يشكل باعة لبن الإبل طوقاً بدوياً يحيط بالعاصمة الموريتانية نواكشوط من كل جوانبها، ويجد سكان العاصمة في هذا الطوق مطلبهم من اللبن الطازج مساء كل يوم، ويستمر الإقبال عليهم حتى منتصف الليل، وأحيانا ساعات بعده.

ويشارك في الإقبال الذي تعرفه مضارب الإبل على الطرق الرئيسية خارج نواكشوط مختلف طبقات الشعب الموريتاني من كبار المسؤولين إلى بسطاء الموظفين وحتى العاطلين عن العمل، بحثاً عن "جو" بداوة "يسكن وعي كل موريتاني"، كما يقول المترددون على المضارب.

باعة الألبان يتحدثون عن تزايد الإقبال في ساعات المساء الأولى، رافضين اتهامهم بتمثيل زحف البداوة على عاصمة البلاد، باعتبار أن المضارب في الأصل كانت لهم قبل أن "تحتلها المدينة الحالية" في العام 1957، للتحول إلى عاصمة للبلاد.

ويتشبث بعضهم بالمكان مستدلاً بالاسم الذي تأخذه عاصمة البلاد، معتبرا أنه مشتق من النوق وهي إناث الإبل، وأن المكان في الأصل كان يعرف بـ"نياق الشط"، وذلك لوجودها على شاطئ المحيط الأطلسي، قبل أن يتم تصحيف الاسم ليصل للاسم الحالي "نواكشوط".

ويتحدث هؤلاء الباعة لـ"العربية.نت" عن ضرورة وجود فضاءات مخصصة لهم على أطراف كل مدينة موريتانية، "فبدوننا لن يكن المشهد الموريتاني مكتملا، نحن جزء من المشهد ويجب أن لا نبعد عنه"، يقول أحمد وهو أحد هؤلاء الباعة.

ويضيف نحن نحافظ على الأصالة الموريتانية، ولنا جهدنا في الاقتصاد الوطني، ولذا يجب مراعاة ذلك وتقديم التسهيلات اللازمة لنا.

 

 

 


ولا يخفي الباعة مخاوفهم مما يصفونه بالحملات التي يتعرضون لها من حين لآخر، والتي تتهمهم باستخدام أدوية وعقاقير لرفع منتوج حيواناتهم، أو بخلط الماء على اللبن لزيادته، ويوجهون أصابع الاتهام إلى الشركات العاملة في مجال تعليب الألبان والمؤسسات التجارية التي تستورد الألبان المعلبة وطويلة المدة من الخارج.


غياب الإطار التنظيمي


وفضلا عن ضواحي العاصمة الموريتانية نواكشوط تتكرر التجربة في ضواحي عواصم الولايات وكبريات المدن داخل موريتانيا، وتتراجع في المدن الشرقية بفعل انتشار الحيوانات فيها، وامتلاك كل الأسر لعدد منها يقل أو يكثر حسب حجم الثروة.

ويؤكد الباعة أنهم يتكلفون في سبيل توفير الألبان الطازجة لسكان المدن الكبرى تكاليف باهظة، حيث يفرض عليهم الابتعاد عن المراعي توفير بدائل عنه، وذلك بتوفير كميات من القمح بشكل يومي لقطعانهم في ضواحي المدن.

 

 


ويشتكي الباعة من غياب أي إطار لتنظيم هذا القطاع الحيوي، معتبرين أنه لو نظم لكانت عائداته على الاقتصاد الموريتاني معتبرة، كما أنه سيقضي على المخاوف التي تراود بعض المشترين بفعل ما يصفه باعة الألبان بالدعايات التي يتعرض لها القطاع.

ويرون أنه في حال تم تنظيمه فسيمكن موريتانيا من تحقيق العديد من حاجياتها في مجال الألبان، حيث تستورد البلاد اليوم كميات كبيرة من حاجياتها من الخارج.

 


نواكشوط - أحمد بن محمد