عقدت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين ممثلة بكل من المنسق العام للجنة المشتركة محمد أسامة بوطاهر و عضوي المكتب التنفيذي أنس الحلوي و حسناء مساعد مساء يوم السبت 15 شتنبر 2012 ابتداءا من الساعة 7 مساءا إلى غاية الساعة 8 مساءا بمقر جمعية عدالة بالرباط لقاءا مع المقرر الأممي الخاص بالتعذيب " خوان مانديز" وفريق عمله المكون من مرافقتين ومترجمين و خبير الطب الشرعي ، وقد أوضح المقرر الأممي للجنة المشتركة أنه جاء بناءا على طلب من الحكومة المغربية من أجل تقييم أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب ، وقد أكد أن الحكومة تعهدت بعدم التعرض لأي أحد يلتقيه المقرر الأممي أو يستمع إليه بأي شكل من أشكال التضييق كيفما كانت .
كما أبرز أنه يود معرفة قصص التعذيب النفسي والجسدي أثناء التحقيق وما هي الظروف السجنية التي يعيشها المعتقلون . و بعد أن عرف أعضاء اللجنة المشتركة بالمعتقلين الإسلاميين موضوع اهتمامهم و نوع الملفات التي يتابعونها ذكروا بالسياق العام الذي جاءت فيه تلك الاعتقالات موضحين أنها بدأت مباشرة بعد أحداث 11 شتنبر 2001 أي بعد أن أطلقت أمريكا حملتها الغاشمة على ما سمته بالإرهاب وازدادت حدة الاعتقالات بعد أحداث 16 ماي 2003 ، و قد قام أعضاء اللجنة المشتركة باستعراض جملة من الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المعتقلون سواء عند الاعتقال أو في المخافر السرية أو مراكز الشرطة أو أثناء المحاكمة أو حتى بعد إيداعهم داخل السجون ، موضحين أن هذه الانتهاكات لم تكن حالات متفرقة بل كانت و لا زالت سياسة ممنهجة تنتهجها الدولة بحيث شملت جل المعتقلين و استمرت منذ ذلك الحين إلى حد الساعة و بنفس الكيفية رغم اختلاف الأماكن .
و قد تم التأكيد على أن معظم الاعتقالات كانت تتم عن طريق الاختطاف و يتم إيداع المعتقل بأماكن سرية قد يتجاوز بها السنة مع ما يصاحب ذلك من تعذيب نفسي و جسدي مستشهدين ببعض الحالات التي مكثت بمعتقل تمارة السري أشهرا طويلة كحالة الشيخ أبي معاذ نور الدين نفيعا و زوجته و فتيحة الحسني و ابنها و أسامة بوطاهر و عدد من الإخوة الذين قضوا بذلك المعتقل أزيد من 6 أشهر ...كما تم استعراض مجموعة من أساليب التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون و من أهمها : انتهاك العرض بواسطة القارورة أو بواسطة العصا ، التعرية من الملابس ، تكبيل اليدين و الرجلين ، ، الضرب المبرح في مختلف أنحاء الجسد ، التهديد بالاغتصاب ، الحرمان من النوم ، الحرمان من التطبيب ، حرمان ذوي الأمراض المزمنة من الأدوية ، نزع الأظافر ، قلع الأسنان ، الصعق بالكهرباء ، الحرمان من ممارسة الشعائر الدينية ... مع الإبراز أن هذه الأساليب هي نفسها المتخذة سواء في المخافر السرية أو في مراكز الشرطة أو في السجون .
و قد عزا أعضاء اللجنة استمرار هذه الأساليب البائدة إلى استمرار تواجد الجلادين في مناصبهم بل و ترقيتهم مستشهدين في ذلك بعدة حالات أهمها مندوب إدارة السجون حفيظ بن هاشم الذي عرف عنه أنه من جلادي سنوات الرصاص و يوجد حاليا على رأس إدارة السجون بالمغرب رغم النداءات المتكررة للهيئات الحقوقية بإزاحته من منصبه كما تم الاستشهاد بمدير سجن سلا السابق عبد العاطي بنغازي الذي تم ترقيته بعد أن أصدرت 8 هيئات حقوقية وثيقة تدين فيها هذا الجلاد ....
