توصيات مؤتمر " ثقافة مستقلة من أجل الديمقراطية "
القاهرة 15-17 ديسمبر 2012
تفاعلا̋ مع التغيرات والتحولات المتسارعة والمستمرة الآن وهنا في العالم العربي، وفي مناخ تعاد فيه مساءلة الثوابت الراسخة والإجابات المكرسة في كافة المجالات و الميادين، ومن أجل الخوض في التساؤلات الرئيسة والتحديات الملحة المطروحة أمام القطاع الثقافي المستقل، أقيم مؤتمر " ثقافة مســتقلة من أجل الديمقراطية " بحضور أكثر من مائة مشارك من الفاعلين الثقافيين المستقلين من مبرمجين وفنانين وإعلاميين ومثقفين من العالم العربي.
هدف المؤتمر إلى إعادة تحديد معنى الاستقلالية، مروراً بالتطلعات التي يصبو إليها القطاع الثقافي المستقل والإمكانيات المتاحة أمامه، وصولاً إلي إعادة النظر في استراتيجياته وأدواره الحالية و المحتملة، وذلك بالعلاقة مع التغيرات الاجتماعية والسياسية الحالية .
تتأتى أهمية المؤتمر من واقع اللحظة الراهنة، ومن الأسئلة الجوهرية التي يطرحها المؤتمر والتي يتحمل تبعات محاولة الإجابة عليها، أهمها سؤال حرية التعبير والتي تطال السياسات الرسمية و المستقلة علي حد سواء، وتعني بالقطاعات المجتمعية كافة (الفنية والتربوية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ) كما تلتفت إلى المكونات البشرية المختلفة بتنوعها العمري و الجندري و العرقي والعقائدي.
أولاً – دور القطاع الثقافي المستقل في المشاركة في قيادة التغيير السياسي و الاجتماعي
يوصي المشاركون، القطاع الثقافي المستقل:
1. أن يقوم بمؤسساته الفاعلة و أفراده من مبدعين ومثقفين بالعمل دون تباطؤ على تحمّل مسئوليته تجاه احتياجات المجتمعات العربية في لحظة التغيير الاستثنائية هذه، متخليا̋ عن أي تردد أو تشكك في فاعلية دوره والحاجة إليه.
2. أن يقوم بمراجعة برامجه و إمكاناته البشرية والمادية وتوجيهها لدعم كافة المبادرات التي تربط الممارسة الفنية والثقافية بإيقاع الحراك المتسارع علي المستوي السياسي والاجتماعي، مع مراعاة الالتزام بالمقتضيات الجمالية و الإبداعية للعمل الفني و الثقافي.
3. أن يقوم بالضغط على المؤسسة الثقافية الرسمية لكي تتعامل معه من منظور الشراكة الندية، وأن تمكنه من أدوات الإنتاج اللازمة لممارسة مسؤولياته وأن تلغي كافة المعوقات الإجرائية في مختلف أنحاء المنطقة العربية وذلك جتى يستجيب لمتطلبات اللحظة الدقيقة.
4. أن يعمل مع القطاع الحكومي، ومع المجالس التشريعية، على التوصل لمقترحات جدية بخصوص تعديل البنية القانونية و التشريعية، تحديدا̋ فيما يخص قوانين الجمعيات الأهلية و النقابات الفنية، لتحقيق أوسع بنية تنظيمية فاعلة قادرة على أداء دورها.
5. أن يهتم بالتنسيق والتفاعل مع كافة الفعاليات والحركات الاجتماعية والحقوقية التي تتبناها مؤسسات المجتمع المدني والمساهمة فيها ومن خلالها يتمكن من تفعيل دوره وبرامجه الهادفة لدفع التغيير الاجتماعي.
6. أن يسعى إلى تعزيز مكتسبات القطاع الثقافي المستقل بعد الثورات (ومنها تقديم الفعاليات في الفضاء العام كالفن ميدان على سبيل المثال) و الحؤول دون تهميشها أو الالتفاف عليها.
