طالبت اللجنة الدولية للحقوقيين السلطات المغربية بإجراء إصلاح شامل للإطار القانوني المغربي بشأن حقوق وضمانات وإجراءات ما قبل المحاكمة، وذلك بهدف ضمان امتثاله التام للقانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وجاء هذا البيان عقب زيارة بعثة رفيعة المستوى إلى المغرب في الفترة من 24 إلى 27 أبريل 2017. وترأست البعثة مارتين كومت، القاضية الشرفية والرئيسة السابقة لمحكمة استئناف أورليان بفرنسا، كما شملت فرانسوا كاساسوس-بويلهي، قاضي وممثل النيابة العامة السابق بفرنسا؛ وسعيد بنعربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى اللجنة الدولية للحقوقيين؛ وجوليا صولدان، مديرة البرامج لدى اللجنة الدولية للحقوقيين عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتشاورت اللجنة الدولية للحقوقيين مع أعضاء البرلمان والسلطة القضائية، وكذلك مع مسؤولي السلطة التنفيذية، بشأن الإصلاحات اللازمة من أجل تعزيز الضمانات والإجراءات المتعلقة بالحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي، فضلا عن توفير الحماية الفعالة للحق في الحرية والأمن الشخصي.
وفي إطار هذه البعثة، أصدرت اللجنة الدولية للحقوقيين تقريرها حول: اصلاح نظام العدالة الجنائية في المغرب؛ تعزيز حقوق وضمانات واجراءات ما قبل المحاكمة، والذي يوضح كيف أصبح استخدام الاعتقال الاحتياطي كأمر روتيني، وكيف يتجاهل قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة بشكل اعتيادي مقتضيات قانون المسطرة الجنائية التي تنص على عدم اللجوء للاعتقال الاحتياطي إلا في حالات استثنائية.
ويمثل المعتقلون احتياطيا في المغرب ما يزيد عن 40% من المساجين، وفي معظم الأحيان لا يتم فصلهم عن المدانين في السجون، مما يعد انتهاكا لحقهم في قرينة البراءة.
وفي هذا السياق، أكد سعيد بنعربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى اللجنة الدولية للحقوقيين، أنه: "على السلطات المغربية الامتثال لالتزاماتها القانونية الدولية، وضمان عدم اللجوء للاعتقال الاحتياطي إلا في الحالات الاستثنائية، كتدبير أخير فقط وعند وجود الأدلة الكافية التي تستوجب منع المشتبه فيه من الفرار أو التلاعب بالأدلة أو تكرار الجريمة."
ويوضح التقرير بالتفصيل عجز قانون المسطرة الجنائية عن توفير إجراء يمكن من خلاله لجميع الأفراد المحرومين من حريتهم، منذ لحظة اعتقالهم وحرمانهم من حريتهم، رفع قضية أمام محكمة مستقلة وغير منحازة تبت دون إبطاء في قانونية احتجازهم.
كما تعجز المقتضيات المتعلقة بالحراسة النظرية عن الامتثال لالتزامات المغرب بموجب القانون الدولي. فوفقا للإطار القانون حيز النفاذ، في حالات الجنح والجنايات المعاقب عليها بالحبس، يوضع الشخص رهن إشارة الشرطة تحت الحراسة النظرية لمدة قد تبلغ ثلاثة أيام من دون المثول أمام قاضٍ، ولمدة قد تبلغ ثمانية أيام في حالات "المس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي"، ولمدة قد تبلغ 12 يوما "إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية".
وأضاف بنعربية أنه: "على السلطات المغربية التعريف بأسس وضع الأفراد تحت الحراسة النظرية تعريفاً واضحاً ودقيقاً وتحديدها في القانون من خلال إدراج عناصر الملاءمة وقابلية التوقع واتباع الإجراءات القانونية الواجبة". وأضاف: "يجب تقليص المدة القصوى للاحتجاز تحت الحراسة النظرية من دون المثول شخصياً أمام قاضٍ إلى الحد الأدنى، بحيث لا تتخطى هذه المدة الـ48 ساعة في الحالات العادية".
كما دعت اللجنة الدولية للحقوقيين السلطات المغربية إلى تعزيز حقوق الدفاع في جميع إجراءات ما قبل المحاكمة وإزالة جميع العقبات التي تُخضع ممارسة هذه الحقوق لإذن من النيابة، أو التي تقوض الحق في دفاع فعال أثناء الإجراءات أمام قاضي التحقيق والنيابة العامة.
وصرح بنعربية انه: "على السلطات المغربية تمكين الشخص المعتقل أو المحتجز من المساعدة القانونية فوراً بمجرد وضعه تحت حراسة الشرطة وخلال المراحل الأولى للتحقيق، وقبل الاستنطاق أمام قاضي التحقيق أو النيابة." واختتم بنعربية مضيفا بأنه: "لا تقتصر هذه الضمانات على تحقيق المحاكمة العادلة فحسب، بما في ذلك مبدأ تكافؤ الفرص والأسلحة بين الادعاء والدفاع، بل انها كذلك ضمانات ضد الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة".