أجرى مستشارا الملك محمد السادس، عمر عزيمان البالغ من العمر 71 سنة، وعبد اللطيف المانوني 75 سنة، حوارا نادرا مع وكالة الأنباء الفرنسية، وتطرق الحوار للتحولات التي شهدتها المملكة خلال عشرين سنة من حكم الملك محمد السادس والتحديات التي تواجهها المملكة.
تقييم 20 سنة من حكم الملك محمد السادس
وفي جواب على سؤال كيف تقيمون حصيلة 20 سنة من حكم الملك محمد السادس، قال عزيمان “تحققت الكثير من المنجزات المفيدة للبلد، لكن ثمار التنمية خلال العشرين سنة الماضية لم يستفد منها الجميع، ما نزال غير قادرين على خلق فرص عمل لشبابنا وما تزال لدينا مناطق تعاني التهميش (…) بوسع المغاربة أن يفخروا بما تحقق لكننا لا نستطيع تجاهل النواقص والاختلالات. لكي نواصل التقدم لابد لنا من ضمان انسجام اجتماعي، هذا شرط أساسي”.
أما المنوني، فقد أبرز أن المملكة حققت عدة أشياء، خصوصا على صعيد الإصلاحات الديموقراطية، “ما يزال مطلوبا ترسيخ هذه المنجزات”. وفق تعبير المنوني.
الأولويات المطروحة على المملكة
وفيما يتعلق بالأولويات المطروحة قال عزيمان “في مرحلة أولى، كانت الأولويات تتركز حول التقدم في مجال الإصلاحات الديموقراطية وبناء دولة القانون وتعزيز حقوق الإنسان، وطي صفحة الماضي وإنجاح تجربة العدالة الانتقالية”.
وأضاف في ذات السياق “ابتداء من فترة 2004-2006 فتحت الأوراش الاقتصادية الكبرى، سواء منها مشاريع البنيات التحتية (الطرق، الطرق السيارة، الموانئ، المطارات)، أو برامج النهوض بقطاعات الفلاحة والصناعة والطاقات البديلة”.
واليوم، يضيف عزيمان، “أصبح تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية في صدارة الأولويات، إنها ورشة ضخمة يستوجب إنجازها صياغة نموذج تنموي جديد يكون أكثر حرصا على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية. كما يستوجب نهج سياسة مجالية جديدة ستساهم فيها الجهوية المتقدمة بقوة توسيع صلاحيات الجهات المحلية”.
وأضح عزيمان خلال ذات الحوار، أن المغرب يسير منذ تولي الملك محمد السادس الحكم في طريق تطبعه الاستمرارية والتغيير في نفس الوقت، فالنظام لم يتغير ولم تحدث قطيعة بل استمر مؤكدا قدرته على التأقلم مع تطورات الزمن والمجتمع.
الفرق الجوهري بالمقارنة مع عهد الملك الحسن الثاني يكمن في أننا انتقلنا إلى السرعة القصوى على مستوى الاختيارات الاستراتجية، وعمل مؤسسات الدولة وتنفيذ السياسات العمومية، واشتراط الفعالية. يقول عزيمان.
مكانة الملك محمد السادس في دستور 2011
وأكد عزيمان أن الملك يحتل مكانة مركزية في الدستور القديم، ومايزال كذلك في الدستور الحالي، وهنا تتجلى فكرة الاستمرارية. في نفس الوقت هناك تغيير جوهري، فبينما كانت مكانة الملك في الدستور القديم غير محددة في نطاق معين، أصبح مجالها محدد المعالم في الدستور الجديد. الفرق كبير بين الوضعيتين.
وقال المنوني إن الدستور الجديد يتيح للأحزاب السياسية إمكانيات أكبر لتفرض نفسها مقارنة مع الماضي، لكن التطور المنتظر على هذا الصعيد لم يتحقق بعد في الواقع. ربما يلزمه وقت.
وفي سؤال مغاير متعلق بمدى إمكانية تصور ملكية برلمانية في المغرب على النمط الأوروبي، قال “عزيمان لسنا في إطار نظام يشبه الملكية الإسبانية أو الهولندية حيث يسود الملك دون أن يحكم، نحن في ظل نظام ملكية من نوع آخر، لكن سلطات الملك محددة”.
وقال المانوني في جواب على ذات السؤال “نحن على طريق ملكية برلمانية (…) لكن بطبيعة الحال ما تزال ثمة ربما بعض المقتضيات التي يلزم تجويدها”.
وجدير بالذكر أن الملك محمد السادس عين عمر عزيمان مستشارا له سنة 2011 بعدما كان قد تولى عدة مسؤوليات رسمية، بما فيها حقيبتي وزارة حقوق الإنسان والعدل. وإلى جانب وظيفته كمستشار للملك يرأس حاليا المجلس الأعلى للتعليم، و”يعمل على عدة ملفات” بينها حقوق الإنسان وإصلاح العدالة والجهوية الموسعة وإصلاح التعليم.
وعين المنوني “الذي لم يتعود على الظهور في الإعلام” مستشارا للملك في 2011 وهو أستاذ في القانون الدستوري. وكان ترأس قبل ذلك لجنة مراجعة الدستور في سياق مطالب الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد.