علي الانصاري
تحول المغرب هذه الأيام إلى محج للقيادات الازوادية، فبعد الاستقبال الملكي لبلال اغ الشريف ، بأيام وصل شيخ كيدال الطاهر اغ انتالا للعلاج رافضا الذهاب إلى الجزائر حيث كان يعالج من قبل، كما تقييم عدة فعاليات في فنادق الرباط منها زعيم حركة كندا كوي ، وبعض القادة العسكريين.
ويستعد الملك المغربي للقيام بزيارة إلى مالي ستكون حاسمة حسب الأوساط المغربية في ملف المصالحة المالية، حيث ينتظر إن يجمع أطراف النزاع حول طاولة واحدة للبدء في محادثات يتوقع أن تكون طويلة، فينما يصر الطرف المالي على اللا يتجاوز ما هو ممنوح للطوارق تدبير لا مركزيا يتيح للفعاليات المحلية في المدن تدبير شؤونها المحلية البلديات والتنمية المحلية تحت أنظار الدولة المركزية المالية، يرى الطرف الأزوادي أن الأمر مفتوح للمناقشة وليس هناك اقل من الحكم الذاتي الموسع كأقل مكسب وهو مقترح يدافع عنه المغرب بدوره كحل وسط لقضية الصحراء، وتطبيقه في منطقة قريبة للمغرب، مطالب ساكنتها شبيه لمطالب صحراويي المغرب يعتبر دليلا حسب المغاربة على نجاعته في حل المشاكل الشبيه، وهو ما يقوي الأطروحة المغربية على المستوى الدولي ويفتح للمغرب أفاق تأثير في شمال مالي.
يريد المغرب من خلال وساطته قطع الطريق على الجزائر في التوسط لإيجاد حل لمشكل شمال مالي او فرض الحلول التي تناسبها، ويريد المغرب تقوية الوساطة الإفريقية التي تتولها بوركينافاسو وتدعمها دول الاكواس " غرب افريقيا"، بالتالي فان الملك سيقوم بدوره الديني في الجمع بين أطراف النزاع، فيما سيتولى الوسيط الإفريقي والأمم المتحدة متابعة المفاوضات ، على أن يتدخل المغرب كلما تعقدت العملية التفاوضية.
الرئيس المالي قلق من التطورات المتسارعة والضغط الخارجي والداخلي بخصوص عدم انطلاق
المفاوضات بين مالي والطوارق، ويزداد القلق أكثر بعد ان عبرت جل الدول والأمم المتحدة على أن الشرط الوحيد الذي ينبغي ان يسبق المفاوضات هو أنها تجري على أساس مالي الموحدة وماعدا ذلك يمكن مناقشته يعني اللامركزية والحكم الذاتي والجهوية الموسعة بل أيضا الفيدرالية بين شمال وجنوب مالي في إطار دولة واحدة بعلم وعملة وجيش موحد.
على المستوى الداخلي انتخاب الرئيس المالي،جاء بناءا على برنامج انتخابي من أهم نقاطه التعامل بحزم مع متمردي الشمال والتوصل الى حل يحافظ على الدولة المالية، وأي تنازل عن هذا الوعد الانتخابي قد يحرك الجيش المالي ضد الرئيس، دون أن ننسى بأن نفس التهمة كانت المبرر الرئيس للانقلابيين على الرئيس توماني توري.
بدوره يلعب الرئيس المالي أوراقه لتخفيف الضغط عليه من خلال استدراج بعض الزعامات التقليدية لوجهة نظره" محمد المهدي الأنصاري، احمد محمد اغ همني، عمرو وبعض البرلمانيين السابقين ، الجنيرال الهجي" ودفعهم لاقتناع المهجرين بالعودة لقطع الطريق على الحركات المناوئة له.
ولا ننسى قيامه بتحريك بعض الأطراف العسكرية وبعض الحركات المحلية لارتكاب مذابح ضد الطوارق ، بالإضافة إلى اتهام حركات الطوارق بالتطرف أو التعاون مع المتطرفين والمماطلة فيما يخص بدء المفاوضات.
وقد يلجأ الرئيس المالي إلى دولة كالجزائر وموريتانيا لتخفيف الضغط عليه بخصوص مطالب حركة تحرير ازواد بالحكم الذاتي، الذي لا يخدم المصالح الجزائرية ، او اللجؤ الى موريتانيا لتأثير على الحركة العربية لتحرير ازواد وبالتالي ضرب تماسك الحركات الازوادية.
نجاح المبادرة المغربية مرهونة بتماسك الحركة الوطنية لتحرير ازواد " هشة" وقدرتها على التأثير في الحركات الأخرى العربية والمجلس الأعلى، وكذا على التحركات الجزائرية لثني الحركات الازوادية عن تفويض المغرب للعب دور الوسيط ، وهو أمر مستبعد الآن نظرا لانشغال النخبة الجزائرية ، خاصة المخابرات العسكرية ، بالصراعات ما قبل الانتخابات الرئاسية وإعادة هيكلة دوائر الحكم فيها.
اكبر خطر يواجه حركة تحرير ازواد هو محاولتها الانفراد بالقرار دون غيرها من الحركات، وهذا التهميش قد يضر بتماسك الحركات والفعاليات الازوادية، أما في حالة تفهم هذه الحركة ، ضرورة إشراك بقية الفاعلين والحركات في القرار فإنها ستفاوض من موقع قوة وستكون متزعمة للقرار خلال المفاوضات، وهذا يتطلب من الحركة إعادة هيكلة نفسها وإبعاد بعض ممن كان هدفهم من الصراع هو الاغتناء على حساب مأساة الفقراء، كما ان هذا العملية الداخلية والتي ستؤدي إذا ما أجريت كما ينبغي بمعايير وعادات تراعي متطلبات تنظيم شعب قبلي كالطوارق، في صالح الدول التي تعول على الدور المحوري لحركة ازواد في إنهاء الصراع وإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، واخص بالذكر فرنسا ودول مغاربية" المغرب خاصة" ودول غرب إفريقيا "الاكواس".