تقرير للجمعية المغربية يرسم أعطاب حقوق الانسان في المغرب
أضيف في 23 يوليوز 2013 الساعة 15 : 16
رسم التقرير السنوي للجمعية المغربية لحقوق الانسان الذي قدم الاربعاء بالرباط، ملامح اعطاب حقوق الانسان في المغرب. واعتبرت الجمعية في تقريرها المخصص لسنة 2012 و النصف الاول ل2013 ، أن الدولة المغربية ما زالت تخل بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعدم تقيدها تشريعيا وواقعيا بالإعمال الفعلي لتلك الالتزامات بصفة عامة.
و استعرض تقرير الجمعية عددا من المجالات كالتشريع و الدستور و الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و وضعية السجون و الحق في البيئة السليمة و عددا من المجالات الاخرى. و اعتبر تقرير الجمعية ان سنة شهدت 2012 تنصيب الحكومة الجديدة والإعلان عن البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيسها أمام البرلمان، والذي أصدر المكتب المركزي للجمعية بخصوصه لوثيقة 30 ملاحظة على ضوء المذكرة المطلبية التي بعث بها لرئيس الحكومة مباشرة بعد تعيينه، منتقدا تغييبه للعديد من التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان.
كما تميزت سنة 2012 بإعداد الحكومة لبعض المشاريع القانونية وفي مقدمتها قانون الضمانات الممنوحة للعسكريين والذي واجهت الحركة الحقوقية صيغته الأولى التي غيرتها الحكومة دون الاستجابة لكافة التغييرات المطلوبة، وكذا إعداد الحكومة لمشروع جديد لتنظيم العمل المأجور في البيوت في غياب تام للمجتمع المدني الذي سبق وقدم العديد من المطالب في هذا الموضوع. هذا علاوة لتشكيل لجنة لمراجعة قوانين الصحافة من طرف وزير الاتصال في غياب الحركة الحقوقية رغم ااتزام الوزير المعني بالعمل المشترك مع الإئتلاف المغربي لهيآت حقوق الانسان.
وقد سجلت الجمعية التأخر في إصدار الصيغة النهائية للمخطط التشريعي للحكومة وتراكم التأخر في تنفيذ ما تضمنته جداول المسودة من إخراج القوانين اتنظيمية الجديدة وما ستتطلبه القوانبن الحالية من ملاءمة مع الدستور والقوانين المطلوبة لتنفيذ مضامين التصريح الحكومي.
و اعتبر التقرير أنه رغم إدراج عدد من الحقوق والحريات في الدستور كتجريم التعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، إلا أن عدم توفر الضمانات الدستورية ـ القضائية منها بالخصوص ـ لأجرأة هذه الحقوق وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع، كما أنه تمتقييد سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في الدستور بسقف الخصوصية المتجلية في أحكام الدستور والقوانين المحلية والهوية الوطنية، مما يشكل تناقضا يفرغ التنصيص على هذا السمو من أي مضمون(التصدير).
و قال أحمد الهايج رئيس الجمعية ان عدم مصادقة المغرب على الالية المتصلة بأهلية اللجنة الاممية لمنلهضة التعذيب بتلقى الشكاوى يفرغ مصادقة المغرب علىالاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في 14 ماي الاخير من مضمونه. كما اعتبر التقرير أن المجلس الوطني لحقوق الانسان تحول من ألية لرصد الانتهاكات إلى متماهي و مبرر لخطابات الدولة.
و في موضوع ذي صلة قال عبد الاله بنعبدالسلام نائب رئيس الجمعية، ان عددا من التقارير الموضوعاتية التي انجزها المجلس الوطني تبقى حبرا على ورق لعدم تفعيل توصياتها.
كما سجلت الجمعية، بأسف كبير، إصرار المغرب على موقفه الممتنع عن التصويت على التوصية الأممية بخصوص توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام رغم الحملة الترافعية التي قام بها الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام.
كما سجل التقرير العديد من الخروقات التي طالت الحق في الحياة، وذلك بسبب العنف الذي يمارس على المواطنين، في مراكز الشرطة، في الأماكن العمومية، بالمراكز الصحية نتيجة الإهمال، في السجون نتيجة الاكتظاظ وغياب شروط السلامة الصحية وانتشار العنف، في بعض الأحداث الاحتجاجية، وأثناء التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وإبان الخضوع للحراسة النظرية أو بمجرد التوقيف من طرف دوريات الأمن...
