إلغاء العفو والحقوق المكتسبة
محمد طارق السباعي
بلاغ الديوان الملكي المعلن للسحب الاستثنائي العفو عن الاسباني مُغتصِب الأطفال بالقنيطرة، يعتبرمن الناحية السياسية قرارا شجاعا نظرا للاختلالات التي طبعت مسطرة اعداد لائحة المستفيدين من العفو ، وبالنظر لخطورة الجرائم التي اقترفها المعني بالأمر، وكذا احتراما لحقوق الضحايا لكنه جاء متأخرا وقد يكون غير ذي جدوى بغاية امتصاص الغضب الشعبي ولاول مرة في تاريخ المغرب الحديث .
فمن جهة يعتبر العفو الصادر في حق هذا المجرم حقا مكتسبا لا يمكن المساس به من الناحية القانونية
والحقوق المكتسبة تستعمل كدرع دستوري من أجل صد أي فكرة لتعديل اي نص قانوني فاسد أعطى بعض الناس أوالفئات حقوقا اوامتيازا قانونيا تجاه الاخرين ، فالحقوق المكتسبة في نازلتنا لا يمكن المساس بها مهما كان الامر الا بمقتضى القانون ، والحكومة والبرلمان لا يمكنهما مثلا ان الغاء حق مكتسب بقوة القانون فوجوب احترام مبدأ سيادة القانون من متطلبات الاستقرار و انعكاس لمعنى عدم جواز رجعيه القوانين ، ولا يجوز ان يكون التعديل الا للضرورة القصوى ولما فيه مصلحة القانون والمجتمع.
ونتيجة لما سبق فسحب العفو يتطلب تشريعا يعطي الحق للملك في سحبه حتى لا يصطدم بقاعدة الحق المكتسب ولنا في التاريخ عبر فجريمة الزيوت المسمومة في الستينيات نص القانون الجنائي على عقوبتها بالاعدام وتضمن النص المحدد للعقوبة تطبيقه بأثر رجعي خلافا للدستور لما كان للجريمة من خطورة لم يكن المشرع يعاقب عليها أصلا وكان من شأنها زعزعة الاستقرار ولهذا تدخل المشرع حماية للارواح البشرية .
اذن المطلوب وباستعجال نص قانوني يبيح التراجع عن العفو ولدينا الكثير من المبررات القانونية وغيرها .ومن جهة اخرى فهل يمكن للحكومة استعادة هذا المجرم ليقضي عقوبته بالقنيطرة تنفيذا للقرار الملكي الذي يعتبر قرارا قضائيا على اعتبار ان الملك هو رئيس السلطة القضائية طبقا لدستور 2011 فكما تدخلت السلطات بشراسة لتفريق متظاهرين يجب ان تظهر لنا حنة يدها بالاستعانة بجهابدة القانون للاسراع باصدار حكم بالادانة لمقحم الوحش مغتصب الاطفال بلائحة المعفى عليهم تدعيما للملف القانوني والذي ينبغي ان يكون قويا لاقناع السلطات الاسبانية والمجتمع الدولي بسلامة القرار الملكي والذي لا ينبغي ان يبقى حبرا على ورق.