رصد المجلس الوطني لحقوق الانسان عددا من الاختلالات البنيوية في تدبير مؤسسات الطب النفسي في المغرب و اكتشف التقرير الصادر عن لجنة تقصي للمجلس ان الصحة العقلية لا تحضى باعتبارها ضرورة و شرطا للمواطنين بالمكانة اللائقة في السياسات العمومية.
و تتمثل الملامح الرئيسية للوضعية المؤسفة في تقادم البنيات و نقصانها و تقادم القوانين المتعلقة بالصحة العقلية. كما سجل التقرير الخصاص الحاد في عدد الاطباء و في عدد الممرضات و عدم كفاية برامج التكوين و التكوين المستمر.
و بناء على هذه المعطيات طالب المجلس على المديين القريب و المتوسط تدخلا قويا و يقضا و تدابير عاجلة يتم تفعيلها في أسرع وقت ممكن.
وقد اوصت لجنة الاستطلاع و التحري للمجلس التي زارت عددا من المؤسسات العلاجية للطب العقلي كخطوة استباقية لزيارة المقرر الاممي المكلف بمناهضة التعذيب في الايام القادمة، بالتخلي رسميا عن إحداث المستشفيات الجهوية التي كانت مبرمجة مع تخصيص الميزانية التي كانت مرصودة لبنائها و لتجهيزها للمؤسسات المجودة حاليا للطب العقلي.
و رصد التقرير الحالة المزرية لجناح النساء بمستشفى تطوان و الذي يمس بكرامة النزيلات. كما وقف التقرير على تردي بنية مستشفى برشيد التي تحتاج الى الترميم . و طغت على التقرير معالم صورة قاتمة لواقع المرض العقلي و التعامل معه حيث بدا جليا البؤس و التخلف الذي يواكب هذه الحالة في المغرب.
و في ما يخص علاقة القضاء بالخبرة الطبية في بعض القضايا الجنائية المرتبطة بالمسؤولية في حالة إرتكاب الجرائم، سجل التقرير حالة التنافي الواضحة فالخبرات التي تامر بها المحاكم غالبا ما يتم اسنادها الى الطبيب النفساني الوحيد الموجود في المنطقة و الذي يكون قد قام من قبل بمعالجة المعني ، مما يؤدي إلى حالة تناف من ناحية اخلاقية المهنة.
من جهة اخرى اثارت الوضعية المقلقة للمرضى العقليين المعفيين من المسائلة الجنائية وما يساهمون فيه من إكتضاض و كذلك مآل الطعون المقدمة في نطاق القانون و التي غالبا ما تبقى بدون جواب.
و بالاظافة إلى كل هذا تبقى المجموعات المعرضة للخطر كالنساء و الاطفال و المسنون و المدمنون لا يحضون بالاهتمام اللازم و التكفل الضروري.
و سجل التقرير خللا في التوزيع الجغرافي للاطباء النفسانيين، فالقطاع العام يضم 172 طبيبا و 740 ممرضا و يضم القطاع الخاص 131 طبيبا نفسيا يوجد 54 في المائة من كل هذه الاطر بين محور الرباط الدارالبيضاء. إضافة إالى انعدام الاخصائين النفسانيين و اخصائيي العلاج السلوكي و المساعدين الاجتماعيين.
و كانت لجنة المجلس الوطني زارت كلا من مستشفى الرازي و بن نفيس و مستشفى و أجنحة الطب النفسي في بني ملال و مكناس، فاس ،طنجة، و مركز برشيد و اكدال ،تطوان، انزكان ، العيون ، الحسيمة و ورززات في الفترة ما بين 27 مارس و 6 يونيو 2012 . و قال الدكتور عمر بطاس عضو المجلس الوطني و مقرر اللجنة أن التقرير"عمل يرتكز على المادة 11 المؤسس لعمل المجلس الذي ادخل مؤسسات الطب النفسي في إطار المؤسسات السالبة للحرية".
و كان المجلس الوطني لحقوق الانسان قد قدم ملخصا عن التقرير يوم الثلاثاء بحضور عدد من الفعاليات الحقوقية و الاعلامية.