أفاد المكتب الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان ببوجدور في تقرير له أن غالبية سكان مخيمات الوحدة بمدينة بوجدور قرروا مقاطعة المواد التموينية، التي يتم تسلمها عبر نقط التوزيع المخصصة لهذا الغرض، حيث اضطر كل من السيد عامل الإقليم وقائد الحامية العسكرية الحضور إلى عين المكان يوم السبت 2 ماي 2015، وقد عاين أعضاء المركز المغربي لحقوق الإنسان مشادات بين عناصر من الأمن ومواطنين حجوا إلى نقطة التوزيع للانضمام إلى المحتجين، حيث منع عناصر الأمن بالقوة بعض المواطنين من التصوير، مما نجم عنه إصابة مواطنة على مستوى اليد بعد محاولة أحد عناصر الأمن سحب هاتفها النقال لإزالة الفيديو الذي وثق بعض من تلك المشادات، كما تعرض العديد من المواطنين للسب والشتم.
وقال التقرير أن أحد تجار التموين، يدعى (ن.)، والذي يستفيد مما مجموعه أربعمائة وتسعين (490) حصة، حسب ما صرحت به مصادر متعددة ومتطابقة لوفد المركز المغربي لحقوق الإنسان، قام برفع شكاية بإحدى النساء المحتجات (ع.م.) لا يعرف سببها أو فحواها، وهو ما اعتبرته ذات المصادر مجرد وسيلة ترهيب وتمويه إزاء عملية سطو ممنهجة على الحصص التموينية، حيث يعهد إلى هؤلاء السماسرة بيع الحصص المسروقة بدعوى شراءهم لحصص مواطنين غادروا الإقليم أو باعوا حصصهم.
وبعد رفض تسلم هذه المواد عادت الشاحنات أدراجها إلى الثكنة العسكرية، حيث رافقتها الجماهير الغاضبة وقامت بمحاصرة باب الثكنة، مما نجم عنه عراك بينها وبين مجموعة من العناصر البلطجية، التي تم استدعاؤها من طرف " السماسرة " المكلفين ببيع هذه السلع، وفق ما صرحت به مصادر متطابقة، عاينت الأحداث ومطلعة على المشكلة.
ومن خلال التقصي الذي أجراه المركز المغربي لحقوق الإنسان بإقليم بوجدور، فإن احتجاجات المواطنين ورفض تسلمها لحصصها تعزى إلى ما يصفونه " بالسرقة العلنية لهذه الحصص من طرف المشرفين على العملية، حيث يتهم المواطنون مسؤولا بالعمالة، متورط في نهب الدعم التمويني، كما يتهمه البعض أنه " لا يخضع حتى للتراتبية الإدارية، في اختلال واضح داخل مؤسسات السلطة ببوجدور، حسب ما يصرح به المواطنون.
و قال التقرير أن أحداث الأحد ليست معزولة، بل مرتبطة بسلسلة من الأحداث السابقة، حيث سبق وأن شهدت مدينة بوجدور رفض مواطنين، في عدة مناسبات تسلم حصصهم التموينية، بسبب الفساد الذي يعتري عملية توزيع الحصص، نذكر أحدثها ما جرى يوم 16 أبريل الماضي، حيث شهدت الاحتجاجات تراشقا متبادلا بالحجارة بين عناصر بلطجية ومجموعة غاضبة من شبان مخيمات الوحدة، تسببت في تدخل رجال الأمن وإصابة أحدهم بكسور، علاوة على إصابة عناصر من القوات المساعدة بجروح، اعتقل على إثرها خمسة شبان لا يزالون رهن الاعتقال إلى اليوم.
وللإشارة، فإن الغالبية الساحقة من المواطنين تشتكي من الغياب التام لأي اهتمام يذكر من طرف عامل الإقليم بمعاناتهم إزاء أعمال النهب والسمسرة، ويستشهدون على ذلك بالاعتصام الذي تخوضه مجموعة من النساء تجاوزت مدته الأربعة أشهر ليجدن أنفسهن يتابعن أمام المحاكم في محاولة للانتقام من اعتصاماتهن، من خلال الزج بهن في السجن، دون اعتبار لما قدمنه للوطن ودون اعتبار لهن كنساء، حيث تسخر عناصر بلطجية أجل إهانتهن وضرب بعضهن في كثير من الأحيان، كما يتم تسخير بعض الأقلام المأجورة لتشويه سمعة النساء المعتصمات وصلت إلى حد القذف والتشهير عبر منبر إعلامي معروف في سابقة خطيرة من نوعها.
وفي أحدث تطور للأحداث، أورد التقرير أن مدينة بوجدور، شهدت يوم الإثنين 04 ماي 2015، نزالا بين مجموعتين من البلطجية، التي تسخر لنهب الدعم التمويني، استعملت فيه الأسلحة البيضاء، وذلك بسبب خلاف حول تقاسم مبالغ مالية، سلمت لهم ليلة الأحد، حسب إفادات مواطنين يواكبون الموضوع عن كثب، وقد أصيب اثنان بجراح طفيفة على مستوى اليد، كما انتقل الصراع إلى المستشفى الإقليمي، حيث كانت المواجهات بالحجارة وبالأسلحة البيضاء، وتم احتواء الوضع بتدخل بعض الوجهاء، كما حرر محضر من طرف الشرطة في الموضوع، لا نعرف مآله خصوصا وأن جهات عديدة تدخلت لإجراء مصالحة حتى لا يتطور الوضع إلى ما لا تحمد عقباه.
وعليه، وفي في ظل ما تعرفه مدينة بوجدور من أحداث وتجاوزات، خاصة وأن مظاهر الاحتقان تنذر بمزيد من المواجهات، دق المركز المغربي لحقوق الإنسان ناقوس الخطر، إزاء السياسات المتبعة من قبل السلطات الإقليمية، وسياسة غض الطرف عن الأطراف المتورطة في نهب المواد التموينية المخصصة للمنطقة، وطالب بضرورة إيفاد لجنة مركزية للوقوف على حجم التجاوزات المقترفة، والمضايقات التي تتعرض لها ساكنة المخيمات، والعمل على فرض توزيع عادل للحصص التموينية، كما يطالب بضرورة العمل على تأهيل إقليم بوجدور تنمويا، لما يزخر به من إمكانيات طبيعية واقتصادية مهمة، لكنها غير مستثمرة لفائدة السكان.