زووم بريس            بنكيران و شباط في برنامج الخيط الابيض            سيارة عملاقة "ولاه أوباما باباه ما عندو" تتجول بالرباط            هل تنفع المواسات في انقاد افلاس المنظومة التعليمية            تم توقيف سيارة من نوع مقاتلة بالمناطق الحدودية الشرقية بين المغرب والجزائر محملة بكمية من الحديد             وكالة إشهارية تستعمل شبيهة أميناتو حيضر في لوحة إشهارية            القاء القبض على عشاب بتهمة اعداد دردك مسمن مؤخرات النساء             حمار يلج القسم و يريد ان يتسجل في الماستر مستقبلا             إعتصام ثلاثة صحافيين من البيان أمام النقابة الوطنية للصحافة            كبش يجرب حظه في مدرسة سد الخصاص           
كواليس زووم بريس
طوطو يعيد تشكيل ديوان المهدي بنسعيد

 
صوت وصورة

الوجه المظلم لحقبة جمال عبد الناصر


مغ صنع الله ابراهيم


غالي شكري حبر على الرصيف


نجيب محفوظ | عملاق الادب العربي - قصة 80 عام من الابداع


فاجعة طنجة

 
أدسنس
 
ثقافة و فنون

طبعة جديدة من الأعمال القصصية لغالب هلسا

 
أسماء في الاخبار

حقيقة تمارض الناصري في السجن

 
كلمة لابد منها

الاعلام الفرنسي يتكتم عن مصدر معلومات ملف كنيسة مونبليه

 
كاريكاتير و صورة

زووم بريس
 
كتاب الرأي

التعديل الحكومي.. بين الإشاعة وضرورة إجرائه...

 
تحقيقات

جزائريون مجرد مكترين عند ورثة فرنسيين

 
جهات و اقاليم

فتح تحقيق في حق ثلاثة شرطيين للاشتباه في تورطهم في قضايا تزوير

 
من هنا و هناك

حادثة الطفل ريان .. مليار و700 مليون متفاعل عبر العالم

 
مغارب

لن تنام عند أحدهم يا أنطوان بالجزائر

 
المغرب إفريقيا

منطقة التجارة الحرة الإفريقية توفر فرص لقطاع السيارات في المغرب

 
بورتريه

معرض الكتاب يلقي الضوء على تجربة السيد ياسين

 
 

ما هو التموقع الإيديولوجي لأحزابنا السياسية وما هي أسسه التطبيقية؟
 
أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 20 ماي 2015 الساعة 30 : 18


 

 

 

 

 ما هو التموقع الإيديولوجي لأحزابنا السياسية

وما هي أسسه التطبيقية؟

 

 

بعد مرور أزيد من نصف قرن على استقلال المغرب، بدأت نخبتنا السياسية على ما يظهر، تفكر في قضايانا الوطنية الكبرى المطروحة، بطريقة عقلانية متبصرة بمعنى أنها انتقلت من فترة الحماس والاندفاع والمزايدات، والعبارات النارية، إلى مرحلة العقل والتعقل. لكن لماذا نشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى، وبإلحاح كبير لتبني خطة معينة، مبنية على العقل بدلا من الحماس؟ لأننا بدأنا نهتم بالقضايا الكبرى لبلادنا: إلى أين يسير  المغرب؟ هل اتجاهه سليم؟ هل اختياراته الكبرى سليمة؟ إن مثل هذه التساؤلات نابعة بالأساس من الواقع المغربي؟ ذلك أن الواقع المغربي، بعد الاستقلال أصبح يقوم على تفاوتات طبقية كبيرة ومهولة ، جعلت الأغنياء فيه يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقرا ... ولقد نتج عن هذا الواقع المختل والمجحف انعكاسات سلبية على تركيبات الهرم المجتمعي، إذ أصبحت تركيباته متفاوتة، مغشوشة حيث أصبحت الأمة تتجسد في 6% من المجتمع التي تستفيد من خيرات الاستقلال و 94% مهمشة؟!

 

 

 

وهنا يحق لنا أن نتساءل : "هل من حق النخبة الواعية في المجتمع أن تقبل هذه النتائج؟ أو أن تسكت عن هذا الغش والغبن؟ وهل داخل هذه الكتلة البشرية المكونة ما بين 35 و 40 مليون نسمة، والتي تعيش وسط خليط من الفوارق والتفاوتات، أن يكون داخل هذا الخليط البشري وجود تفكير واحد؟ أو تيار فكري واحد؟

 

إن الواقع يؤكد بأن كل واحد انطلاقا من ظروف وشروط معاشه يعكس واقعه: فالغني والميسور، لا يمكنه أن يحس بإحساسات الفقير، المحروم والمضطهد، والعكس بالعكس صحيح ... ذلك أن التفكير هو مجرد انعكاس للواقع الذي تعيشه كل فئة. فكلما كان هناك تفاوت في المصالح والإستفاذة الخاصة، كان هناك تعارض في الوصول إلى فكرة موحدة، في تغيير هذه الأوضاع المتفاوتة:

•         فالمستفيدون، يفضلون أن تبقى الأوضاع مجمدة، على ما هي عليه من تفاوتات ...

•         والمحرومون يفضلون التغيير، ويكونون أصدق في التزاماتهم من غيرهم.

•         ومن المعلوم أن هذا التباين الطبقي، ينعكس، ويظهر جليا في شتى مجالات الحياة:

•         في أسلوب التفكير، في مجالات الإنتاج الفكري، كما تظهر في نتائج الانتخابات النزيهة:

•         94% من المحرومين وهي تمثل المعارضة خارج البرلمان، أما معارضة داخل البرلمان فهي مجرد معارضة وظيفية – تقنية، تساند سياسة 6% المستفيدين من الأوضاع الراهنة ...

 

 

 

 

بالطبع فإن هذا الواقع الطبقي يفرز قوتان متعارضتان: قوة التغيير وقوة محافظة. وفي هذا الإطار، تم الإتفاق في نهاية اللقاء السابق، أن نخصص جدول إجتماع اليوم لمناقشة : التموقع الإيديولوجي للأحزبنا السياسية، وأسسه التطبيقية؟ ومن خلال هذه المناقشة سنجيب عن مجموعة من التساؤلات التي يطرحها الموضوع منها:

 

 

 

مفهوم الإيديولوجيا من مرحلة اللاوعي إلى درجة الوعي؟ أو من الطفولة إلى درجة الرجولة؟

•         ما هو المحتوى  الحقيقي للإديولوجيا؟ هل هو جدلي أو مادي؟ الإيديولوجيا ووحدة التفكير كيف تتكون؟

•         وكيف تتناسل الإيديولوجيا ؟ كيف يمكن لأحزابنا السياسية أن تستفيد من واقعنا المجتمعي، ومن شخصيتنا المغربية الغنية بقيم إيجابية، لإعادة النظر في تموقعها؟

إذن، وفي إطار الإجابة عن هذه التساؤلات، ننطلق في البداية بالتعريف بالمفهوم العام للإيديولوجيا: فما هي يا ترى الإيديولوجيا ؟

 

 

 

 

فإذا أخذنا على سبيل المثال، موقفا عاما اتخذته جماعة من الشعب، اتجاه اختيارات أساسية وطنية، فإن هذا الموقف يتخذ مظهرين: مظهر واعي وآخر لا واعي. فالمظهر اللاوعي واللاشعوري، يعيش في خلايانا المخية، دون أن يستطيع التعبير عن أفكاره،  غير أن هذه الجماعة اللاواعية، عندما تكون أمام فئات اجتماعية ميسورة، تشعر وتحس بأنها محل استغلال، بل تعبر أحيانا عن رفضها لهذا الاستغلال، ويتجلى ذلك، من خلال تعابيرها، وحركاتها، وسلوكها الرافض للأوضاع. وهذا الرفض من خلال الحياة اليومية، يدل بكيفية لا واعية على طبقة إيديولوجية رافضة. غير أن هذه الطبقة لا تستوعب عقليا معنى هذا التيار، لأن وعيها لم يسعفها على بلورة مدلول محدد لسلوكاتها، يستقر الرفض داخل أذهانها. لأنها طبقة محرومة بالمرة من التعليم والتنظيم السياسي العام، وبالأحرى الحزبي!.... وبالتالي، فإن هذه الطبقة تبقى بدون علاقات تكاملية، مع باقي أفراد المجتمع.

