زووم بريس            بنكيران و شباط في برنامج الخيط الابيض            سيارة عملاقة "ولاه أوباما باباه ما عندو" تتجول بالرباط            هل تنفع المواسات في انقاد افلاس المنظومة التعليمية            تم توقيف سيارة من نوع مقاتلة بالمناطق الحدودية الشرقية بين المغرب والجزائر محملة بكمية من الحديد             وكالة إشهارية تستعمل شبيهة أميناتو حيضر في لوحة إشهارية            القاء القبض على عشاب بتهمة اعداد دردك مسمن مؤخرات النساء             حمار يلج القسم و يريد ان يتسجل في الماستر مستقبلا             إعتصام ثلاثة صحافيين من البيان أمام النقابة الوطنية للصحافة            كبش يجرب حظه في مدرسة سد الخصاص           
كواليس زووم بريس
طوطو يعيد تشكيل ديوان المهدي بنسعيد

 
صوت وصورة

الوجه المظلم لحقبة جمال عبد الناصر


مغ صنع الله ابراهيم


غالي شكري حبر على الرصيف


نجيب محفوظ | عملاق الادب العربي - قصة 80 عام من الابداع


فاجعة طنجة

 
أدسنس
 
ثقافة و فنون

طبعة جديدة من الأعمال القصصية لغالب هلسا

 
أسماء في الاخبار

حقيقة تمارض الناصري في السجن

 
كلمة لابد منها

الاعلام الفرنسي يتكتم عن مصدر معلومات ملف كنيسة مونبليه

 
كاريكاتير و صورة

زووم بريس
 
كتاب الرأي

التعديل الحكومي.. بين الإشاعة وضرورة إجرائه...

 
تحقيقات

جزائريون مجرد مكترين عند ورثة فرنسيين

 
جهات و اقاليم

فتح تحقيق في حق ثلاثة شرطيين للاشتباه في تورطهم في قضايا تزوير

 
من هنا و هناك

حادثة الطفل ريان .. مليار و700 مليون متفاعل عبر العالم

 
مغارب

لن تنام عند أحدهم يا أنطوان بالجزائر

 
المغرب إفريقيا

منطقة التجارة الحرة الإفريقية توفر فرص لقطاع السيارات في المغرب

 
بورتريه

معرض الكتاب يلقي الضوء على تجربة السيد ياسين

 
 

بداية الحركة الوهابية
 
أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 20 يونيو 2013 الساعة 10 : 13


 

 

 

بداية الحركة الوهابية 1154-1233 

 

 

بقلم محمد المهدي الكنسوسي

 

 

      ذكر الأستاذ حمادي الرديسي في كتابه القيم عن حلف نجد بين الداعية محمد بن عبد الوهاب و الشيخ محمد بن سعود أن لقاء الرجلين كان سنة 1154 هـ الموافق لسنة 1745 م. و كان هذا اللقاء في قرية الدِّرعية التي تولى أمرها الشيخ المذكور بعد أن قتل عمه. و الدرعية قرية بمنطقة العارض غير بعيد من الرياض عاصمة المملكة السعودية اليوم. و العارض تُكون مع منطقة القصيم و جبال شمّار بلاد نجد المشهورة في وسط  جزيرة العرب. و من بلاد نجد كذلك اليمامة. و هذه المنطقة تتميز بقساوة المناخ وقلة الأمطار و نذرة الساكنة لصعوبة العيش بها على الرغم من كونها أقدم بلاد العرب إعمارا.

 

      و القبائل التي تسكن نجد هي تميم ( قبيلة محمد بن عبد الوهاب ) و طيء و بنوا أسد. و منهم كذلك بنوا عبس و ذبيان. وقد اشتهر في كل فصيل من هذه الفصائل شاعر كبير كعنترة و النابغة الذبياني و الكريم في قومه، حاتم الطائي. كما اشتهرت نجد بحرب داحس و الغبراء التي دامت أربعين سنة قبل الإسلام، و بحروب الردة في اليمامة بعد الإسلام، التي مات فيها مسيلمة الكذاب و كثير من القراء حفظة القرآن حتى خشي بعض الصحابة على ضياع كتاب الله.