كما وقف التقرير على النضالات الاجتماعية في مختلف المناطق: إميضر، وتازة، وبني بوعياش، ووزان، والخنيشات، وتسلطانت، وأجلموس، وورزازات، والخميسات، والدخيس بمكناس، وسيدي إفني، وطنجة، وسلا والقنيطرة وبعدة مناطق أخرى، وأغلبها انتفاضات للسكان ضد "حكرة" ازدراء المخزن لهم، وانتهاكه للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وللمطالبة بالكرامة ووضع حد للفساد ولتواطؤ القضاء مع المفسدين؛ وتعرضت كل هذه النضالات لمواجهة عنيفة من طرف القوات العمومية، واعتقالات ومحاكمات غير عادلة عوض الحوار والاستجابة للمطالب.
وشهدت سنة 2012 زيارة المقرر الخاص للتعذيب للمغرب ولقائه بالعديد من المنظمات والضحايا، وهو ما اغتنمته الحركة الحقوقية لفضح استمرار التعذيب وخطورة أساليبه، وإفلات المتورطين فيه من العقاب. هذا في الوقت الذي قدمت فيه الحركة الحقوقية تقريرها الموازي بتنسيق مع منظمة مناهضة التعذيب أثناء مناقشة المغرب لتقريره الدوري حول التعذيب، الشيء الذي مكن اللجنة الأممية للقضاء على التعذيب من إصدار توصيات مهمة بهذا الشأن.
و فيما يخص الأوضاع العامة بالسجون, أشار التقرير أنه لا يزال واقع السجون مترديا ويعرف انتهاكات خطيرة لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء نتيجة تسييد المقاربة الأمنية في السجون، ومن تجلياتها استمرار أحد المسؤولين عن جرائم سنوات الرصاص على رأس المؤسسات السجنية؛ وخلافا للتصريحات الرسمية للمسؤولين عن السجون فإن أوضاعها بقيت مأساوية، مما جعل نزلاءها يعيشون الجحيم، وهوما ترجمته محاولات الفرار المتكررة، والإضرابات المفتوحة عن الطعام، والإحتجاجات الجماعية للسجناء. وقد سجلت نسب اكتظاظ كار ثية في 34 مؤسسة سجنية، تراوحت بين 04% و%168,14. ومما يزيد الوضع تأزما غياب شروط النظافة الشخصية، وضعف التغذية والتطبيب؛ وهو ما يؤدي إلى انتشار الأمراض و الوفيات، لكن ما يزيد الوضع مأساوية هو تعرض السجناء للتعذيب؛ حيث تلقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان شكايات، من طرف المعتقلين وذويهم، تتعلق بالتعذيب الجسدي والنفسي.
كمالا تزال أغلب المكونات الحقوقية منها المنظمة العالمية للحماية من التعذيب ووسائل الإعلام، الوطنية والدولية، ممنوعة، من طرف المندوب العام للسجون، من ولوج المؤسسات السجنيةللاطلاع على ظروف الاعتقال ومدى احترام حقوق السجناء.
وفيما يهم حرية الصحافة ودمقرطة الإعلام العمومي، سجلت الجمعية استمرار تراجع تصنيف المغرب في سلم حرية الصحافة (الرتبة 138)؛ الأمر الذي تؤكده أيضا تقارير منظمة "فريدم هاوس" الذي سجلت من جديد الانتهاكات التي تعرفها حرية الصحافة.
وعرفت هذه السنة عددا من حالات الاعتداء الجسدي على الصحافيين، أثناء أداء مهامهم، خاصة أثناء الهجمات القمعية ضد مسيرات حركة 20 فبراير. وتوبع صحافي في آسفي وحوكم بالسجن غير النافذ بسبب مقال رغم أنه قدم كل الأدلة على ما نشره وكان موضوع المتابعة القضائية التي تعرض لها. واستمر الحرمان التعسفي لبعض الصحافيين من حقهم في بطائق الاعتماد، كما تم سحبها تعسفا كذلك من صحفيين آخرين، ومنعت العديد من الصحف من دخول المغرب بقرار من وزارة الاتصال.
كما واصلت الجمعية مطالبتها ــ إلى جانب الحركة الحقوقية ــ بالمراجعة الشاملة لقانون الصحافة، في اتجاه إلغاء المقتضيات المعرقلة لحرية التعبير وإلغاء العقوبات السالبة للحرية.كما سجلت الجمعيةاستمرار توظيف القضاء لاستصدار الأحكام الجائرة في محاكمات تغيب فيها معايير المحاكمة العادلة، وخاصة تلك التي توبع فيها ضحايا قمع حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والنقابيون، والناشطون والمعارضون السياسيون، والمشاركون في الاحتجاجات الاجتماعية ، والنشطاء الحقوقيون من ضمنهم العديد من أعضاء الجمعية، ومعتقلو ملفات محاربة الإرهاب.