 

 

 

 

ومن تمة فإن هذه الفلسفة، وقدرة التعبير عنها يسمى بالإيديولوجيا. وبالتالي فإن الإيديولوجيا ليست مجرد كتب تقرأ ويعجبنا هندامها وشكلها، بل هي تعبير خارجي عما تكنه مشاعرنا، ومخاوفنا وطموحاتنا المستقبلية. وبكيفية أدق قل إن شئت بأن الإيديولوجيا هي تحمل المسؤولية للتعبير عن أحداث المجتمع وويلاته بصدق. وهذا التعريف يضعنا أمام عدة إيديولوجيات وتفرعاتها وفي مقدماتها: إيديولوجيا 6% وإيديولوجيا 94%.

 

 

 

فالأحزاب السياسية في مثل هذه الحالة، عليها أن تختار أحد الموقفين: مع الضحايا أو مع الجزارين؟ ولا يمكنها أن تكون محايدة. لأن المحايد يضع نفسه خارج التقسيم الطبقي للمجتمع. وبالتالي يطرد نفسه بنفسه من المجتمع الذي يعيش فيه، ويصبح مجرد نكرة. وكيف والحالة هذه، أن يضع الشعب مصير الأمة في يد عناصر غريبة ومجهولة الهدف؟ ومن خصائص الإيديولوجيا أنها تعكس حالة الإيديولوجيين: فإما مع الشعب وإما مع الإقطاع. فهم يسدون الباب في وجه كل التسترات والخلفيات ... غير أن تحديد الإختيار الإيديولوجي على الورق لا يكفي، ونترك للتاريخ مهمة التعبير.

 

 

 

ذلك أن الإشكالية التي تبدأ بعد أن يحدد الحزب اختياره الإيديولوجي في تقريره المذهبي، هي كيفية نقل هذه الإيديولوجيات من مرحلة اللاوعي إلى درجة الوعي. بمعنى مدى قدرتنا على تحويل %94 من المواطنين إلى مناضلين، واعين بمسؤولياتهم التاريخية، شاعرين عن وعي، بدورهم في تغيير الهياكل والبنيات التحتية القائمة ببنيات أفضل، توفر ظروف وشروط عمل أسرع وأحسن... ونظرا لصعوبة عملية التحويل من اللاوعي إلى درجة الوعي، فإن مسؤولية هذا التحويل تقع بالدرجة الاولى على كاهل العناصر الحية المكونة لهيكلة الحزب وفي طليعتها العلماء، والمثقفين، والأطر السياسية، والجمعيات الموازية لنشاط الحزب. فعلى كاهل هؤلاء تقع مسؤولية تطوير الإيديولوجيا من مرحلة الطفولة إلى طور الرجولة.

 

 

 

لكن أي إيديولوجيا؟ وبأي مفهوم؟ وما هو محتواها الحقيقي؟

 

 

 

لا نريد إيديولوجيا تحمل معنى جدلي على مستوى الكلام فقط، ولكن جدلا يرتكز على مستوى العناصر المادية التي يتكون منها هرمنا المجتمعي، الذي يتركب من إيديولوجيا 94% من الشعب المحرومة وإيديولوجيا %6 من المحظوظين. فاعتمادا على هذا التفاوت الصارخ، يمكن لأحزابنا السياسية أن تبني رؤية فلسفية لمواجهة الفوارق الاجتماعية، وذلك من خلال تحديد وتجديد تموقعها الحزبي لخدمة قضايا الشعب وتحرير طاقاته. غير أن هذه التركيبة الهرمية للمجتمع المغربي، تضع أحزابنا بين اختيارين إيديولوجيين:

 

•         إما الإيديولوجيا المحافظة، أو الهروب إلى إيديولوجيات متلونة بألوان وأشكال متنوعة تندرج مابين أقصى اليمين وأقصى اليسار والوسط، مع إضافة نعوت وأسماء عديدة، تعدل، وتغير اللون الحقيقي للإيديولوجيا، وتلفها في ضبابية حتى لا يبقى لها وحدة واضحة.

•         وتجنبا لكل انزلاق في اتجاه هذه التلوينات، يمكن وضع مقاييس موضوعية ومضبوطة لتلافي كل خلط، ويسهل علينا فرز التموقعات الحزبية من خلال الإجابة عن هذين السؤالين:

- إيديولوجيا  ضِدَّ مَن؟ وتخدم مَصالح مَن؟ باعتبار أن الجوهر الإيديولوجي هو الأساس، لا الشكل.

•         وهكذا نجد الأحزاب السياسية التي اختارت الدفاع عن المستفيدين من مخلفات الاستعمار، والذين راكموا مصالح قوية: ضيعات، معادن، مكاتب للتجارة والصناعة ... فهذه أحزاب ضد تحرر الاقتصاد الوطني وتريد الاحتفاظ بالخط الذي رسمه الاستعمار. فهي أحزاب تقول بالتنمية تحت راية الاستقلال مع العمل على استمرار الاقتصاد الاستعماري الموروث، يشوه مدلول استقلال بلادنا، ولا يجعلنا كموطنين، بل مجرد خَمَّاسَة. نحمي المصالح الإستعمارية، بدلا من تغييرها باختيارات تحريرية تخدم الأمة بأجمعها.

 

 

 

ومن خلال هذه الحقائق تجد الأحزاب المغربية نفسها أمام اختيارين كبيرين:

1-        الاختيار الشعبي التحرري.

2-        الاختيار الاستعماري الجديد.

 

 

 

 

ذلك أن الأحزاب تختار إيديولوجياتها، استجابة لظروف مجتمعية معينة، ولكي يكون إختيارها الإيديولوجي صادقا، يجب أن يسعى لتحرير الشعب، مادام أنه بات من الصعب على أية إيديولوجيا أن تُعلن صراحة بأنها تريد استعباد الشعب... كما نجد أنفسنا أمام أحزاب أخرى تدعي التغيير، لكن أي تغيير؟ تغيير أحوالها؟ أو عشيرتها؟ أم تريد تغيير أحوال الشعب؟ وتحت التستر تحت شعارات فضفاضة وغير مضبوطة، تتستر العديد من الإيديولوجيات منها:

1-        الانتهازية: ويمكن تصنيفها مع الأحزاب الانتهازية اليمينية أو يسارية أو محافظة ذلك أن الأحزاب الانتهازية هي أحزاب تكتيكية، أي لها صبغة تكتيكية، وليست لها إستراتيجية ثابتة، وتتناسل بسهولة في الشعوب المتخلفة.

2-        الأحزاب اليمينية : قابلة لجميع الألعاب السياسية، فإيديولوجيتها كثيرا ما تفقد قيمتها، وتسقط بالتالي في الانتهازية.

3-        الأحزاب التحررية : تحركاتها تخضع لحسابات علمية فهي مبدئيا تلتزم بتحليل الأحداث، والخط التكتيكي، والذي يجب ألا يتعارض مع الخط الإستراتيجي، قبل الوصول إلى تحقيق هدفها.

4-        أحزاب التطرف اليساري: هي أحزاب تعتبر انحرافا نحو الانتهازية، أصحابها ثوريون أكثر من الثوار. لقد لعبت هذه الحركات التطرفية عبر العالم أدوارا أساسية في تعميق الأزمة، وتجميد التاريخ. فهي تريد أن تسبق الأحداث، وتصر على القيام بالثورة الموجودة في ذهنها، ولو كانت الظروف والشروط غير ناضجة.

