حذر فاعلون سياسيون ومدنيون، “من أن تقع المقاطعة في خطر الانزلاق والانتقال من الدفاع عن مطالب مشروعة وواضحة تخدم المواطنين وتسعى إلى مجتمع يسوده التكافؤ والتماسك والعدالة الاجتماعية، إلى إطلاق مطالب أقل مشروعية، كالدفع بها إلى التعويم الذي يمكن أن يفقدها مشروعيتها وفاعليتها”، مبرزين أن “المسؤولية الوطنية تقتضي أن جعل الأزمة فرصة لتصحيح الأوضاع والعمل من أجل تقدم البلاد، سواء عبر تقديم حلول آنية أو تحديد الخطوات الضرورية والمقاربات الكفيلة بزرع القدر الكافي من الثقة وفتح آفاق حقيقية للإجابة الفعلية عن المطالب المشروعة الحالية والمستقبلية”.
ودعت أزيد من 70 شخصية مغربية تضمنت فاعلين سياسيين ومدنيين وباحثين جامعيين، الدولة إلى استخلاص الدروس من حملة المقاطعة التي خاضها المغاربة طيلة ثمانية أسابيع، وذلك في إعلان موقع أُصدر اليوم الخميس حيث أشاروا الى أن “سلوك الدولة الذي اتسم بعدم الإنصات ونهج سياسة القمع والإقصاء ضد حركة 20 فبراير، وضد بعض التيارات والتنظيمات السياسية المعارضة، وضد نشطاء المجتمع المدني، وضد شباب حراك الريف وجرادة وزاكورة ومناطق أخرى، وضد الصحافة المستقلة، ساهم في تجميع ضحايا سياساتها. فأصبحت الدولة بذلك وجها لوجه مع المحتجين وغضبهم، خاصة بعد إفلاس هياكل الوساطة وفقدان المواطنين لأي ثقة في أدوارها ووظائفها، فَسَادَ التخويف والترهيب، بدل إقامة جسور التواصل والثقة”، مضيفين، أن “لفقدان الثقة عواقب خطيرة، ولعل من بين ما ينجم عنه استعصاء تصحيح بعض المعطيات المغلوطة التي يجري تداولها بين الناس، بما فيها تلك التي تتداول على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي قد تساهم في إذكاء الغضب الاجتماعي”.
وتابع نص الإعلان، أن انعدام “مصداقية وسائل الإعلام العمومي حرم البلاد من وسيلة ناجعة وضرورية للنقاش الديمقراطي، حيث تم الاكتفاء بمتابعات سطحية دون فتح المجال أمام محللين وفاعلين من مختلف الفعاليات والانتماءات لخوض نقاش جدي وعميق حول الأزمة القائمة (تشخيص الوضع وتحديد الأسباب وبحث سبل المعالجة)، لتبقى شبكات التواصل الاجتماعي المجال الوحيد لنقاش من المفروض أن تحتضنه وتساهم فيه وسائل الإعلام العمومي”. لقد فضحت المقاطعة، يضيف الموقعون، “العجز التام للحكومة التي ظهرت معطلة وفاقدة لأية قدرة على تدبير تداعيات هذه الحركة الاحتجاجية – المطلبية، فالخرجات غير المسؤولة لبعض وزرائها، وركونها إلى الصمت المطبق خلال الأيام الأولى للمقاطعة، وإمعانها في ممارسة التعتيم بعدم تمكين المواطنين بكل شفافية من المعطيات والمعلومات…، كل ذلك جعلها توجد في موقف المدافع عن الشركات المعنية بالمقاطعة”. كما لوحظ، من جهة أخرى، يضيف الإعلان، “سوء تفاعل المقاولات المستهدَفة، ومن ثم سوء تدبيرها للأزمة، بسبب عدم إدراكها للبعد الهيكلي والاستراتيجي الذي يؤشر عليه هذا التطور والتحول في أشكال الاحتجاج والرفض لاستمرار الأوضاع على ما كانت عليه، وهو ما فاقم الأزمة بدل معالجتها وساهم في انتشار مناخ انعدام الثقة، الذي سيتعمق أكثر بسبب عدم تحمل مؤسسات أخرى لمسؤولياتها، بما فيها البرلمان الذي تأخر في عرض تقرير لجنة مجلس النواب المكلفة بالمهمة الاستطلاعية حول أسعار بيع المحروقات، وحتى بعد أن وقف التقرير على الأرباح المفرطة واللا أخلاقية التي جنتها شركات التوزيع منذ تحرير الأسعار، بدون ارتباط بالأسعار الدولية وفي غياب مجلس المنافسة وباقي آليات الرقابة، فإنه لم يُضَمَّن في توصياته أي مقترح لاسترجاع فائض تلك الأرباح قصد استثمارها في قطاعات اجتماعية ذات أولوية. ولما حامت الشبهات حول اتفاق شركات توزيع المحروقات حول الأسعار، في ضرب سافر للقوانين ولأخلاقيات المنافسة الشفافة والشريفة، اختارت اللجنة الصمت عن هذه الشبهات وفضلت تغليب المصالح الحزبية الضيقة على مصلحة المواطنين”.