عثمان مودن
رئيس منتدى الباحثين بوزارة الإقتصاد والمالية
ما شاهدناه اليوم السبت من فضيحة كبرى بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله جعلني أعيد ترتيب أفكاري حول ترتيب بعض القطاعات في مؤشر الفساد،وإذا كانت التصنيفات تضع دائما قطاعات العدل والداخلية والدرك في مقدمة القطاعات التي تعرف فسادا،فإن ما شاهدناه وشاهده العالم من مهزلة كبرى إسمها إعادة إصلاح المركب الرياضي يؤكد بالملموس أن أخطر فساد ليس ذلك المتمثل في الرشوة التي يتقاضاها دركي او رجل أمن في شوارع وطرقات المملكة بل هو الفساد والرشوة المرتبط بمجال تدبير المال العام،وخصوصا النفقات العمومية.
فكيف يعقل لمركب رياضي صرفت الملايير من السنتيمات لإصلاحه،عبر صفقة منجزة تحث إشراف وزارة الشبيبة والرياضة،أن يظهر في تلك الصورة والحالة المزرية التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية عبر مختلف القارات،ومن المسؤول عن هذه الصورة السيئة التي تم تسويقها عن المغرب وعن المنشآت الرياضية المغربية؟والتي ستضر ليس فقط قطاع الرياضة بل قطاعات أخرى وخصوصا القطاع السياحي؟ومن المسؤول عن وضع المغرب موقف سخرية من لدن الإعلام العالمي،حتى أن قناة السادسة الإسبانية خصصت حلقة خاصة من برنامج "سبور شو" عن مهزلة المركب الرياضي بالرباط،وتفننت في التهكم والإساءة للمغرب والمغاربة.
هذه الإساءة التي تسبب فيها المسؤولون بوزارة الشباب والرياضة وعلى رأسهم الوزير،حثى أن مابناه المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلال 15 سنة والصورة الإيجابية التي تم تسويقها عن المغرب في كل القطاعات دمرتها لحظة كان المسؤولين بوزارة الشباب والرياضة –وبالضبط الذين كلفوا بمشروع إصلاح المركب- بعيدين عن الحدث وغابت عنهم روح المسؤولية والغيرة عن الوطن،إنها خيانة؟نعم خيانة للملك وللوطن.
إن فضيحة مثل هذه إن حصلت في إحدى بلدان العالم المتقدم،التي تحترم نفسها وتضع المال العام ضمن المقدسات،لأثارت الكثير من الزوابع،ولترتب عنها إستقالة الوزير المسؤول،وتحرك جيش قضاة المالية للتحقيق في طرق تفويت وإنجاز الصفقة وتم تقديم المسؤولين عن مثل هذه الفضيحة للمحاكمة.
لكن ما دمنا في المغرب ومادام المسؤولين لا يعيرون إهتمام لسمعة المملكة أمام المنتظم الدولي،فلا شيئ من ذلك سيحدث لن يستقيل وزير الشباب والرياضة المسؤول الأول عن هذه الفضيحة- الذي ينبغي إقالته-،والذي قال أنه تعرض للخيانة من طرف الشركة المسؤولة عن إصلاح المركب،ولن تتحرك المتابعات في شأن من أنجز الصفقة ووقع على محاضر تسلمها،وليس بغريب أن يتم تحميل المسؤولية للإرادة الإلهية المتجسدة في الأمطار؟.
وستبقى محاربة الفساد مجرد شعار يرفعه المسؤولين في مواجهة دركي أو رجل أمن ضبط يتلقى رشوة لا تتعدى قيمتها 50 درهما في حين سيبقى اللصوص الكبار للوطن يعبثون بالمال العام داخليا ويسيئون إلى سمعته خارجيا.
لك الله يا وطن.