5-        الأحزاب الثورية: هي عملية حسابية، قبل أن تكون شيئا آخر ...

6-        إن أحزابنا السياسية المغربية أخذت من كل طبق من هذه الأطباق طرفا، حيث اختلطت المفاهيم والرؤى، واندمج اليمين في اليسار، والوسط في الأطراف. وهذا الوضع يقتضي حتما تحيين التموقعات الحزبية على أسس واضحة، ترتبط إرتباطا وثيقا بطموحات الأمة وتطلعاتها.

 

 

 

وإذا كان أغلب علماء الإيديولوجيا بمختلف مدارسهم يؤكدون على ضرورة ربط الإيديولوجيا ربطا متصلا بالوسط الذي الذي انبثقت منه. ففي أي إطار موضوعي ينبغي لأحزابنا السياسية أن تراجع اختياراتها الحزبية التموقعية؟ فانطلاقا من وسطنا المغربي، وفضائله، وسلبياته، وتلاحما مع واقعه وطموحاته وتطلعاته، فإن الأحزاب المغربية تجد نفسها، أمام ثلاثة أبعاد أساسية:

1.        البعد التاريخي

2.        بعد التخلف الاجتماعي والاقتصادي

3.        البعد الدولي.

 

 

 

فالبعد التاريخي يعد بمثابة منصة أساسية تساعد على الإقلاع لرسم آفاق مستقبلية طموحة. فهو بعد غني، يتوفر على عناصر قوية، تعبر عن الملامح الأساسية لشخصيتنا المغربية بكل ما في هذه الشخصية من قيم إيجابية. والبعد التاريخي والحضاري المغربي، يمثل رأسمال غير مادي لا يقدر بثمن. فعلينا ألا نضيع جوانبه المضيئة، ونعمل على تطويرها، واستثمارها خير استثمار، لإدخال  تغييرات جذرية على أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية، وكذا علاقاتنا الدولية والعمل على تنويعها وتحسين مرد وديتها. أما بعد التخلف الاجتماعي والاقتصادي، فهو يؤثر في نمو مستوى التعبير، ويحد من التمتع بكثير من الحقوق السياسية للمواطنين.

 

 

 

البعد الدولي، في تقديري ما زال في حاجة ماسة إلى مراجعة عميقة تساهم فيه كل الأحزاب والهيئات والمؤسسات ذات الصلة ذلك أنه مرَّ أكثر من نصف قرن على حصول المغرب على استقلاله، وشعبنا مازال يصطدم ويحس بأنه مازال يعيش تحت نفوذ وهيمنة أمبريالية تحدد لنا الأرزاق، وتحدد لنا منطقة التحرك، وكذا المناطق المحرمة علينا ، ونحن نعيش تحت راية الاستقلال...

 

 

 

أما الأحزاب التي تؤمن بالإيديولوجية التحررية، تجد نفسها مسجونة داخل هذه الأبعاد الثلاث، ذلك أن أحزابنا السياسية في حاجة ماسة، وقبل فوات الأوان، أن تعيد النظر في تموقعاتها الحزبية، فهذه العملية التمهيدية قد تساعدهم على تكوين تكتلات حزبية متجانسة في الأهداف والمبادئ. وهذا التكتل قد يساعدها بدوره على اختيار بُعد من هذه الأبعاد الثلاثة. ويعمل على التخصص في إطار مكوناته، والتعرف عن قرب عن معوقاته ومغالقه...