 

      كانت أسرة محمد بن عبد الوهاب مستقرة بقرية العيينة و أبوه قاضيها و شيخها عثمان بن معمّر. و العيينة  قريبة من الدرعية التي تحت نظر آل سعود. فحصل خصام بين القاضي و بين شيخ القرية فاضطر القاضي على مغادرة بلده  و استقر بقرية أخرى غير بعيد تسمى بالحريملة. وهناك استأنف مهنة القضاء و التدريس إلى أن لحق به ولده محمد الذي خرج يجوب الآفاق من اجل الدراسة.

 

فمن هو محمد بن عبد الوهاب؟

      تقول المصادر الرسمية و أهمها كتاب: عنوان المجد في تاريخ نجد لابن بِشر أنه محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي المولود سنة 1115 – 1703 بالعيينة. و بها توفي سنة 1206 - 1791 . حفظ القرآن صغيرا ودرس مبادئ العلم على والده القاضي الذي يعد من شيوخ الحنابلة في زمانه. و حج في سن مبكرة ثم توجه إلى القصيم من أجل العلم ثم جال في بعض كبريات المدن العلمية كالبصرة و بغداد و بلاد كردستان حيث اطلع على علوم مختلفة منها الفلسفة و التصوف لكنها لم ترقه فأنكر على أصحابها لأن أغراضها و مقاصدها لا تتفق مع وجهة نظره عن الإسلام السلفي البسيط الذي عرفه في بيئته النجدية البدوية. فتملكته رغبة قوية في الإصلاح و الدعوة إلى العودة إلى الإسلام كما فهمه الجيل الأول من المسلمين.

   

  و ذكروا لابن عبد الوهاب شيوخ كثير كعبد الله بن سالم البصري و عبد الله بن سالم بن سيف و محمد حياة  بن إبراهيم السندي و إسماعيل بن محمد العجلوني و عبد الله بن فيروز الإحسائي. و كل هؤلاء من كبار الفقهاء لكن صلتهم بابن عبد الوهاب تحتاج إلى التأكد من صحة الادعاء.

 

      دعا ابن عبد الوهاب إلى اتباع عقيدة سلفية لا تشوبها شوائب البدع كغيره من علماء الإسلام كالسحر و الشعوذة و كثير من مظاهر الانحراف التي ظهرت بين المسلمين و لا يختلف حول بطلانها اثنان. لكن إنكاره لم يقف عند هذا الحد بل تعداه إلى المؤاخذة على الصوفية و اتباع المشايخ من أهل الطرق الاحياء و الأموات و اعتبرهم من المعطلة و وصفهم بالتشيع الفاسد و أمر بهدم الأضرحة و المشاهد. كما أنه عمل على نشر الفقه الحنبلي دون غيره من مذاهب أهل السنة. و لما صار يدعوا الناس لإتباع عقيدته التكفيرية المسطرة في رسالته المشهورة كتاب التوحيد ثم في رسالته كشف الشبهات طرده شيخ الحريملة من قريته على إثر وفاة والده،  فعاد إلى مسقط رأسه بالعيينة. فاستقبله شيخها عثمان و أكرم وفادته و صاهره على إحدى قريباته و ساعده على عقد حلقات الدرس. لكن ابن عبد الوهاب تغافل عما كان يدعوا له من الأمر بالمعروف و معاقبة المفسدين من السرّاق و قطاع الطرق و مرتكبي الأفعال الشنيعة، وأصبح همه الكبير الطعن في عقيدة الصالحين و التشهير بأعمالهم و السعي لهدم المشاهد و القباب المشيدة على قبورهم و اعتبر ذلك مظهرا من مظاهر الوثنية.

