فيما يمكن اعتباره شبه مناظرة حول مستجدات مسودة مشروع القانون الجنائي، حاول مصطفى الرميد وزير العدل والحريات طيلة أكثر مايناهز الساعتين من مدة استغرقها تدخله من إقناع مناضلي ومناضلات حزب التقدم والاشتراكية بحضور الأمين للحزب نبيل بنعبد الله بشأن مزايا تجريم بعض الممارسات التي تضمنتها المسودة والتي أثير بشأنها الكثير من الجدل بل ويوجد حولها خلاف.
وأكد الرميد خلال اللقاء الذي نظمه فضاء حزب التقدم و الاشتراكية للأطر بالرباط بتنسيق مع فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب ، بشأن مستجدات مسودة مشروع القانون الجنائي ، أن المسودة جاءت لأجل سد الثغرات التي أفرزتها الممارسة العملية وتطوير أداء العدالة الجنائية ، مبرزا أن المستجدات التي تضمنتها مسودة مشروع القانون الجنائي تخص مجال التجريم حيث تم الإبقاء على ذات التجريم الذي كان في القانون الجنائي لسنة 1962، كما تم إدراج جرائم جديدة بما يكفل حماية أمن وسلامة المواطنين، حيث تم في هذا الصدد التنصيص على جرائم التعذيب والاختفاء القسري والإبادة ، والتحريض على الكراهية وازدراء الأديان .
كما أن اللجنة التي اضطلعت بصياغة المسودة حرصت على أن تكون مقتضياتها ملاءمة لمضامين دستور 2011 وما تتضمنه القوانين والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وكذا توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وتلك الصادرة عن الآليات الأممية ،معلنا أن مشروع القانون تضمن مبادئ جديدة من خلال إعادة تنظيم مسؤولية الشخص الاعتباري وتحديد العقوبات والتدابير الوقائية والعينية المطبقة عليه ، وإضافة جرائم جديدة وإعادة النظر في العقوبات المقررة عبر تخفيض بعضها وتشديدها بالنظر لخصوصية الضحايا وإقرار عقوبات بديلة .
وربط المسؤول الحكومي الذي أكد على أن الوزارة اعتمدت مقاربة تشاركية وأنها تبقي باب النقاش مفتوحا من أجل تجويد مسودة مشروع القانون الجنائي، (ربط) تجريم ازدراء الأديان ، بما يمكن أن يشكله في حال حدوث ذلك من تهديد على أمن وسلامة المجتمع ،كما حدث في فرنسا من حادث الهجوم على جريدة شارلي إيبدو نتيجة نشرها رسومات تستهزئ من الرسول محمد (ص)، حيث يمكن أن تستغل بعض العناصر المتطرفة والتي ترتبط بالإرهاب عدم تدخل الدولة لمواجهة مسألة الازدراء قانونا للقيام بأعمال عنف بدعوى محاصرة مقترفي الازدراء، قائلا في هذا الصدد " لم نأخذ بتصور الحفاظ على الدين الاسلامي بل على كل العقائد الأخرى أخذا بعين الاعتبار سمة تميز المغرب كبلد منفتح على الآخر.
كما أكد أن مفهوم الحرية لديه يقترن بالمسؤولية، معلنا أن التنصيص على تجريم الإفطار العلني يأتي من أجل حماية الشخص من التعرض للعنف، وكذا الأمر بالنسبة لتجريم العلاقات الجنسية بين رجل وامرأة اللذين لايجمعهما إطار شرعي، قائلا" بالنسبة للإفطار الذي قد يشكل القيام به في الفضاء العام استفزاز للمجتمع ، يمكن للشخص أن يفطر في الفضاء الخاص، وكذا الأمر بالنسبة للعلاقات الجنسية ، وأنه كوزير للعدل والحريات أعطى تعليمات للنيابة العامة بعدم متابعة الأشخاص الذين يمكن أن يقوموا بذلك في فضاء خاص"، مضيفا بالنسبة للعلاقة بين الرجل وامرأة أنه ليس هناك ما يمنع أي علاقة يمكن أن تكون على هذا الصعيد ، شرط أن تكون بعيدة على أعين الناس ، واعتبر في هذا الصدد أن الممارسة التي تقوم بها بعض عناصر الشرطة حينما تتواجد امرأة ورجل في سيارة بأن لا أساس لها في القانون ،وليس للشرطة الحق أن تسأل المعنين ،مستطردا " ليس هناك حالة طوارئ أخلاقية".
واعتبر المسؤول الحكومي أن التنصيص على العقوبة في حالة السكر تخص للسكر العلني الذي تم الاشتراط فيه اقترانه بإحداث الضرر، كأن يتم السكر قرب مؤسسة تعليمية أو مسجد، أو يحدث صاحبه ضوضاء تقلق راحة المواطنين الآخرين.
وفيما يخص عقوبة الإعدام ، أكد المسؤول الحكومي أنه تم التقليص من منها في عدد مهم من الجرائم واقتصار التنصيص عليها فقط في الجرائم الخطيرة والرهيبة البشعة، قائلا "إن من أصل 31 مادة كانت تنص على عقوبة الإعدام ، تم الاحتفاظ في هذه المسودة على ثمان مواد فقط تنص على الإعدام مع إضافة ثلاث مواد جديدة متعلقة بجرائم القانون الدولي الإنساني ليصبح عدد المواد التي تنص على عقوبة الإعدام إحدى عشر (11) مادة"، مضيفا لتبرير الإبقاء على الإعدام بالقول "إن المادة 20 من الدستور بالرغم من أنها تنص على الحق في الحياة فإنها لاتعني به إلغاء الإعدام.
وبشكل مثير، أعلن الرميد أن تجريم زعزعة عقيدة مسلم" تخص الحالة التي يتم فيها استغلال صغر سن الأطفال أو استغلال فقر الأشخاص وحاجتهم للتأثير عليهم ودفعهم لاعتناق ديانة، واستحضر في هذا الصدد مسألة التنصير الذي كان ضحية لها طفل بإحدى المدارس الأجنبية.
فنن العفاني