أعلن اليوم بالرباط عن إطلاق مبادرة "في السباق الطويل((In The Long Runمن طرف منظمة "وازيس" و هي حركة عالمية تضم منظمات غير حكومية من 11 بلداتحت شعار"إنهاء تهريب البشر.. خطوة بخطوة"، حيث انطلق هذا السباق من مدينة الدار البيضاء (03 غشت 2015) نحو مدينة برشلونة (13 غشت 2015).
وتهدف هذه المبادرة إلى المساهمة في النضال لوضع حد لتهريب البشر حول العالم وذلك عبر تنظيم سباقات تجوب الطرق الدولية التي تستعملها شبكات تهريب البشر وتنظيم لقاءات تواصلية وورشات تحسيسية للتعريف بالمآسي الناتجة عن هذه الظاهرة والتوعية حول السبل الكفيلة بالحد منها، وسيسعى القائمون على المبادرة إلى استعمال المعارف والتجارب التي اكتسبوها في بلدانهم من أجل دعم البلدان الأخرى في سعيها للقضاء على ظاهرة تهريب البشر. وجاء اختيارهم لمسار الدار البيضاء (المغرب) – برشلونة (اسبانيا) لكونه أحد أهم الطرق الدولية التي تنشط عبرها هذه الظاهرة.
و قال محمد النوحي باسم المكتب التنفيذي للهيئة المغربية لحقوق الإنسان، أنه خلال الأيام العشرة التي سيقطعها الفريق المكون من 18 شخصا من مختلف الجنسيات (المغرب، إسبانيا، بلجيكا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، سويسرا، إيرلندا) سيجري الفريق عشرة كيلومترات يوميا وسيلتقي بجمعيات حقوقية تناضل هي الأخرى من أجل القضاء على جريمة تهريب البشر، كما سيقابل الساكنة المحلية لتحسيسها بخطورة هذه الجريمة وطرق الحماية منها، والتناقش والتباحث حول هذه الظاهرة مع الفاعلين المحليين بتنسيق مع الهيئة المغربية لحقوق الإنسان.
و يُعد تهريب البشر جريمة متصاعدة في المغرب،إذ أصبح،مصدرا ونقطة عبور لتهريب البشر خاصة النساء والأطفال ضحايا الاستغلال الجنسي وهذا ماأكده مؤخرا تقرير الخارجية الأمريكية حول الاتجار في البشر حيث سلط الضوء على حالات بعض البلدان التي تعرف وجود عدد من النساء المغربيات في الحانات والملاهي الليلية ويشتغلن في الدعارة.
وأشار التقرير أيضا إلى أن فتيات ينحدرن من الوسط البدوي، بعضهن لم يتجاوزن سن الثامنة، يشتغلن عاملات بيوت في المدن، ويصبحن ضحايا العمل القسري، ويعانين من عدم التوصل بمستحقاتهن المالية، كما يحد من حريتهن في التحرك، بالإضافة إلى تعرضهن لاعتداءات جنسية وجسدية. وتطرق التقرير إلى النساء القادمات من دول جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن بعضهن يجبرن على الاشتغال في الدعارة.
كما أشار التقرير إلى أن بعض العاملات القادمات من إندونيسيا والفلبين يتعاقد معهن كعاملات منازل، وبعضهن يجبرن على العمل القسري ويعانين من الحرمان من أجورهن، وسحب جوازات سفرهن .
كما أن المغرب أصبح سوق مفتوحة تنشط فيه شبكات منظمة تقوم بتصدير واستيراد البشر ، خاصة النساء والفتيات اللواتي يتم "بيعهن" في بعض دول الخليج العربي، ومؤخرا بعض الدول الأوروبية، لتسخيرهن في الدعارةوالملاهي الليلية،فهناك الكثير من الوسطاء الذين يشتغلون في هذا الإطار، حيث يتم استهداف الفتيات في عدد من الأماكن كصالونات الحلاقة والتجميل، علاوة على توظيف أداء مناسك العمرة في هذه العملية، حيث يقوم الوسطاء بإيهام الضحايا بأداء مناسك العمرة ليتم استغلالهن فيما بعد في العمالة المنزلية والدعارة، ومصادرة جميع وثائقهن وحرمانهن من حقوقهن,
و هناك شبكات ، تعمد إلى "شراء" ضحاياها من بلدانهم الأصلية الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء، ثم يتم نقلهم إلى مدن وشوارع المغرب، وإرغامهم على احتراف الدعارة أو التسول ودفع مبالغ طائلة لركوب قوراب الهجرة نحو أوروبا.
و غالبا ما تستعمل هذه الشبكات في عملها أسلوب الترهيب ، من خلال العنف الذي تمارسه على ضحاياها بالإرغام المهاجرات على الحمل والولادة، لتسخير أطفالهن في التسول .