 

      و أول ما سعى إلى هدمه، قبة بنيت بقرية الجبيلة على قبر الصحابي الجليل زيد بن الخطاب أخ الخليفة عمر بن الخطاب المتوفى شهيدا باليمامة في حروب الردة في خلافة أبي بكر الصديق. واعتبر ابن عبد الوهاب أن تلك القبة أسست على غير هدى و أن الله لا يرضى بهذا العمل و أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن البناء على القبور. كما أن هذه القبة فتنت الناس و غيّرت العقائد و حصل بها الشرك، فيجب هدمها. فساعفه عثمان بن معمّر على هذا الفعل الشنيع و ذهبوا في جيش قوامه 600 رجل فهدموا القبة. فكان لذلك أثر كبير في نفوس الناس و انتشر الخبر في كل الجزيرة. صار لابن عبد الوهاب صيت كبير بعد فعلته فكاتب علماء نجد و الحجاز و البحرين و اليمن. ودعاهم بوقاحة لا نظير لها إلى التوحيد و تجديد إيمانهم ونصرته في جهاده. فاستجاب له البعض و أنكر عليه الجم الغفير لخروجه عن الجماعة.

 

 و ممن آخذ عليه أفكاره الخارجية الشاذة أخوه سليمان بن عبد الوهاب، فألف في الرد عليه كتاب الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية.  و قد أثبت في مقدمة الكتاب أن شروط الإمامة الإحدى عشر( معرفة لغة العرب بتشعباتها و تراجم العلماء، المعرفة الواسعة للفقه المقارن، معرفة النحو و المسائل الخلافية،  حفظ لكتاب الله بقراءاته وتفاسيره، معرفة الحديث و علومه، مشهود له بالورع و صدوق ثقة) لا تتوفر في أخيه. كما أن الاطلاع على فهرس الكتاب يدلنا على مظمونه حيث أنه خص الباب الأول للرد على أهل التكفير و التشريك والباب الثاني للتعريف بالفرق الشاذة و قول علماء السلف فيها. و تحدث بإسهاب على أقوال ابن تيمية و ابن القيم في الخوارج و تكفيرهم و براءة هذين العالمين من فعل أخيه. و أظهر في الباب الثالث بطلان قول الوهابية أنهم الفرقة الناجية و أن صفات هذه الطائفة لا تنطبق على أخيه و أتباعه. و قد كان سليمان بن عبد الوهاب عالما تولى القضاء بعد وفاة والده.

 

و ممن آخذ عليه نحلته شيخه محمد بن سليمان الكردي الذي بعث له برسالة جاء فيها: يا ابن عبد الوهاب لا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين، و أنت شاذ عن السواد الأعظم. فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب، لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين. قال تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوليه ما تولّى و نصله جهنم و ساءت مصيرا.  و إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية. و قد جلب العلامة أحمد الزيني دحلان في كتابه الفتنة الوهابية كثيرا من أقوال العلماء الذين تصدوا للحركة الوهابية منذ نشأتها بالبراهين و الحجج المبنية على الكتاب و السنة.

 

 لكن ابن عبد الوهاب لم يصغ لأحد، بل قسم معارضيه إلى قسمين: قسم جاهل  أو خرافي لا يعرف دين الله و لا يعرف توحيد الله و إنما يعرف ما هو عليه آباؤه و أجداده من الجهل و الشرك و الضلال و البدع و الخرافات و يضعهم في خانة من قال فيهم الله تعالى: إنّا وجدنا آبائنا على أمة و إنا على آثارهم مهتدون.

   

  و أما القسم الثاني فطائفة تنتسب إلى العلم عارضوه حسدا و عنادا حتى لا تقول العامة: ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟ لماذا جاء ابن عبد الوهاب و صار على الحق و انتم علماء و لم تنكروا هذا الباطل؟ فحسدوا و خجلوا من العامة و اظهروا العناد للحق إيثارا للعاجل على الآجل و اقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الآخرة.