ثانيا : السياسات الثقافية:
اتفق المشاركون في المؤتمر علي أن مرحلة التغيير السياسي والاجتماعي التي تمر خلالها المنطقة العربية تتطلب إعادة نظر جوهرية في السياسات الثقافية التي تتبعها المؤسسات الرسمية في البلدان المختلفة، و التي مازالت استمرارا̋ لسياسات الأنظمة القديمة في تكريس الثقافة في خدمة السلطة السياسية واحتكار كل عمليات الإنتاج والتوزيع الثقافي وتركيزها في المدن الكبرى ولخدمة قطاع محدود من المجتمع، وحرمان معظم المؤسسات المستقلة والفنانين الذين لا يعملون في المؤسسات الحكومية من فرص الدعم المالي والفني والإعلامي.
في هذا الخصوص يوصي المشاركون بما يلي:
- في البلدان التي تمر بتغيير سياسي جذري، توضع آلية انتقالية للقطاع الثقافي الحكومي – بمشاركة المؤسسات الثقافية المستقلة – تضمن عدم انقطاع الخدمات الثقافية عن المواطنين ووصولها إلي أكبر عدد ممكن من الناس ومواكبة هذه الخدمات لاحتياجات مراحل التغيير السياسي والاجتماعي؛ وفي نفس الوقت تحدد آلية لرسم سياسية ثقافية على المدي الأطول.
- في جميع البلدان العربية، يتم اقتراح سياسات ثقافية جديدة مبنية على أسس دمقرطة الثقافة ولامركزيتها، وعدالة توزيع الخدمات الثقافية، ودعم حرية الإبداع والتأكيد علي أهمية التنوع الثقافي، وتعدد أشكال ومصادر التعبير الثقافي، مع مراعاة أن تستمد هذه السياسات الثقافية الجديدة شرعيتها من كونها نتيجة لحوار مفتوح وواسع بين كل الأطراف الأهلية والحكومية المعنية بالثقافة.
- قيام مؤسسة المورد الثقافي بنشر و تفعيل نموذج " المجموعة الوطنية للسياسات الثقافية " وتعزيز دور الشباب فيها. وهو النموذج الموجود حاليا̋ في بعض البلدان العربية، ودعم عمل هذه المجموعات، بما يمكنها من قيادة الحوار الوطني حول السياسات الثقافية .
- نهوض المجموعة العربية للسياسات الثقافية بمهمة دراسة وبحث الأشكال الشائعة في البلدان المختلفة لهيكلة القطاع الثقافي، بما فيها مجالس الفنون الوطنية والمؤسسات ذات الصبغة شبة الحكومية، على أن تتاح نتيجة هذه الدراسة لكل المعنيين برسم السياسات الثقافية في المنطقة العربية. ولتحقيق ذلك، تقوم المجموعة العربية بالاستعانة بما يلزم من خبرات في سبيل إنجاز هذه الدراسة خلال ثلاثة أشهر .
ثالثا : التمويل
يعتبر التمويل أحد التحديات المستمرة لتعزيز دور و أداء القطاع الثقافي المستقل في الدول العربية و في ضمان استقلاليته. و مع مرحلة التحول السياسي و الإجتماعي التي تمر بها المنطقة، يستعيد القطاع الثقافي المستقل قدرته على الضغط نحو توزيع ديمقراطي للأموال العامة. و يوصي المشاركون في المؤتمر بإتخاذ الخطوات الفعلية التالية :
- المطالبة بتحديد " حد أدني " لا يقل عن 1 % من الموازنة العامة في كل بلد يخصص للثقافة، على أن يتم تحديد نسبة معلنة لدعم المبادرات الثقافية المستقلة بالتوافق و الحوار مع القطاع الثقافي المستقل في كل بلد.
- إنشاء صناديق محلية تدعم المبادرات المستقلة من مؤسسات و أفراد يشارك في تمويلها رأس المال المحلي، إضافة إلي عقد شراكات إستراتيجية مع مؤسسات القطاع الخاص و تفعيل مبدأ " المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص " واستخدامه لدعم الثقافة.
- استكشاف مصادر تمويل جديدة مثل: استثمار أموال الوقف و الفوائد المصرفية و عائدات الضرائب و تأسيس يانصيب وطني لدعم القطاع الثقافي المستقل، على أن تتم تهيئة المناخ الثقافي اللازم لتطوير هذا التوجه.
- العمل علي أن ينوّع القطاع الثقافي المستقل مصادر تمويله المحلية و الأجنبية في أي مبادرة أو مشروع. و أن يعمل على ضمان جزء من تمويله من خلال المساهمات العينية و رأس المال البشري التطوعي.
- تطوير دور جهات التمويل الأجنبية كشريك رافع لتشجيع رأس المال المحلي.
- إعادة الاعتبار لمبدأ الرعاية التجارية كمصدر تمويلي إضافي باعتباره آلية ضرورية و مكملة لمبدأ الشراكة مع القطاع الخاص.
رابعا : الإدارة و الحوكمة و المهارات
يوصي المشاركون في المؤتمر بـ :
- دعوة المؤسسات الثقافية العربية المستقلة إلي التركيز على مبدأ حرية الإبداع وكرامة الفنان والفاعل الثقافي.
- دعم المؤسسات الثقافية المستقلة في تأهيل كياناتها وجعلها تستجيب لراهن لحظة التغيير الإجتماعي والسياسي و ذلك عبر إدارة كفوءة ومن خلال اعتماد مباديء الحوكمة الجيدة والشفافية، ومساءلة أدوارها وتجديد أرضيتها التنظيمية و الفكرية و المعرفية.
- اعتماد آليتي التعاقد والشراكة في صوغ العلاقة مع المؤسسة السياسية و القطاع الخاص و منظمات المجتمع المدني الأخرى.
- سن سياسة في مجال التكوين (التدريب) وبناء القدرات العاملة في حقل القطاع الثقافي العربي المستقل بما يؤهل الموارد البشرية ويرفع من مهنيتها.
خامسا : التشبيك والتعاون:
- إيجاد ألية للتعاون والتشبيك وتبادل الخبرات و كذلك الدعم الفني و المادي فيما بين المؤسسات و الفنانين و الفاعليين الثقافيين في القطاع الثقافي المستقل على المستويين المحلي الإقليمي، سواء عبر فضاء إليكتروني أو نشرة دورية أو غير ذلك من الآليات.
- الاتفاق علي آلية تشارك فيها المؤسسات الثقافية المستقلة و المبدعون و غيرهم للتضامن مع حالات القمع والرقابة والمصادرة وانتهاك حرية التعبير، التي تهدّد الفن و الإبداع في المنطقة على أن يتم التركيز على المؤسسات المستقلة الصغيرة و الناشئة و الفاعلين الثقافيين الأفراد من الشباب، وكذلك خلق قوي و ائتلافات للضغط و المناصرة و التنديد بالانتهاكات في حق الفنانين و المبدعين و المؤسسات الثقافية المستقلة، مع التركيز على استخدام وسائل الإعلام البديل لهذا الغرض.
- استكشاف أفاق التعاون و الحوار مع المؤسسات الرسمية في كل القطاعات المؤثرة و التي قد تلعب دورا في العمل الثقافي.
- البناء على نماذج و أمثلة التعاون مع المؤسسات المدنية في القطاعات الأخرى مثل التعليم و التنمية و حقوق الإنسان و الإعلام و غيرها، بهدف تضمين المكون الثقافي في برامج و خدمات هذه المؤسسات.
- بذل الجهد نحو مزيد من التعرف على أفكار القوى والتيارات الدينية ومحاولة إيجاد شراكات و بناء ائتلافات داخل القطاعات العقائدية المختلفة.
توصية عامة :
يشكل المؤتمر في نهاية أشغاله لجنة تنسيقية تعمل على متابعة تنفيذ التوصيات ووضع خطط عمل تنفيذية حسب أولويات الفعل الثقافي في المرحلة الراهنة.
تعتمد المعايير التالية في تشكيل اللجنة :
1.تتكون اللجنة من 16 عضواً
2.تمثل كل دولة بعضو واحد علي الأقل و ثلاثة أعضاء على الأكثر
3.التساوي بين الذكور و الإناث من الأعضاء
4.تنوع مجالات العمل و الاختصاصات الفنية
5.ثلت الأعضاء سنهم أدنى من الأربعين