يستبق ادريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان الوقت للهيمنة على "الآلية وطنية للوقاية من التعذيب" المزمع إحداثها بعد توقيع المغرب على البروتوكول الاختياري.
و عمد اليزمي لحشد جيش من الأعضاء بالمجالس الجهوية بأحد فنادق العاصمة مند أشهر، لتعليمهم أبجديات الرصد و المراقبة في مراكز الاحتجاز، تمهيدا لتكليفهم بهذه المهمة التي تتجاوز قدراتهم المتواضعة.
و اعتبر حقوقي مقرب من مجلس اليزمي، أن تكليف المجلس ا بالاشراف على الآلية لا يعني تعيين نفس الوجوه الحقوقية المستهلكة و التي تحولت لمحترفي التمثيل في الهيئات و الآليات الوطنية. بينما اعتبر قيادي بالمنتدى المغربي للحقيقة و الإنصاف ان مجلس اليزمي فشل في لعب دور الوساطة بين الدولة و المجتمع المدني، فبالأحرى الإشراف على آلية لمناهضة التعذيب.
و قد قام المغرب بإيداع وثائق التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لدى الأمم المتحدة، ليكون ملتزما بفتح جميع أماكن الحرمان من الحرية أمام المراقبة المستقلة، وهو الالتزام الرئيسي الذي حدده البروتوكول الاختياري.
و وفقا لأحكام البروتوكول، فالدولة المغربية ملزمة ب إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب، في غضون سنة واحدة، تحتسب ابتداء من 24 نونبر 2014 تاريخ إيداع المغرب رسميا لوثائق التصديق على البروتوكول لدى الأمم المتحدة.
وثيقة مرجعية حول إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب لعشرين جمعية في مهب الريح
و كانت عشرون جمعية حقوقية مغربية اختارت سنة 2010 ، الاحتفاء بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، عبر تقديم وثيقة مرجعية حول إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب بمراكز الاحتجاز التي تنص عليها مقتضيات البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب.
هذه الوثيقة التي تحمل عنوان"من المناهضة إلى الوقاية من التعذيب" هي نتاج عمل امتد لأكثر من سنة بين الهيئات الحقوقية العشرون المكونة ل"المجموعة الوطنية للترافع من أجل المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، و تعد بمثابة أرضية لتعاقد حقوقي جديد بين السلطات الحكومية والمؤسسات العمومية والجمعيات الحقوقية من أجل تعزيز حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم.
كما تعد الأرضية انتقالا من الدعوة إلى تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة إلى اقتراح ملموس لإعمال إحدى توصياتها وهي متابعة انضمام المغرب للآليات الدولية ،وقطعا مع مرحلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
و كانت المجموعة الوطنية للترافع من أجل المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب ، دعت إلى اختيار نموذج الآلية الوطنية المستقلة عن الجهاز التنفيذي والمؤسسات الوطنية . و كان هذا الاختيار قد أخذ وقتا طويلا من النقاش بين أعضاء المجموعة والتي بعد تقييمها لمدى تفعيل المقتضيات القانونية الحالية الخاصة بمراقبة الشرطة القضائية وزيارات أماكن الاحتجاز،سجلت أن آلية المراقبة لمراكز الاحتجاز التي تتضمنها القوانين غير مفعلة.
كما ارتأت المجموعة بناء على ذلك ،أن اقتراح آلية وطنية مستقلة يعد الأنسب والأصلح بالنسبة للمغرب اعتبارا لانعكاساتها الإيجابية على مستوى تعزيز حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم ،بل يمكن اعتبار إحداثها انطلاقة جديدة لبلورة دولة الحق والقانون،مستطردة بالقول"إن اختيار آلية مستقلة لايعني أنها ستكون تحت وصاية المجتمع المدني ،وليس أيضا تحجيما للحكومة أومؤسسة وطنية،بل لأنها تخدم مصلحة مسار احترام حقوق الإنسان بالمغرب لكونها ستتمتع بالحرية الكاملة بعيدا عن أي تأثير في اختيار مواعيد زياراتها لمراكز الاحتجاز وكذا بلورة تقاريرها على إثر ذلك.
هذا واستنادا إلى نص الوثيقة التي طرحتها المجموعة الوطنية فإن مهام الآلية الوطنية كما حددها البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب تتمثل في زيارة أماكن الاحتجاز بمختلف أنواعها سواء مراكز الشرطة أو السجون، ومقرات الخدمات الأمنية والاستخباراتية ،ومراكز احتجاز الأحداث ومراكز شرطة الحدود ومناطق العبور في المطارات والموانئ ونقط الحدود البرية ومراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء ومقرات الاحتجاز في ظل الاختصاصات القضائي العسكري ،وغيرها . هذا فضلا عن تقديم تقارير سنوية، وتحليل مؤشرات معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم في أماكن الاحتجاز لتعزيز حمايتهم من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة مع مراعاة المعايير ذات الصلة.
أما فيما يتعلق بمهمة مراقبة مراكز الاحتجاز، أوضحت المجموعة الوطنية في الوثيقة أنه كما اتفقت على ذلك المجموعة الدولية فإن مصطلح مراقبة أماكن الاحتجاز هي عملية فحص منتظم عبر زيارات ميدانية لرصد جميع جوانب الاحتجاز والذي يشمل فحص كل المحتجزين أو فئات محددة منهم في مكان واحد أو في أكثر من مكان.
وتتضمن عملية مراقبة مراكز الاحتجاز الإعلان عن نتائج المراقبة وتقديم توصيات ومتابعة تنفيذها إلى السلطات المعنية وإلى الأطراف الأخرى الفاعلة والمشاركة في حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم على المستوى الوطني والدولي.
وأشارت أن المبادئ الأساسية لمراقبة أماكن الاحتجاز باعتبار أن الزيارات التي تجرى لمثل هذه الأماكن تطبعها الكثير من الحساسية، تتمثل في تفادي الضرر عبر وضع إجراءات وتدابير حتى لا يتعرض أي شخص أو مجموعة للخطر.خلال الزيارات والتي يجب التخطيط والإعداد لها وفقا لمنهج واضح حتى لا تؤدي إلى إلحاق الضرر أكثر من أن تجلب المنفعة،وكذا حسن التقدير مبرزة أن الوعي بمعايير وقواعد المراقبة ودرجة صلتها بالموضوع أو دقتها، لا يمكن أن تحل محل حسن التقدير الشخصي، ولهذا ينبغي على المراقبين أن يتحلوا بحسن التقدير في كل الظروف.
هذا بالإضافة إلى مبدأ احترام السلطات والعاملين المسؤولين والأشخاص أقدمية والمسؤوليات أالمحرومين من الحرية، وتحر المصداقية، واحترام السرية والأمن والدقة والتحديد أثناء جمع المعلومات من أجل وضع تقارير موثوق بها ومراعاة الموضوعية ،وكذا التصرف بنزاهة وإدراك حساسية الموقف والحالة المزاجية واحتياجات الشخص المحتجز، فضلا عن الحاجة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أمنه .