يبدو ان الفقيه أحمد الريسوني لم يعد يربطه بالتوحيد و الإصلاح إلا الخير و الإحسان، فالفقيه تخلى عن دور الوعظ و الإرشاد في المساجد مع الشعب من تجار صغار و متقاعدين و يافعين يريدون من يفقههم في دينهم من أحكام الصوم و زكاة الفطر، ليقضي كل وقته وراء الحاسوب مبحرا في مواقع التواصل الاجتماعي ممارسا" الفسبكة" ثارة و "الثوثرة "ثارة أخرى.
أما بيوت الله العامرة و منابر الخطابة و حلقات الوعظ و الإرشاد فللريسوني مشاغل أخرى، فهو يقضي النهار و يقوم الليل متلصصا على أحوال الناس في فايسوبوك، و متنقلا بين المواقع الإخبارية ليعلق هنا و يفتي هناك و ليتحول لمفتي السياسة في "هسبريس".
الريسوني على حد ما نعرف هو فقيه متخصص في العلم الشرعي و ليس بفقيه دستوري و لا بعالم سياسة آو من هواة الصحافة الفضوليين الذين يكتبون في كل شيء.
إن الرسيوني الذي اعتبر أن فضيحة العفو عن مغتصب لأطفال “دانيال” لا تدل فقط على وقوع خطأ شنيع في هذه القضية خاصة، ولا على وجود خلل في المسطرة والطريقة المتبعة لاستصدار العفو الملكي عامة، بل تدل على خلل أكبر بكثير وأوسع بكثير، وهو خلل يخيم على مسطرة اشتغال المؤسسة الملكية برمتها”. كان الأجدر بفقيه السياسة ان يقوم بدوره بتوعية الناس بمكارم الاخلاق و التربية و صون أطفالهم و مراقبتهم و أن لا يتركونهم يتسكعون في الشوارع، عوض الاستغلال السياسي لقضية لا تهم الريسوني لا من قريب و لا من بعيد .
فالريسوني لا هو بناشط حقوقي و لا بناشط مدني. فلو تكرم الفقيه الريسوني و نزل للشارع ليعبر عن رأيه مع مناضلات شريفات و فنانات عنفن أمام البرلمان ، لاحترمنا رأيه. لكن الفقيه الريسوني يجلس وراء شاشة الحاسوب و يطلق العنان للفاسبوك و يأتي في الأخير ليعطينا الدروس و الوعظ في السياسة الشرعية. و ربما يظن الريسوني أن من واجبه عدم الاختلاط بالعامة و الاكتفاء بالحديث معهم وراء حجاب الانترنيت.
إن قضية المدعو دانيال قد كشفت بالملموس النفاق السياسي لبعض رموز خلط الدين بالسياسة، فقد انتشرت موجة شعبية عارمة تندد بتخاذلهم و نفاقهم و اهتمامهم بقضايا ثانوية عوض الاهتمام بقضايا الناس. فعوض ان يهتم مريدوا الريسوني بقضية العفو عن مغتصب، ذهبوا ليعتصموا بساحة "الحمام" تضامنا مع رئيس مخلوع من قبل الشعب.