طالب حقوقيون و فاعلون مدنيون خلال ندوة" للمنتدى المغربي للحقيقة و الانصاف" بالرباط حول "الديمقراطية و عدم الافلات من العقاب"، بتنزيل استراتيجية وطنية لعدم الافلات تديعما للمكتسبات الحقوقية و لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان.
واعتبر حسان كمون رئيس المنتدى المغربي لحقوق الانسان ان من مخرجات تسوية ملفات حقوق الانسان هي ضرورة عدم الإفلات من العقاب بوصفه سياسة ممنهجة للدولة. حيث كان مرتكبو الانتهاكات الجسيمة خلال سنوات الرصاص متأكدين من استحالة معاقبتهم. و اعتبر كمون ان اللاعقاب شمل بالاظافة الى الجريمة السايسية الجريمة الاقتصادية، و اصبح اللاعقاب بديهية لتدبير الشان العام.
من جانبه اعتبر احمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان الجانب القانوني لا يكفي لوحده للحد من الانتهاكات مشددا على ضرورة تضمن الخطة للمعايير الدولية و لتجارب العدالة الانتقالية في العام و هو ما سار عليه عدد من المتدخلين الذين شددوا على دور الرقابة المجتمعية على أجهزة السلطة و اعطاء امكانية وضع الشكايات للضحايا امام الاليات الدولية.
الندوة جائت بمبادرة من المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الإنصاف، بدعم من وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان لبلورة عناصر الإستراتيجية الوطنية لوضع حد للإفلات من العقاب. وجاء في ورقة الندوة "يعيش المغرب وخاصة مند الحراك الاجتماعي لسنة 2011 ورشا تأسيسيا مفتوحا. فقد أقر الدستور الجديد عددا من المبادئ والمقتضيات التي لا زالت بعضها يحتاج إلى تفصيل. ومن بين تلك المبادئ والأسس ، تلك المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة وبوضع حد للإفلات من العقاب. ويعتبر وضع حد للإفلات من العقاب انشغالا رئيسيا للحركة الحقوقية والديمقراطية الوطنية بما انه بشكل جوهر إرساء ضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وكانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد دعت في تقريرها الختامي من خلال توصيات حظيت بالقبول العام ،إلى انجاز عدد من الإصلاحات التي من شأنها الإرساء لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان .
لقد دعت هيئة الإنصاف والمصالحة في إحدى أقوى توصياتها (التوصية رقم 3) إلى :
- وضع إستراتيجية وطنية متكاملة، مندمجة ومتعددة الأطراف، لمكافحة الإفلات من العقاب؛ إستراتيجية تستند على المقتضيات التشريعية الحمائية الملائمة للمعايير الدولية ومتطلبات توطيد وحماية مسلسل الدمقرطة الجاري في البلاد، في إطار تتدخل فيه كافة الأطراف القانونية والقضائية والمدنية والتربوية والاجتماعية، بواسطة برامج تستهدف التصدي والوقاية والتحسيس والتثقيف والتكوين، وضمان تدابير زجرية فعالة ورقابة شفافة وعادلة للقطع مع كل إفلات من العقاب. ومن جهته فقد أقر الدستور في فصله الأول إن إحدى مرتكزات الدولة هي ربط المسؤولية بالمحاسبة.ويحدد الفصل 155 وما بعده بعض أوجه هذا المرتكزات ويقرر اعتماد ميثاق للحكامة يوضح معايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية وفق المبادئ والقيم الديمقراطية. كما أن الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان في نسختها المحينة , 2018قد خصصت محورا خاصا (المحور الفرعي السابع) والمتعلق لمكافحة الإفلات من العقاب ضمن مجالات تدخلها؛
إن الإقرار بربط المسؤولية بالمحاسبة وبوجوب ووضع خطة وإستراتيجية للحد من الإفلات من العقاب يحتاج إلى جهد متواصل من أجل إقناع مختلف الفاعلين بأهمية بلورة هذا المبدأ وصياغة تلك الحطة باعتبار دورها الحاسم في إرساء الوضوح والشفافية في تدبير الشأن العام وفي منع التجاوزات والتعدي على الحقوق الفردية والجماعية. وسواء على مستوى التربية والتكوين أو غلى المستوى الثقافي العام أو على المستوى القانوني أو على مستوى احترام القانون فإن هذه الخطة يجب أن تكون شاملة ومندمجة وقابلة للتنفيذ.