 

    زادت هذه الادعاءات المغرضة حنق علماء نجد على ابن عبد الوهاب فأوغروا عليه صدر أمير الإحساء سليمان بن عريعر الخالدي و كاتبوه من أجل معاقبة الدّعي. فأمر شيخ العيينة أن يجعل حدا لفتنته و قتله. لكن عثمان بن معمّر لم يقو على ذلك و أمره بالخروج من قريته لأن في مخالفة أمر الوالي خطر عليه.

     

طرد ابن عبد الوهاب مرة أخرى و اتجه نحو الدرعية التي يحكمها محمد بن سعود. فاستجاب لدعوته التي قد يصدر عنها جاه و اتساع إمارة لفائدته، كما حدث في العصور الخالية لأصحاب الدعاوي. و يحكى أن أقرباء ابن سعود هم الذين نبهوه للتحالف مع ابن عبد الوهاب و قالوا له: هذا الرجل ساقه الله إليك و هو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به. فالتقى الرجلان و جرى بينهما هذا الحوار. قال الأمير: أبشر ببلاد خير من بلادك و أبشر بالعزة و المنعة. فأجاب الفقيه: و أنا أبشرك بالعزة و التمكين. و هذه كلمة لا إله إلا الله، من

 

تمسّك بها و عمل بها و نصرها ملك البلاد و العباد. و أنت ترى نجدا و أقطارها أطبقت على الشرك و الجهل و الفرقة و قتال بعضهم بعضا، فأرجوا أن تكون إماما يجتمع عليه المسلمون و ذريتك من بعدك. كل شيء قد اتضح. فقد اجتمع و تحالف هذين الرجلين على ما اجتمع عليه من قبل عندنا عبد الله بن يس و يوسف ابن تاشفين و المهدي بن تومرت و عبد المؤمن بن علي و أبو مسلم الخراساني و السفاح من قبل. و في زماننا هذا أسامة ابن لادن و الملا عمر في بلاد الأفغان. و الأمثلة كثيرة.

 

      اتفق الداعية مع حامل السيف سنة 1158 - 1745 على أن يتحالفا من أجل الجهاد و نصرة التوحيد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فينتشر الإسلام من جديد و يكون جزاء ابن عبد الوهاب الجنة التي وعد المجاهدون و محمد بن سعود تأسيس دولة قوية. و عملت ذرية الرجلين على الوفاء لمضمون هذه المبايعة التي لازالت قائمة إلى اليوم بين آل سعود و آل الشيخ.

 

    انطلقت الغارات على القبائل و القرى من أجل إخضاعهم لسلطة آل سعود فصارت رقعة الإمارة في توسع مطّرد. فتنبّه عثمان ابن معمّر لهذا الأمر فطلب من ابن عبد الوهاب أن يعود إلى جواره بالعيينة، لكن محمد ابن سعود لم يقبل بذلك فوقع شنئان بين الأميرين انتهى باغتيال ابن معمّر و هو يصلي صلاة الجمعة بأمر من ابن عبد الوهاب سنة 1750 – 1163.

   

  استمر حلف نجد خلال إمارة محمد ابن سعود إلى أن توفي سنة 1765 – 1178 فعمل ابن عبد الوهاب على تنصيب ولد الهالك عبد العزيز مكانه. فاستمر في حروبه التوسعية التي توجت باحتلال الرياض عاصمة الإقليم سنة 1773 – 1186. فلما اتضح لابن عبد الوهاب أن الإمارة الجديدة التي سعى لإنشائها قد تجسمت، عاد إلى قريته العيينة وانقطع للتدريس و تكوين الأجيال التي ستحمل لواء عقيدته و تدافع عنه بشراسة إلى أن توفي سنة 1793 – 1206. و استمر الحلف المقدس بين ابنه عبد الله و عبد العزيز آل سعود المؤسسين الفعليين لدولة الخوارج بجزيرة العرب.