 

 

 

وفي انتظار أن تراجع الأحزاب المغربية اختياراتها الإيديولوجية، لتطوير الأبعاد الثلاث في اتجاه أكثر إيجابية ومردودية، عليها أن تولي أسبقية أسبقياتها لتوزيع الدخل الوطني توزيعا عادلا باعتباره منطلقا للتحرر المرحلي، وذلك بالإنكباب فورا على مراجعة كتلة الأجور الخيالية لكبار الموظفين والتي تتراوح بين أربعة ملايين وخمسين مليون سنتيم في الشهر الواحد؟ وفق معايير نزيهة، مضبوطة، تتفق وإمكانيات مداخل الأمة. وهذا الإجراء الذي بات ضرورة ملحة، يقتضي بالتالي وبكل استعجال الحد من الامتيازات الريعية المتفاحشة بين مختلف الأسلاك الإدارية والحزبية والنقابية ... إن هذه السلوكات الإنحرافية والغير عادلة، لها غايات وجذور استعمارية ما أنزل الله بها من سلطان، وينبغي مواجهتها بكل جدية وموضوعية وبدون مهاودة أو تمييز ...

 

 

 

وفي انتظار إدخال هذه التحولات الضرورية واللازمة على المفهوم الحزبي، وينبغي التذكير بما ينتظره الشعب المغربي من أحزابه السياسية؟:

 

 

 

إن الشعب المغربي ينتظر من أحزابه السياسية الشيء الكثير. يريدها أن تعيش في دوامة من التطور الفكري والاجتماعي والحضاري، حتى تستطيع القيم بمهامها الأساسية في نقل التجمعات المهنية والسياسية، والفكرية من مستوى حماسي، فرجوي – فلكلوري، ظرفي، يخدم مصالح قصيرة المدى وغايات مباشرة، إلى مستوى الشمول في التنظيم، والتوعية، والتوقع المستقبلي لتحقيق أهداف كبيرة وبعيدة. فالشعب يطلب أحزابا ذات منشأ فكري أصيل وعميق، لا مجرد ورقة متعددة في الأسماء، دون أن تتعدد في مفاهيمها وتصوراتها وتوقعاتها في مواجهة القضايا المستقبلية الكبرى. ودون أن تفكر في تجديد تنظيماتها، وأطرها، ولا أساليب الاتصال بقواعدها. إن الأمة تنتظر من أحزابنا أن تعمل بكيفية مضطردة وجيدة، ومن أجل خلق جيل جديد من الأطر السياسية، متحرر من التفرقة والتجزئة، والقبلية وعقليتها ومصالحها الضيقة بل جيلا ملتحما  إلتحاما مصيريا بمصلحة الأمة المغربية وتطلعاتها المستقبلية... ذلك أن الحزب عندما تتوفر فيه هذه الشروط الموضوعية، ولم يعد مجرد حزب مناسبتي بل، سيتحول الحزب إلى مدرسة كبرى يتربى المناضل الصلب في أحضانها وقتها، سيتعلم فيها فنون النضال، ومحبة الشعب، ويخرج لنا قيادات كفؤة قادرة على تحمل مسؤولياتها التاريخية، في تسيير شؤون الأمة، بكل جدارة واستحقاق...

 

 

 

ويتوقف تحقيق هذا الإصلاح الحزبي الملح والضروري على أن تعيد الدولة النظر بحزم وصرامة في إضفاء شرعيتها على التشكيلات الحزبية، إلا بعد استفاء مجموعة من الشروط، وتتكامل الصفات اللازمة لتحويل أي تجمع سياسي إلى مؤسسة حزبية منها:

1-        تحديد الخط الإيديولوجيا، أو الخط الفكري، الذي يحدد الهوية الفكرية للحزب.

2-        تحديد طموحات المنخرطين في الحزب.

3-        تحديد نوعية التنظيم، ووسائل العمل

4-        الالتزام باحترام الخط الفكري للحزب.

 

 

 

إن هذه الشروط وغيرها من الإجراءات، قد تتكامل مع بعضها، لتقدم للمنخرط رؤية واضحة عن أهداف الحزب، وتفسح له المجال للنضال داخل تنظيم محكم ومسؤول، في مناخ وحدوي وجماعي. وهذه الشروط تساهم بدورها في بلورة الأهداف، وتحويلها إلى ممارسات واقعية.

