما تطالب الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة بإعادة النظر في تدبير التحويلات المالية لصناديق التامين الاجباري عن المرض ( الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي) لفائدة صندوق الإيداع والتدبير والتي بلغت 20 مليار درهم ،من اجل استثمارها في تنمية وتطوير المنظومة الصحية العمومية الوطنية ، بمنظور جهوي عادل وفق المحددات الصحية وحاجيات السكان والمؤشرات الصحية والاجتماعية والوبائية بها.وتشييد مدن صحية بالجهات الكبرى عوض استثمارها في بناء الفنادق السياحية والعقار الخاص. كما تدعو وزارة الصحة الى الوفاء بالتزاماتها في مسالة الاستثمار في الصحة وتشجيعه في المناطق والجهات التي عات من التهميش ومراقبة أسعار القطاع الخاص بدعم استراتيجية الوكالة الوطنية للتامين الصحي لتقوم بدورها ورسالتها في تاطير النظام وتعميمه وتوازنه وديمومته ومراقبة التجاوزات .
وفي الختام تطالب الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة = الحق في الحياة من المجلس الأعلى للحسابات بإعمال صلاحيته الدستورية من اجل تقصي الحقائق في قروض البنك الدولي والاتحاد الأوربي والبنك الإفريقي للتنمية الضخمة التي خصصت للقطاع الصحي العمومي وتقييم ما صرف منها وما بقي لدى وزارة المالية قبل صرف القرض الجديد علاوة على التحقيق في مصير الميزانية المخصصة لنظام الراميد في إطار صندوق التماسك الاجتماعي التي بلغت 12 مليار درهم كديون لفائدة المستشفيات العمومية المدبرة بطريقة مستقلة والمراكز الاستشفائية الجامعية الخمس والتحقيق في الأسعار الحقيقة للأدوية بالمغرب بناءا على معطيات الواقع وبعيدا عن ضغط لوبيات صناعة الأدوية والمتورطين في حرق أطنان من الوثائق بمديرية الأدوية بوزارة الصحة سنة 2014 من اجل إخفاء حقائق الفساد والمفسدين خاصة بعد صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2012 حول مديرية الأدوية . وبالتالي وجب تعزيز فرص المساواة بين المواطنين في الحصول على الخدمات الصحية بعيدا عن المحسوبية وأشكال الفساد يتطلب توفر مجموعة من الإجراءات والأنظمة المترافقة الشفافية ، والمساءلة و أخلاقيات المهنة من اجل محاربة مظاهر الفساد بالقطاع الصحي الذي ظل ولا يزال كبقرة حلوب بعيد عن المراقبة والمسائلة الحقيقة .