لا يخفى أن الحركة الحقوقية المغربية مخترقة من طرف العديد من الأشخاص الذين لا تربطهم أي صلة بحقوق الإنسان، ومن طرف الجمعيات والمنظمات التي تتستر تحت مختلف التسميات كذلك. والى جانب الأشخاص والمنظمات التي تسعى الى تحقيق المكاسب الشخصية، وخاصة الحصول على الدعم، سواء الداخلي أو الخارجي، والارتقاء على أدراج المسؤولية والتسلل لاحتلال المناصب، هناك من يتجند وفق ضوابط دقيقة وتعليمات خفية لخلط الأوراق والتشويش على المنظمات الحقوقية الجادة، على قلتها. وكل ذلك يضرب في الصميم مصداقية العمل الحقوقي، على غرار ما حصل في المجالين السياسي والنقابي وحتى في الميدانين الثقافي والاجتماعي.
وإذ يصعب في مدى زمني معين كشف حقيقة هذا "الصنف" من الأشخاص والمنظمات وبالتالي فضحه، فالمسؤولية، رغم ذلك تبقى قائمة، خاصة إذا تعلق الأمر بالاستمرار في التعامل معه في إطار مبادرات أو أنشطة مشتركة.
وكمثال واضح، حالة "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان" الذي يرأسه أحد أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وهو متورط في اغتيال الشهيد أيت الجيد محمد بنعيسى حسب بيان عائلة الشهيد ("وحوكم أحد القتلة المباشرين، الذي صرح كاذبا، حسب محاضر الضابطة القضائية أنه ينتمي لفصيل الطلبة القاعديين التقدميين في حين أنه كان ينتمي إلى حركة الإصلاح والتجديد، وهو الآن رئيس إحدى الجمعيات المغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وعضو الأمانة العامة لحزب رئيس الحكومة الحالية": فقرة من البيان المذكور).
ما رأي الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان (18 هيئة حقوقية مغربية، توجد لائحة بأسماء هذه الهيئات بعد بيان عائلة الشهيد) الذي ينتمي إليه "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان"؟ خاصة أن عائلة الشهيد تقول إنها راسلت جميع المنظمات الحقوقية الوطنية (الى جانب جهات أخرى) بشأن كشف حقيقة اغتيال ابنها، وتدين جريمة "الاغتيال المستمر الذي يتعرض له شهيدنا عبر إقبار الملف وعدم كشف الحقيقة كاملة وعدم محاسبة ومعاقبة المتورطين والمجرمين المباشرين -الذين نفذوا- أو غير المباشرين -الذين خططوا-.