 

 

 

ذلك أن الخط الفكري والتوجهي للحزب يساعد على تحليل الواقع الموضوعي المباشر وتفسيره. وبالتالي يساعد على تحديد الوسائل اللازمة لتغيير هذا الواقع والتفكير في إبداله بواقع أفضل. غير أنه لا يكفي أن يتوفر الحزب على خط فكري، فلابد له من قاعدة شعبية، فهي مادة العمل السياسي وهذه القاعدة الشعبية تفقد قيمتها ووزنها السياسي، إذا لم تكن منظمة ومؤطرة. لأن هناك علاقة تأثير، بين التعهدات الجماعية، وبين الوجود الفعال للجماهير ودورها في قيادة الحياة السياسية. مع العلم أن العلاقة الموجودة بين الخط الإيديولوجي أو الفكري، والجماهير هي علاقة داخلية متلاحمة Soudée، لا يمكن فك طرفها عن الآخر.

لكن، قد تسألني وأنت في الفقرة الأخيرة: "ماذا يستفيد الشعب من وراء هذه الإصلاحات الجذرية للمؤسسة الحزبية؟"

 

 

 

من الواضح أن كل مجتمع يتوفر على جماهير مؤطرة، منظمة، مسؤولة، لها تصور مضبوط، ورؤية واضحة فهذا يعني أن هذا المجتمع أصبح يملك جبهة شعبية داخلية قوية. أي يتوفر على أداة عمل فعالة يمكن استخدامها لا لربح الكراسي والمقاعد، كما يعتقد البعض، ولكن يمكن استعمالها وتوجيهها، وإطلاق طاقاتها النضالية لإصلاح أمراض مجتمعها:

 

 

كمراقبة مظاهر الفساد، والتنديد به، ومقاومة أسبابه. وكذلك الوقوف في وجه التسلط البيروقراطي، واستعمال الشطط في السلطة. فهذه الأمراض المجتمعية، وغيرها لا تعالج بإصدار ترسنة من القوانين، فهي تحتاج إلى مساندة نضالية متنوعة، ومتعددة الأشكال والأساليب الشعبية. وخدمة لمثل هذه الأغراض السامية، أصبح إصلاح المؤسسة الحزبية ضرورة ملحة، وفرصة سانحة لرد الاعتبار للمؤسسة الحزبية التحررية، والتذكير بالدور التحرري والتاريخي الذي لعبته بكل إخلاص، ونكران الذات، طيلة القرن الماضي، وهذا يعني من جهة أخرى بأن المغرب ملزم، إستجابة لضرورات ملحة وعاجلة، أن يبادر إلى إصلاح مؤسساته الحزبية وتأهيلها فكريا وسياسيا، ويعينها على فهم، واستيعاب التموجات العنيفة والسريعة وكذا التقلبات المفاجئة في المواقف والتحالفات التي تتميز بها الألفية الثالثة المعولمة...


إعداد : عبد الغني برادة


 

 

 

 








 
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم

اضغط هنـا للكتابة بالعربية

                                             المرجو الالتزام باخلاقيات الحوار، أي تعبيرات قدحية ستسحب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق
  * كود التحقق



النص الكامل لاستجواب جريدة المساء مع عبد الحميد أمين

أحمد... من ماركسي إلى إسلامي

إشكاليات تعاطي النخب المغربية مع التقلبات السياسية

نزار بركة يقدم أرقاما صادمة عن أوضاع البلاد خلال 6 أشهر الاولى من التدبير الحكومي

الفريق الاشتراكي يريد تقنين الوصول للمعلومة

مطالب بالتحقيق القضائي في الفضائح المالية لمجلس الجالية

من الملكية التنفيدية الى الملكية البرلمانية

المدارس العتيقة .. حصن يحفظ «أصول الفقه» في وجدان المغاربة

د. مصطفى قلوش القرار المتعلق بدائرة "طنجة – أصيلة" فيه خرق

المفكر والكاتب الجزائري واسيني الأعرج : الإسلاميون لم يقوموا بالثورة بل ركبوا عليها

