أجبرت القوات العمومية العشرات من المعتقلين السياسيين ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على فض الاعتصام المفتوح الذي شرعوا في خوضه منذ صباح يوم الخميس الماضي أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالرباط، والذي كانوا يطالبون عبره بالتسوية العاجلة والشاملة لأوضاعهم فيما يرتبط بالإدماج الاجتماعي الذي يعد أحد التوصيات التي حملها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة،وأجرأة كل ما يترتب عن ذلك من نتائج تشمل التقاعد والأقدمية والفرص المفوتة.
وأبدت لجنة التنسيق الوطنية للمعتقلين السياسيين السابقين في بيان لها توصلت الجريدة بنسخة منه،استنكارا اتجاه ما أقدمت عليه القوات العمومية معتبرة أنه يعد استفزازا ومضايقات ومصادرة لحق في الاعتصام والاحتجاج السلمي ، مشيرة أن هذه الممارسات اتخذت أبعادا أقوى عند العاشرة ليلا من نفس اليوم ،حينما حضرت لعين المكان مختلف الأجهزة الأمنية مدعمة بفرقة من قوات التدخل السريع في محاولة منها لفض الاعتصام السلمي الذي تخوضه المجموعة والتي ضمت حوالي سبعين من ضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأوضحت اللجنة في هذا الصدد أن تلك القوات عمدت إلى استعمال لغة التهديد باستعمال العنف في حال لم يفض المعتصمون حركتهم الاحتجاجية من أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مما اضطرهم يشير المصدر إلى الانتقال لمكان مجاور وغير آمن لقضاء الليل.
هذا وحملت اللجنة المسؤولية الكاملة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان فيما يتعرض له الضحايا من استفزازات ومضايقات من طرف الأجهزة الأمنية التي أجبرتهم على الانتقال ليلا إلى مكان غير آمن مما قد يعرض سلامتهم من تهديد ، معلنة تشبثها بخيار تنظيم الاعتصام كخطوة في مسار ما يعتبر، حسب ذكر اللجنة، معركة مشروعة من أجل حمل الدولة على التنفيذ الفوري لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بالإدماج الاجتماعي والتسوية الإدارية والمالية والقانونية لأوضاعهم، وإرجاع الممتلكات للذين صودرت منهم أو تعويضهم في حال تعذر ذلك ، هذا مع العمل على رفع المعاناة عن عدد من الضحايا عبر إعادة النظر في ملفات أولئك الذين اعتبرت هيئة الإنصاف والمصالحة أنهم قدموا ملفتهم خارج الأجل، أو صدر لفائدتهم مقرر تحكيمي دون أن يتضمن توصية بالإدماج وكذا أولئك الذين رفضت الهيئة ملفاتهم.
ويشار إلى أن المجموعة التي أطلقت حركتها الاحتجاجية الجديدة هاته،سبق و نظمت العديد من الوقفات والاعتصامات أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان سواء في صيغته السابقة أو الحالية ،مطالبين الجهات المعنية بالوفاء بتعهداتها والتزاماتها المتعلقة بالإدماج الإجتماعي والتسوية الإدارية والمالية بما يكفل لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الكرامة والإنصاف .
هذا وكان الضحايا الأعضاء بالمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف قد سبق ورفعوا أيضا رسائل مفتوحة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ذكروا فيها بالمسار النضالي الذي خاضوه حتى تمكنوا من تتوجيه بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات بين ممثليهم وممثلي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (سابقا) والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (حاليا)، والتي كان من نتائجها إصدار قرارات مركزية من طرف الحكومة السابقة تتعلق بالإدماج في الوظيفة العمومية أو الشبه عمومية أو الاستفادة من السكن والمأذونيات والتسوية الإدارية والمالية لأوضاعهم.
وأوضح المعنيون أنه إلى حدود اليوم، لم يتم تسوية الملف بالكامل سواء فيما يتعلق بالتقاعد أو الأقدمية أو التسوية الإدارية والمالية وكذا المأذونيات والسكن . وأفاد مصدر من المجموعة أنهم ما فتئوا ينادون بالتسوية العاجلَة للوضعية الإدارية والمالية للضحايا الذين طردوا من مناصبهم في الماضي بسبب الانتهاكات الجسيمة التي طالتهم ، وذلك عبر إعمال قواعد الإنصاف والمساواة بين الضحايا، هذا مع العمل على استكمال الإجراءات الإدارية والمالية وباقي الحقوق بالنسبة للمدمجين في الوظيفة العمومية وشبة عمومية، مبرزا أن الضحايا لايرغبون في الحصول على امتيازات بل مطالبهم تتمحور أساسا حول تنفيذ مقررات تحكيمية تضمنها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة والتي أوصت بإدماجهم تعويضا لهم عن ماضاع من سنوات عمرهم نتيجة الاعتقال التعسفي الذي اعترفت فيه الدولة بخطأ ارتكابه.