 

     يمكن اعتبار احتلال الرياض و تنحية أسرة بني خالد عن إمارة الإحساء مرحلة حاسمة في حياة الدولة الجديدة، إذ صار حكامها يتشوفون إلى مناطق غنية و بعيدة عن نجد كقطر و عمان و البصرة و بغداد و دمشق والحجاز. حاول سليمان باشا والي بغداد التصدي لآل سعود لكنه عجز عن ملاحقتهم بنجد التي تبعد عن قاعدته بمسيرة 12 يوم في صحراء قاحلة.

    

 لكن هذا الحاجز الطبيعي لم يثن الوهابيين عن نهب مشهد الإمام الحسين بكربلاء حيث أغاروا سنة 1802 – 1216 على هذا المكان المقدس عند الشيعة و غيرهم بدعوى لانتقام لبعض أتباعهم، فقتلوا حسب المصادر المختلفة بين 2000 و 5000 شخص بين رجل و امرأة و طفل و نهبوا ذخائر المشهد الحسيني و هدموه. و قد أقر ابن بشر في كتابه تاريخ نجد بهذا الحدث الشنيع و اعترف أن النهب كان عظيما و الأموال المسروقة من المدينة كثيرة. لكنه لا ينظر إلى الأمور بهذه العين بل اعتبر سرقة المسلمين فيء، حيث أخذ من الغنيمة الخمس الشرعي و فرّق الباقي على أتباعه كأن مال أهل كربلاء مال للمشركين المحاربين. و بعد سنتين 1803 - 1218 على هذه الحادثة، قام رجل من الأكراد فطعن الأمير عبد العزيز و هو يصلي فقتله.

   

  ثم انتقلت الإمارة السعودية إلى ولد عبد العزيز المدعو سعود فانتقم لاغتيال والده بالإغارة على البصرة  و النجف الأشرف ثم مكة في السنة التي تولّى فيها الإمارة. فكان أول ما قام به هدم بيت السيدة خديجة زوجة النبي صلى الله عليه و سلم و أم الأشراف كما هدموا البيت الذي ولد فيه رسول الله تفاديا للشرك حسب زعمهم. و قد ذكر حمادي الرديسي رسالة لعبد الله بن عبد الوهاب ( 1751 – 1865 ) يزكي فيها ما حدث يوم الإغارة على مكة نقلا عن كتاب الهدية السنية و أنهم وزعوا كتب ابن عبد الوهاب وحملوا علماء الحرم على اختلاف مذاهبهم للإذعان لما جاء فيها و ألغوا كل الامتيازات التي كانت متوفرة لآل البيت و منعوا تداول الكتب المصنفة في الشمائل المحمدية و انصب عدائهم على وجه الخصوص على كتاب روض الرياحين في مناقب الصالحين لعفيف الدين  لليافعي (698 – 768) و دلائل الخيرات للإمام الجزولي ( ت 870 ) كما منعوا استعمال السبحة و حديث الإنصات قبل خطبة الجمعة...الخ.

 

    خلافا لما عرف عن محمد و ولده عبد العزيز، اللذين كانا يعيشان في بساطة و شظف عيش، مثلهما مثل سائر البدو، يمكن القول أن سعود ابن عبد العزيز أول أمير من الأسرة الجديدة الذي سعى إلى إظهار أثر الملك عليه بل البذخ و الترف لأن المؤرخين الذين عرفوه مثل ابن بِشر يقول أن عباءته ب 200.000 ريال و أن حريمه يقدر ب 1500 نفر بين عبد و جارية، كما أنه كان يحيط نفسه بثلاث صفوف من العبيد كلما حضر الصلاة، حتى لا يكون ضحية مغامر أو عدو مثلما وقع لوالده.

  

  لم ينته سعود عند هذا الحد، بل أمر إمام الحرم المكي، أن يدعوا له في خطبة الجمعة. و أمر بكساء الكعبة بثوب أسود عليه خطوط حمراء كتب عليه: لا إله إلا الله سعود خليفة الله. و قد اعتاد والي مصر، منذ زمن طويل، تجديد كساء الكعبة كل سنة بثوب فاخر من حرير كتبت عليه آيات قرآنية و يرسله في شهر ذي الحجة، بأمر من الخليفة العثماني.