العنصر: المغرب يتميز بمناعة سياسية قائمة على التعددية والحرية وإرادة الإصلاح

الملك محمد السادس يدشن المعهد المتخصص في معدات الطائرات ولوجستيك المطارات بالنواصر

ما هو التموقع الإيديولوجي لأحزابنا السياسية وما هي أسسه التطبيقية؟

الملك محمد السادس و الرئيس هولاند يقومان بزيارة على متن القطار للمركب المينائي طنجة - المتوسط

محمد السادس يعطي انطلاقة أشغال تكنوبول فم الواد بالعيون

مشروع رونو الجديد سيمكن من تحقيق 100 مليار درهم من الصادرات في أفق 2020

مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب يمر إلى مرحلة التفعيل

الهيدروجين الأخضر .. المغرب يحتضن أول منصة من نوعها في افريقيا





 
النشرة البريدية

 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  صوت وصورة

 
 

»  كاريكاتير و صورة

 
 

»  استطلاع رأي

 
 

»  اخبار

 
 

»  سياسة

 
 

»  مجتمع

 
 

»  اقتصاد

 
 

»  ثقافة و فنون

 
 

»  زووم سبور

 
 

»  جهات و اقاليم

 
 

»  من هنا و هناك

 
 

»   في الذاكرة

 
 

»  كتاب الرأي

 
 

»  تحقيقات

 
 

»  حوارات

 
 

»  أسماء في الاخبار

 
 

»  كلمة لابد منها

 
 

»  بورتريه

 
 

»  أجندة

 
 

»  كواليس زووم بريس

 
 

»  الصحراء اليوم

 
 

»  مغارب

 
 

»  مغاربة العالم

 
 

»  المغرب إفريقيا

 
 
أدسنس
 
سياسة

اللجنة التحضيرية لمؤتمر حزب الاستقلال تبدأ على إيقاع الصفع

 
استطلاع رأي
كيف تجد النشرات الاخبارية في القناة الثانية

هزيلة
متوسطة
لابأس بها
جيدة


 
اخبار

نشرة إنذارية لمستعملي الطريق بسبب سوء الأحوال الجوية

 
ترتيبنا بأليكسا
 
جريدتنا بالفايس بوك
 
مجتمع

مطالب بتشديد العقوبات على مستغلي الاطفال والنساء في التسول

 
اقتصاد

المغرب يتجه لتوطين صناعة حاويات الشحن لتعزيز تنافسيته العالمية

 
البحث بالموقع
 
أجندة

شبكة المقاهي الثقافية تنظم ملتقاها الجهوي بسيدي قاسم

 
في الذاكرة

في رحيل الدكتور عبد المجيد بوزوبع

 
حوارات

العنصر يحمل العثماني مسؤولة التأخير في تحويل الاختصاصات المركزية إلى الجهات وتفعيل برامج التنمية الجهوية

 
زووم سبور

كأس الكاف: القرعة تضع نهضة بركان في مواجهة أبو سليم الليبي

 
مغاربة العالم

إجلاء 289 مغربيا من قطاع غزة

 
الصحراء اليوم

بيدرو سانشيز يجدد التأكيد على موقف إسبانيا الداعم لمغربية الصحراء

 

   للنشر في الموقع 

[email protected] 

اتصل بنا 

[email protected]

   تـنــويه   

الموقع لا يتحمل مسؤولية تعليقات الزوار

فريق العمل 

مدير الموقع و رئيس التحرير: محمد الحمراوي

   المحررون: حميد السماحي، سعاد العيساوي، محمد المدني

ملف الصحافة : 017/3  ص ح  - طبقا لمفتضيات قانون الصحافة و النشر 10 اغسطس 2017

 


  انضمو لنا بالفايس بوك  شركة وصلة  سكريبت اخبار بريس

*جميع المقالات والمواضيع المنشورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها وليس للموقع أي مسؤولية إعلامية أو أدبية أو قانونية