و قد تطرق أعضاء اللجنة أيضا إلى موضوع التحقيقات التي تقوم بها الدولة في بعض حالات التعذيب و التي تأتي دائما بالإنكار موضحين أن الدولة تسخر كل آلياتها للتعتيم على هذه الحالات عن طريق تسخير القضاء غير النزيه و أطباء الدولة و أمن الدولة بل و حتى الشهود يكونون من موظفي الدولة و بالتالي فهذه التحقيقات لا تكون نزيهة خاصة و أنه لا يتم إشراك هيئات غير حكومية مستقلة فيها .
و قد تخلل اللقاء توجيه بعض الأسئلة من طرف المقرر " خوان مانديز" لأعضاء اللجنة المشتركة من قبيل الاستفسار عن كيفية مرور مجريات التحقيق سواء عند الشرطة أو عند قاضي التحقيق فأكد أعضاء اللجنة المشتركة أن المعتقلين تعرض عليهم المحاضر عند الشرطة ويؤمرون بالتوقيع عليها بأعين معصبة و يتم تهديدهم بإعادتهم إلى مراكز التعذيب في حالة رفض التوقيع ، وبناءا على تلك المحاضر يتم تقديمهم إلى قاضي التحقيق دون إخبارهم بأنه قاضي التحقيق والذي يخير المعتقلين بين الإقرار على ما هو بالمحضر أو العودة مجددا إلى مراكز التعذيب ، علما بأن عددا من الحالات تكون آثار التعذيب بادية عليها و لا يقوم قاضي التحقيق بفتح تحقيقات في ملابساتها ، كما استفسر " خوان مانديز" عما إذا كانت المحاكمات تتم بناء على تلك المحاضر فكان الجواب بالإيجاب مما دفعه إلى استنكار الأمر مؤكدا أنه ليس من حق أي دولة أن تحاكم أشخاصا بناءا على محاضر أخذت تحت الإكراه أو التعذيب.
كما عرف اللقاء تقديم شهادات حية من طرف معتقلين إسلاميين سابقين تم الإفراج عنهم حديثا حيث تحدث أحد الشهود عن وقائع أحداث 16 و 17 ماي 2011 بسجن سلا و ما صاحبها من انتهاكات و معاملات مهينة و حاطة من الكرامة الإنسانية من قبيل تعريضهم للتعذيب وأمرهم بالجثو على الركب والنبح كالكلاب ، أو قول "باع عاش الملك "، والمشي حبوا وكذا وضعهم في زنازن مكتظة و خالية من أبسط مقومات العيش الإنساني كانعدام الأفرشة و رداءة الأكل وإعطائهم الأكل في سطل خاص بالمرحاض و حرمانهم من التطبيب و من مواد التنظيف . إضافة إلى محاولة تعريضهم للعدوى من معتقل مصاب بداء السيدا وهو عبد الملك عبد الصمد عن طريق إرغامهم على استعمال نفس شفرات الحلاقة ...
و في آخر اللقاء قدم أعضاء اللجنة المشتركة للمقرر الأممي ملفا مكونا من مجموعة من التقارير مترجمة بالإنجليزية و شهادات المعتقلين حول التعذيب الذي تعرضوا له معززا بصور لمعتقلين تعرضوا للتعذيب حديثا ، كما قدموا لائحة بأسماء عدد من المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب وخاصة الذين تم انتهاك عرضهم ، و قد وعد المقرر بأنه سيحاول زيارتهم والكشف عنهم ، كما وعد باستقبال كل تقارير و شكايات اللجنة المشتركة المتعلقة بتعذيب المعتقلين أو أي شكل من أشكال المعاملة اللاإنسانية عبر بريد إلكتروني تم وضعه رهن إشارتها .