   

  و في سنة 1805 – 1220 وقع الهجوم على المدينة المنورة و سرق سعود كل ما في الحجرة الشريفة من التحف. ذكروا أنه كان بالحجرة النبوية عرش كسرى أنو شروان و سيف هارون الرشيد و الأحجار الكريمة التي لا تقوم بثمن. فكان مجموع ما سرق حمل ستين جمل انتقلت إلى الدرعية.

 

    ذكر أكنسوس في كتابه الجيش العرمرم نقلا عن أبي القاسم الزياني أن سعود و عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب كتبا رسائل إلى علماء المسلمين في جميع الآفاق يطلبان منهم المؤازرة و الدخول في دعوتهما. فوصلت إلى فاس رسالة سعود سنة 1226 من تونس بعث بها العلامة المفتي الشيخ إبراهيم الرياحي . فتولّى الإجابة عنها عالمين كبيرين هما حمدون بن الحاج السلمي و الطيب بنكيران. إلا أن جواب السلمي هو الذي أخذه معه الأمير مولاي إبراهيم بن سليمان تلك السنة إلى الحجاز في جماعة من العلماء. و تولى الحديث مع سعود قاضي مراكش محمد بن إبراهيم الزداغي و سأله عن بعض القضايا التي تعاب على الوهابية كالاستواء الذاتي لجسمية المستوي، فأنكر سعود قولهم بذلك والتزم بما جاء على لسان الإمام مالك: الاستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة. كما سأله عن مخالفة أهل السنة في قضية حياة الأنبياء في قبورهم، فأنكر و سأله عن سبب منع الناس من زيارة القبور فأنكر مرة أخرى و قال إنما نمنع من لا يعرف أدب الزيارة المفضي بالعامة إلى الشرك...الخ

  

   و أضاف أكنسوس قائلا بأن  الداعي لمدح السلمي لسعود ليس دليلا على موافقته في اعتقاده المخالف لعمل أهل المغرب المشهورون بالانتماء للمدرسة الأشعرية-السنوسية، إنما مرجعه لتسهيل حج المغاربة و الحفاظ على أموالهم و الثناء على أفعاله الحسنة الظاهرة من تأمين الحجاز و تنظيفه و غير ذلك مما لا ينكر حسنه.

    

 و غاية ما يقال في ذلك الوهبي أنه من غلاة الحنابلة مثل ابن تيمية و ابن حزم. فإن الحنابلة لهم مسائل ينكرها غيرهم من أرباب المذاهب و لا يضرهم ذلك. و هكذا أهل كل مذهب لا يقولون إلا بقول إمامهم و ينكرون غيره و لا محذور في ذلك للقاعدة التي هي أن المجتهد لا يحتج عليه بقول مجتهد آخر. و لو أراد مجتهد محّاجة مجتهد مثله فله ذلك.انتهى  

  

   فلما خرج حكم الحرمين من يد الخليفة و ولاته صار لزاما على الدولة العثمانية القيام بدورها من أجل تهدئة روع الناس الذين صاروا يخافون على أنفسهم و أهلهم و أموالهم، لأن الوهابية يفتون في كل من خالفهم بالكفر و الشرك و يستحلون أموال الناس و أعراضهم بالفتاوى الواهية.

    

 و من غريب الصدف أنه في سنة 1805 التي احتلت فيها مكة، صار محمد علي باشا خديوي على مصر. فطلب منه الخليفة أن يقوم بحملة على نجد و ينتزع أمر الحرمين من الوهابي و يعيد الأمور كما كانت من قبل. لكن محمد علي تباطأ معتذرا بعدم القدرة على تمويل الحملة و مواجهة عدو قوي في الصحراء. فوقع الاتفاق على أن يشارك في الحملة كل من والي الشام و والي العراق بجيوشهما، فيحيطوا بالعدو من كل الجهات.

 

    انطلقت الحملة  بقيادة طوسون ولد الخديوي سنة 1811 - 1226 من مدينة الينبوع. اتجه الجيش نحو المدينة المنورة، فأعيدت السيطرة عليها بعد سنة من الحرب. و في سنة 1813 - 1228 حررت مكة. إلا أنه في السنة الموالية مرض طوسون، فاستبدل بأخيه إبراهيم الذي استأنفت الحرب باتجاه نجد بعد أن تم تطهير الحجاز. و في نفس السنة (1814) توفي سعود بسبب مرض القصور الكلوي، فخلفه ولده عبد الله. و رغم شجاعته لم يستطع مقاومة جيش الخليفة، فسقطت الدرعية سنة 1818 - 1233  و مات كثير من أبناء و حفدة محمد بن عبد الوهاب و أبناء عبد العزيز، و سيق 400 من الناجين إلى مصر يتقدمهم الملك الشاب عبد الله بن سعود و عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب.

     

 و بإسطنبول قتل عبد الله بن سعود بعد أن طافوا به ثلاثة أيام في الشوارع و الأسواق و ألقيت جثته على قارعة الطريق لتأكلها الكلاب. و لم تشفع له الهدية الثمينة التي قدمها للخليفة. ذكر الجبرتي في تاريخه أن عبد الله بن سعود حمل معه نصيبه من إرث أبيه الذي غنمه من الحجرة النبوية، و هو عبارة عن مصاحف كتبت بالذهب و مجوهرات و غير ذلك من التحف النفيسة التي سرقت بدون حياء من أشرف مكان و أقدسه على وجه الدنيا. و لم يغادر الجيش المصري نجد حتى خربت الدرعية و هدمت قصورها واقتلعت الأشجار من مزارعها، فصارت كحصيد لم يغن بأمس.

   

  و هكذا انتهى الفصل الأول من المغامرة التي تعاهد عليها داعية مغمور و أمير نكرة بالدرعية القرية التي  لا يعرفها أحد من بلاد نجد التي قال عنها شاعرنا:

 

لولاك ما همت وجدا و لا تعشّقت نجدا

 

لأنه لا يقصد ذلك البلد إلا من فقد رشده و هام في أرض الله على وجهه من نكد الوجد الممتنع. و سينطلق الفصل الثاني سنة 1825 – 1240 على يد الأمير تركي بن عبد الله بن سعود. و لم  يعد الأمر دفاعا عن عقيدة أو الرغبة في نشر نِحلة و إنما استرجاع الملك الضائع،  لأن الأمير تركي عاش في قصور والده و جده و عرف ما توفره الإمارة من رغد العيش و الرفعة و السيادة، فعمل على استجماع ما بقي من فلول الأتباع و صار يسترجع نفوذه على القرى و القبائل النجدية، لكن لا سبيل له إلى العودة إلى الحرمين. و للحديث بقية.  








 
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم

اضغط هنـا للكتابة بالعربية

                                             المرجو الالتزام باخلاقيات الحوار، أي تعبيرات قدحية ستسحب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق
  * كود التحقق



النص الكامل لاستجواب جريدة المساء مع عبد الحميد أمين

المغرب يطرح مناقصة لشراء 300 ألف طن من القمح

أولمبيو المغرب يعربون عن خيبتهم بعد الفشل في دورة لندن

حذر المستثمرين وراء هبوط سوق الأسهم في المغرب

أحمد... من ماركسي إلى إسلامي

إشكاليات تعاطي النخب المغربية مع التقلبات السياسية

العدالة الانتقالية والثورات العربية

سفاح الارداف يرهب فتيات تزنيت

ا الاشتراكي الموحد:لاتسامح مع ناهبي المال العام

الملك محمد السادس يلقي الكرة في ملعب مُقبّلي يديه

النص الكامل لاستجواب جريدة المساء مع عبد الحميد أمين

من أجل المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز

أحمد... من ماركسي إلى إسلامي

الوقائع الكاملة لانتفاضة وادي زم 20 غشت 1955

الفرصة سانحة لحذف جميع الصناديق السوداء والعلاوات ويبقى صندوق الخزينة العامة للدولة وحده تحت المحاسب