وقد كشفت الدراسة التي أعدتها وزارة العدل وساهمت في إنجازها كل من مكتب الأمم المتحدة للمساواة ولتمكين المرأة، وبرنامج "التعاون السويسري على أن نسبة الاستغلال الجنسي للمهاجرات الإفريقيات في بعض المدن المغربية، وصل إلى 80 في المائة من مجموع المهاجرات.كما أشارت الدراسة إلى تنامي ظاهرة استقدام خادمات البيوت من دول جنوب شرق آسيا، حيث تبين أن 5000 فلبيني يوجد بالمغرب، 60 في المائة منهن خادمات في البيوت أغلبهن تعانين من الاستغلال والعنف وحجز جوازات السفرومن حرمانهن من حريتهن في التنقل.
لكن الجهات الرسمية في المغرب تنفي وصول الإتجار في البشر بالمغرب إلى مستوى «الظاهرة» بل فقط تؤكد على تسجيل حالات ،غير أنه لا توجد أرقام وإحصائيات رسمية حولها ، بل ما يلاحظ هوتنامي الشبكات التي تقوم بتصدير واستيراد البشر، كذلك هناك صعوبة في الوصول حتى إلى الحالات والتواصل معهم خاصة النساء العاملات في الجنس وهذا ماأكده فريق العمل الذي سهر على إنجاز الدراسة السابقة الذكر وتزداد هذه الصعوبة لعدم تجريم القانون المغربي لظاهرة الإتجار في البشر ، حيث ليس هناك تعريف معترف به في القانون، كما أن المغرب لا يتوفر على آليات تمكنه من حماية ضحايا الاتجار في البشر علاوة على غياب مراكز إيواء ضحايا الاتجار بالبشر في المغرب وضعف الدعم النفسي لهذه الشريحة .
و قالت الهيئة أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة، إلا أنها تبقى جد محدودة للقضاء على ظاهرة الاتجار في البشر، ومن الإجراءات والتدابير التي اتخدتها لمحاربة الظاهرة، مصادقة المغربعلى العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية،كما صادقت الحكومة على مشروع قانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر،. تم في إطار مراجعة القانون الجنائي المغربيتم إدراج فرع خاص بتجريم الاتجار بالأشخاص يتضمن في مطلعه تعريفا لهذه الجريمة يلائم المنظور الدولي. ويرفع مشروع القانون الجنائي الجديد العقوبات ضد المتهمين بممارسة جريمة الاتجار بالبشر، حيث يمكن أن تصل العقوبة إلى 30 سنة سجنا و50 ألف دولار غرامة في حال استغلال الأطفال،
و اتخدت وزارة العدل والحريات بعض الإجراءات منها تحسيس القضاة والأطر القضائية العاملة بخلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم بخطورة جريمة الاتجار بالبشر، وتوحيد إطارها المفاهيمي وتمييزها عن الهجرة وتهريب المهاجرين، وتوحيد آليات التدخل، إطلاق مشروع مشترك بين وزارة العدل والحريات ومكتب الأمم المتحدة لتمكين المرأة في غشت 2012 بهدف تحسين ولوج الخدمات القضائية للنساء والأطفال ضحايا الاتجار بالبشر في المغرب، خلق خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم. لمعالجة أوضاع ضحايا الاتجار بالأشخاص .
و اعتبرت الهيئة إن مكافحة الاتجار في البشر يجب أن لا تقتصر على سن عقوبات جديدة،من قبل السلطات الدولية والوطنية بل أن تتخطاها لمجموعة من الإجراءات الاستباقية منها على سبيل المثال:
الحد من جميع أشكال الضعف والهشاشة والتمييز ضد المرأة في مجتمعاتها الأصلية ،
وضع آليات اجتماعية للوقاية على الخصوص التكفل وإعادة الإدماج
تحسيس عموم المواطنين والفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني لواقع ورهانات هذه الظاهرة
تأسيس استراتيجيات لمحاربة الظاهرة تستند على المقاربة الحقوقية مع إعطاء الاولوية لاحترام حقوق الضحايا،
القيام بحملات توعوية في هذا الإطار تسلط الضوء على حقوق الطفل ومخاطر استغلال الأطفال مع تعزيز دور الهيئات التي تعنى بالأطفال في وضعية صعبة
العمل على الرفع من عدد مراكز الحماية الاجتماعية للأطفال والنساء ضحايا الاتجار ومن طاقتها الاستيعابية، مع الحرص على استقبال المهاجرين في هذه المراكز على قدم المساواة مع المواطنين المغاربة وفق منطق "الحقوق وليس التمييز".