بقدر ما أشادت المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، بالمسار الذي قطعه المغرب في مجال احترام حقوق الإنسان ، حيث اعتمد مسارا يتأسس على دستور بات يعد صكا حقوقيا بامتياز لتنصيصه على احترام حقوق الإنسان والمساواة وتتضمن ديباجته التعدد والتنوع الهوياتي، كما ينص على المساواة ونبذ التمييز والعنصرية،بقدر ما نبهت بنوع من التحذير إلى جوانب تخص تصاعد التمييز في بعض المناطق.
ففي باب الإشادة وصفت، إ. تيندايي أشيومي، الخبيرة المستقلة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري،المغرب بالبلد الرائد لتبنيه دستورا ينص على الالتزام الراسخ للمملكة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وينص على المساواة ونبذ العنصرية، ويضمن حرية الاعتقاد، كما ينص على التعدد والتنوع الثقافي، فضلا عن مصادقته على الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، التي تعد التزاما من جانبه حيال احترام وضمان المساواة بين الأعراق وحق كل شخص في أن لا يكون محط تمييز على أساس عرقه.
وقالت الخبيرة المستقلة ، "هناك إرادة سياسية لتنزيل أحكام الدستور، علما أن الدستور المغربي يكرس الهوية الموحدة وطنيا والمتعددة ثقافيا والتي تضم الهوية الأمازيغية وجعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية" وأبدت في هذا الصدد ارتياحا منسوبه مرتفع حيال تمتع اليهود المغاربة بحقوقهم على مستوى حرية المعتقد.
ومرتبة الريادة يحوزها المغرب أيضا بالنظر للسياسة التي اعتمدها في مقاربة قضايا الهجرة واللجوء،، حيث اتخذ خطوات كبيرة تعد نموذجية في المجال ، حيث أكدت المقررة الخاصة، في تقريرها الأولي الذي قدمته يوم الجمعة الماضي في ندوة صحفية في ختام زيارتها للمغرب دامت تسعة أيام ،"أن المغرب أخذ خطوات كبيرة على مستوى ضمان حقوق المهاجرين واللاجئين، وهي مقاربة تنبني على التعاون جنوب –جنوب ، وتستحق أن تكون موضوع اعتراف دولي ، وذلك بالنظر لكون المغرب قدم الكثير لهذه الفئات مقارنة ببعض مناطق العالم".
ولم يفت الخبيرة المستقلة أن تشير في هذا الصدد إلى الضغوطات التي يتعرض لها المغرب من قبل الاتحاد الأوربي، إذ بالنظر لموقعه الجيو اسراتيجي الذي جعله مقصدا للمهاجرين واللاجئين،يتم الضغط عليه من أجل إقامة مراكز لاحتجاز المهاجرين، حيث تبنت المملكة موقفا رافضا لذلك، وتحملت الكلفة المالية لتسوية وإدماج المهاجرين ، داعية في هذا الجانب البلدان الأوروبية إلى الكف في نفس الإطار عن الضغوطات على الحكومات الإفريقية بشأن تقييد حرية تنقل الأشخاص المنتمين لهذه البلدان، والدفع في اتجاه اعتماد مقاربة إفريقية تنبني على حقوق الإنسان في تدبير قضايا الهجرة .
وأكدت الخبيرة المستقلة، أنه خلال زيارتها للمغرب تمكنت من التنقل بكل حرية بين مدن الرباط، الدار البيضاء، طنجة، تطوان وأكادير، وأن هذه المناطق كانت من محض اختيارها ولم تضغط أو تمل عليها السلطات أي أمر بهذا الشأن، مشيرة أن عدم زيارتها للمناطق الصحراوية ، وعدم التقائها ببعض الأفراد الذين يعتبرون أنفسهم أنهم يتعرضون لنوع من التمييز يرتبط فقط بعدم توفر الوقت ، داعية مختلف الهيئات والمجموعات والإفراد إلى بعث ملاحظاتهم وتوصياتهم لها وأنها على استعداد لتضمينها في تقريرها النهائي الذي من المقرر أن تصدره في شهر يوليوز من العام القادم.
وفي يتعلق بالملاحظات التي وجهتها الخبيرة المستقلة للسلطات المغربية، تتعلق بتأخر إصدار القانون التنظيمي للأمازيغية، قائلة "إن الدستور المغربي جعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية، إلا أن القانون التنظيمي الخاص بهذا الجانب لازال لم يصدر بعد، داعية المغرب إلى العمل على إخراج هذا القانون وإدماج الأمازيغية في التعليم بشكل أمثل وكذا المرافق العمومية والمحاكم، بضمان الترجمة لغير الناطقين بالعربية،بما ينعكس على ضمان الحقوق".
كما نبهت المقررة إلى الخصاص الذي تعرفه بعض المناطق التي يقطنها الأمازيغ من حيث البنية التحتية والماء الشروب والكهرباء. كما نبهت إلى تعرض أقليات لانتهاكات تهم حرية العقيدة، خاصة بالنسبة للمسيحيين، والبهائيين، الذين لديهم تجربة مختلفة عن الطائفة اليهودية، وفق ما صرحت به الخبيرة.
كما نبهت إلى أن المغرب يواجه إكراهات وتحديات كبرى ترتبط بمسألة المهاجرين ، وأشارت في هذا الصدد إلى تصاعد التمييز ونوع من العنصرية اتجاه المهاجرين في مناطق الشمال، الذين صرح بعضهم لها بتعرضه لنوع من التجاوزات، تترافق بحالات ترحيلهم وفرض قيود على تنقلهم، وتعرض بعض الإناث منهم للتحرش، داعية السلطات إلى ترجمة مضامين الاتفاقيات الدولية على أرض الواقع باعتماد قوانين تجرم التمييز والعنصرية .
ف ع