اليازغي: تنزيل الدستور ليس قضية الملك

الداخليةترفض تمكين شركات إسبانية من صفقة النقل افي طنجة

المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي: أي رهانات للحركة الجمعوية والشبابية

أحمد الريسوني: هناك تحولات عميقة ونوعية حصلت في المغرب

المفكر والكاتب الجزائري واسيني الأعرج : الإسلاميون لم يقوموا بالثورة بل ركبوا عليها





 
النشرة البريدية

 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  صوت وصورة

 
 

»  كاريكاتير و صورة

 
 

»  استطلاع رأي

 
 

»  اخبار

 
 

»  سياسة

 
 

»  مجتمع

 
 

»  اقتصاد

 
 

»  ثقافة و فنون

 
 

»  زووم سبور

 
 

»  جهات و اقاليم

 
 

»  من هنا و هناك

 
 

»   في الذاكرة

 
 

»  كتاب الرأي

 
 

»  تحقيقات

 
 

»  حوارات

 
 

»  أسماء في الاخبار

 
 

»  كلمة لابد منها

 
 

»  بورتريه

 
 

»  أجندة

 
 

»  كواليس زووم بريس

 
 

»  الصحراء اليوم

 
 

»  مغارب

 
 

»  مغاربة العالم

 
 

»  المغرب إفريقيا

 
 
أدسنس
 
سياسة

اللجنة التحضيرية لمؤتمر حزب الاستقلال تبدأ على إيقاع الصفع

 
استطلاع رأي
كيف تجد النشرات الاخبارية في القناة الثانية

هزيلة
متوسطة
لابأس بها
جيدة


 
اخبار

نشرة إنذارية لمستعملي الطريق بسبب سوء الأحوال الجوية

 
ترتيبنا بأليكسا
 
جريدتنا بالفايس بوك
 
مجتمع

مطالب بتشديد العقوبات على مستغلي الاطفال والنساء في التسول

 
اقتصاد

المغرب يتجه لتوطين صناعة حاويات الشحن لتعزيز تنافسيته العالمية

 
البحث بالموقع
 
أجندة

شبكة المقاهي الثقافية تنظم ملتقاها الجهوي بسيدي قاسم

 
في الذاكرة

في رحيل الدكتور عبد المجيد بوزوبع

 
حوارات

العنصر يحمل العثماني مسؤولة التأخير في تحويل الاختصاصات المركزية إلى الجهات وتفعيل برامج التنمية الجهوية

 
زووم سبور

كأس الكاف: القرعة تضع نهضة بركان في مواجهة أبو سليم الليبي

 
مغاربة العالم

إجلاء 289 مغربيا من قطاع غزة

 
الصحراء اليوم

بيدرو سانشيز يجدد التأكيد على موقف إسبانيا الداعم لمغربية الصحراء

 

   للنشر في الموقع 

[email protected] 

اتصل بنا 

[email protected]

   تـنــويه   

الموقع لا يتحمل مسؤولية تعليقات الزوار

فريق العمل 

مدير الموقع و رئيس التحرير: محمد الحمراوي

   المحررون: حميد السماحي، سعاد العيساوي، محمد المدني

ملف الصحافة : 017/3  ص ح  - طبقا لمفتضيات قانون الصحافة و النشر 10 اغسطس 2017

 


  انضمو لنا بالفايس بوك  شركة وصلة  سكريبت اخبار بريس

*جميع المقالات والمواضيع المنشورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها وليس للموقع أي مسؤولية إعلامية أو أدبية أو قانونية