لن يكون باستطاعة المقاولات رفض التعاون مع طلبات مجلس المنافسة كما كان بالسابق تحت طائلة توقيع جزاءات مالية, فمشروع إصلاح القانون 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة فتح الباب على مصراعيه لمجلس عبد العالي بنعمور لينتقل من هيئة استشارية إلى مؤسسة دستورية لها صلاحيات تقريرية واسعة. هذا الوضع الدستوري الجديد هو ما استبقه رئيس مجلس المنافسة من خلال التواصل مع المعنيين بالموضوع والرأي العام بتنظيم ندوة أمس الأربعاء بالرباط, حتى يتسنى له شرح مضامين مسودة إصلاح قانون حرية المنافسة والأسعار. بنعمور استبق في نفس الآن ما يلوح في الأفق من تنازع اختصاصات بين مجلس المنافسة وسلطات حكومية ومجالس أخرى ومقنين قطاعيين, مؤكدا على أن: "الفصل 166 من دستور فاتح يوليوز حسم في هذه الاختصاصات من خلال إعطائها لمجلس المنافسة".
تخوف بنعمور من تداخل الاختصاصات بين مجلسه وبين هئيات حكومية ومستقلة هو ما جعل النقاش مازال قائما حول بعضها لحد الساعة. أهم الأمور التي مازالت معلقة هي اختصاص المجلس في البث في الممارسات الغير شرعية بين المقاولات وفي الدفاع عن المستهلكين, فرئيس المجلس يقترح معالجة الملفات الكبرى ذات الطابع الماكرواقتصادي وإحالة الباقي على القضاء فيما يخص النزاعات بين المقاولات. أما الدفاع عن المستهلك, فنعمور يرى أنه يمكن لمجلس المنافسة الاضطلاع بهذا الاختصاص أو معالجة الملفات الكبرى وإحالة البقية إلى الإدارات العمومية. تقديم الاقتراح الأخير يصطدم بقانون حماية المستهلك الذي ينص على إحداث مجلس للدفاع عن المستهلك وهو ما ينذر بمواجهة بين المجلسين حول مجال تدخل كل مجلس. على أن معالجة مجلس المنافسة للملفات المرتبطة بالمقاولات يمكن أن ينتج عنه توقيع جزاءات مالية ضدها في حال رصد المجلس لخروقات تضرب حرية المنافسة, لكن بالمقابل, سيكتفى المجلس في المشروع الجديد بالاضطلاع بالمرافعة ضد السلطات الحكومية في حال تسجيل مخالفات ضدها: "كما هو معمول به في انجلترا والبلدان انكلوساكسونية المرافعة بإظهار خروقات الحكومة لأننا لا يمكن أن نوقع ضدها جزاءات مالية ونقول لها أمام الرأي العام اللهم إن هذا منكر" يوضح بنعمور.
رئيس مجلس المنافسة كرر أكثر من مرة عدم رغبته في إحداث صراع اختصاصات, إلا أن ذلك لم يمنعه من رسم حدود لاختصاصات مجلس المنافسة والحديث من الآن فصاعدا عن سلطات المنافسة. حتى الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة بصفتها إدارة تعنى بالمنافسة وجدت لها في تفكير بنعمور دورا مكملا لدور مجلس المنافسة: "الإدارة ستبقى لأنه عندما تطلب الحكومة رأي المجلس فالوزارة المنتدبة هي من ستعد ملف الطلب وكذلك عندما نقدم رأينا فعلى الوزارة المنتدبة أن تعد جوابا لرئيس الحكومة من خلال الاستشارة التي نقدمها" يشرح بنعمور, مشددا على أن دور وزارة نجيب بوليف لا يتعارض ودور مجلس المنافسة.
باقي المستجدات حملت في طياتها تخويل مجلس المنافسة سلطة التحري, الالزام باستشارة المجلس وجوبا حول كل مشروع قانون أو اقتراح قانون من شأنه أن يمس بالمنافسة, لكن بالمقابل رغم تخويل المشروع لرئيس الحكومة حق التصدي لقرارات المجلس في مجال التركيزات الاقتصادية إلا أنه قيدها بضرورة قرار معلل ونشره بالجريدة الرسمية.
م ب