مشروع قانون الهيئة للوقاية من الرشوة عنوان بارز لتراجع الحكومة عن محاربة الفساد
عبد الله الشرقاوي
تنطبق مقولة: "تمخض الجبل فولد فأراً" على مشروع قانون إحداث "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها"، الذي من المرتقب أن يقدم غداً صباحا أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب، لكون مقتضياته جاءت مُخيًّبة للآمال، وعنوان بارز على تراخي الحكومة في محاربة الفساد، الذي تغنَّت به في برامجها الانتخابية، وذلك من حيث الشكل والمضمون .
في هذا السياق "جرجرت" الحكومة مشروع هذه الهيئة المنصوص عليها في الدستور منذ 2011، حيث ناقشته الهيئة المركزية للوقاية مراراً مع المجتمع المدني مراراً وتم إعداد مسودة أُدخلت عليها تعديلات، ونشر بموقع الأمانة العامة للحكومة يوم 3 أكتوبر 2012، ثم نوقش في ثلاث لقاءات أخرى بحضور وازن للمجتمع المدني، وكان يرتقب أن يُدرج مشروع هذا القانون خلال الدورة الاستثنائية الأخيرة للبرلمان، إلا أن الحكومة لم تر فائدة في استعجال هذا الملف، بل إن رئيسها السيد عبد الاله بنكيران ساهم في تعطيل هياكل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة من خلال عدم التمديد لأعضاء الجمع العام أو تحديد ولا يتهم، مما أدى إلى عدم إصدارها تقريرين سنويين، وهو أمر يثير كثيرا من علامات الاستفهام .
وبعد انتظار طويل وإلحاح من المجتمع المدني لإخراج مشروع قانون هذه الهيئة الوطنية عملت الحكومة على إعداد مسودة تحت رقم 113.12، والتي طالب المجلس الوطني لجمعية "ترانسبارانسي المغرب" الحكومة بسحبها، لأن مشروع القانون الجديد يشكل تراجعا مقارنة مع مقتضيات دستور 2011، والالتزامات الرسمية فيما يخص مهام "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها"، وكذا استقلالها، وفعاليتها، وسلطاتها التقريرية في التَّقصي .
وعبر مسؤولو الجمعية في جمع استثنائي عن قلقهم الشديد من هذا التَّراجع الذي يُشكل قطيعة أيضا مع النسخة التي اقترحتها الحكومة والمنشورة في الموقع الالكتروني للأمانة العامة للحكومة بتاريخ شتنبر 2012 .
وتساءلت جمعية "ترانسبرانسي المغرب" عن دواعي هذا التراجع وفي الوقت الذي تتطلب فيه وضعية الرشوة ، التي تزداد تأزما، إقرار مؤسسة قوية قادرة على المساهمة الفعلية في تشييد منظومة وطنية للنزاهة .
واختزل مشروع قانون الحكومة هذه الهيئة الوطنية، حسب بيان ذات الجمعية، في دور مهام الاستشارة والدراسة والتحسيس، وجعلها مجرد ساعي البريد يوصل الشكايات إلى النيابة العامة والجهات المختصة ،إضافة إلى عدم الاستقلالية في تعيين الأعضاء، ووضع شروط تعجيزية لتبليغ الشكايات، مما يعنى عدم حماية المشتكين والمبلغين .